أوراسكوم» تنسحب من العراق فيخسر الاستثمار المصري بليون دولار
يـرد فـــي التاريخ الفرعوني أن فتنـــة دموية اندلعت في بلاد النيل بعد مصرع الفرعون الشهير أخناتون، بفعل الصراع بين كهنة «أمون» و «أتون»، فسارع قائد الجيش المصري في العراق، حور محب، للعودة الى بلاد النيل. فرض بهيبته وشجاعته وسيفه الهـــدوء، ووضع حداً للفتنـــة، وتـــــزوج نفرتيتي مؤسساً عهد الأسرة التاسعة عشرة التي حكمت مصر ردحاً مديداً من الزمن، اتسم باستقرار النفوذ الفرعوني في بلاد الرافدين والشام. فحتى في ذلك الزمن، أدرك الفراعنة أن العراق يشكّل جزءاً أساسياً من المدى الاستراتيجي لمصر. ويصعب ألا تحضر صورة المنقذ حور محب عند قراءة الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام أخيراً عن انسحاب شركة «أوراسكوم تيليكوم» (التي يرأسها نجيب ساويروس) من العراق، ببساطة لأنها تمثل، بصـــورة شبــه حصرية، مجمل التواجد المصـــري في الأعصاب الاستراتيجية للعراق المعاصــــر. ومع ذلك، تعاملــــت الجهات الرسمية مع هذا الانسحاب المدوي ببرودة هائلة!
وأيضاً، للمرة الأولى في مصر يكون للقطاع التكنولوجي الريادة في تقليص حجم استثمار البلاد في الخارج. إذ أن ذلك الانسحاب هبط بحجم الاستثمار المصري في العراق إلى رقم لا يتجاوز 100 مليون دولار، في مقابل بليون و300 مليون دولار عام 2006، بحسب إحصاءات رسمية. ويبلغ حجم استثمار «أوراسكوم» في شبكة «عراقنا»، التي أسستها في المنطقة الوسطى لبلاد الرافدين في العام 2003، بليون دولار. واستغرب وزير المال العراقي بيان جبر، المشرف على المنافسة على شبكة الخليوي، في منتصف الشهر الجاري، ذلك الانسحاب. وبدا استغرابه قريباً من استهجان الشارع المصري لذلك الحدث عينه. فقد أبدت الشركة دوماً تصميمها على الاستمرار في العمل في ذلك البلد، على رغم تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية فيه.
واستطاعت تأمين الخدمات الخليوية المتطورة الى قرابة مليوني عراقي. ومن الناحية التقنية، عانت شبكة «عراقنا» من عمليات تشويش جاء معظمها من قوات التحالف، بحسب ما أوضحه نشأت بيومي، وهو من مسؤولي «أوراسكوم»، مُشيراً الى أن الجهات الرسمية العراقية لم تستطع وضع حل لهذه المشكلة.
وأوضح أن الشركة انسحبت من «المزايدة على ترخيص الشبكة، لأن الثمن مبالغ فيه؛ فذهبت الرخصة الى شركات «الاتصالات المتنقلة الكويتية» و «آسيا سيل» و «كوريك تليكوم». وما يدهش هو رد فعل الحكومة المصرية، الذي جاء باهتاً.
فقد أشاد رئيس الوزراء أحمد نظيف بشركة «أوراسكوم»، ولم يتطرق الى انسحابها من العراق! ووصف وزير التجارة الخارجية والصناعة رشيد محمد رشيد في تصريح الى «الحياة» ذلك الانسحاب بأنه «خسارة».
جابر القرموطي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد