أحياناً أضحك على البنوك (2-2)
يظهر أني مضطر إلى استعراض ملخص ما نُشر أمس، ليسهل على القارئ متابعة القصة.
اكتشف احد الشباب العاطلين عن العمل أن حسابه البنكي الخالي الوفاض صار يستقبل إيداعات شهرية بمبالغ محترمة. تصرف الشاب بالمال إلى أن احتج البنك، ثم نصحه صديق له «كان يعمل في قطاع البنوك»، بأن يقايضهم تسديد المبالغ بالتقسيط من راتب وظيفة يوظفونه بها في البنك فكان له ما أراد.
سألت موظف البنك السابق: لماذا نصح صديقه العاطل - حينذاك عن العمل - تلك النصيحة؟، أجاب أنه أراد ضرب عصافير عدة، أهمها كشف عدم صدقية البنك وبعض مديريه في التوظيف، إذ سبق ان تقدم لهم أكثر من شاب مؤهل ولم يوظفوه، بسبب المحسوبيات، قلت: لسبب مثل هذا تعرض ذمتك للخدش؟
بَحْلَق الرجل في وجهي قليلاً ثم رد قائلاً: ذمتي أضرت بي... قلت: كيف؟ قال اسمع الحكاية: كنت موظفاً في احد البنوك واستقبلت مندوباً لإحدى الشركات يرغب في إيداع مبلغ من المال «نقداً» في حساب الشركة، سألته كم المبلغ؟ فقال مئة ألف ريال، وبخبرة الموظف البنكي كان منظر المال أكثر من مئة ألف ريال، خصوصاً أنه من فئة المئتي ريال، وهي فئة يخطئ الكثير في عدها مثلها مثل العشرين ريالاً.
سأل موظف البنك مندوب الشركة: هل أحضرت المال من الشركة أم سحبته من احد البنوك؟ فأجاب بأنه سحبه قبل قليل من احد البنوك، فاتصل موظف البنك بالفرع المسحوب منه المبلغ، وهو لبنك آخر، وسألهم فقالوا نعم سحب منا مئة ألف ريال قبل قليل... فطلب منهم بإلحاح التأكد والاتصال عليه، وما هي إلا دقائق والهاتف يرن حاملاً صوتاً منفعلاً فيه سخط مختلط باستعطاف، وتوضيح بأن هناك خطأ من الصراف ورجاء حار بإعادة المبلغ الزائد.
على عجل حضر مندوب من البنك الآخر وتسلَّم المبلغ الفائض، ثم «تلقف» صديقنا البنكي السابق، وأخبر مديره عن القصة مزهواً بأمانته، وكانت المفاجأة أن المدير غضب وانفعل قائلاً له «وش لقفك!؟»، كان ينتظر الشكر والتقدير على أمانته، فتحول الأمر إلى توبيخ على «اللقافه»! ومن يومها، يقول الموظف البنكي السابق، أصبحت شخصاً غير مرغوب فيه من سعادة المدير إلى أن حصلت على وظيفة أخرى خارج البنوك.
سألته عن بطل القصة الأولى، وهل ما زال موظفاً في ذلك البنك، فأخبرني انه تمت ترقيته، حتى انه يتجنب الاتصال بمن نصحه وكأنه لا يعرفه! ألا تلاحظون أن «بعضاً» ممن تنصحهم نصيحة تغير أحوالهم يبتعدون عنك!
عبد العزيز السويد
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد