صيادلة في سوريا يؤجرون شهاداتهم لعدم قدرتهم على تكاليف افتتاح صيدلية
تأجير شهادة الصيدلة هي من الأمور الشائعة في سوريا، ولكن المستغرَب اليوم، انتشار ظاهرة نشر صاحب الشهادة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتأجير شهادته بحثا عن السعر الأفضل.
في مجموعة على " فيس بوك" تضم صيادلة، تعليقات عديدة أتت مبديةً استغرابها من هكذا طرح على العلن، معتبرين أن جرأة طرح تأجير الشهادة يدل على أن الرقابة على الصيادلة والصيدليات شبه منعدمة .
الصيدلانية ديمة قالت إن مهنة الصيدلة تتعرض للكثير من الاستباحة والإشكالات بسبب "المتصيدلين"، متعجبةً من انتشار تأجير الشهادة.
وتساءلت هل يوجد أستاذ أو طيبيب أو مهندس يمكنه تأجير شهادته، في حين أن الصيدلي في سوريا يتمكن وبسهولة من هذا الفعل المعيب .
ظاهرة شائعة
الأستاذ الدكتوررشاد محمد ثابت مراد الذي يدرِّس مادة علم الأدوية بجامعة دمشق قال إن تأجير شهادات الصيدلة في سوريا شائعة منذ حوالي ثلاثين عاماً، ووصفهم بالدخلاء على المهن الطبية والمتاجرين بالصحة العامة، ناهيك عن إساءتهم للهدف السامي الذي وجِد الطب من أجله.
وقال مراد إن هؤلاء يمثلون ظاهرة غير صحية و يشكلون خطورة كبيرة، ويهددون الصحة والأمن الدوائي ، مبيناً أن التعامل مع صحة الانسان أمر مقدس ويتبع للقسَم الطبي، هذا الأمر الذي لا يمكن تقديره من الدخلاء على المهن الطبية وتالياً ملاحظة العديد من الإساءات المتعلقة بصحة المرضى بسببهم.
ولفت مراد إلى أنه من الضروري تكثيف المتابعة والتنسيق بين مديريات الصحة وكافة فروع نقابة الصيادلة، مبيناً أنه في الدول الأُخرى يوجد قواعد صارمة تضبط المهنة ومن الصعوبة اختراقها.
وأشار مراد إلى أن أعداد الصيادلة كبيرة جداً في سوريا، ويجب الاستفادة منهم والتخلص من ظاهرة تأجير الشهادات .
مخالف للقانون
أمين سر نقابة صيادلة سوريا زياد المظلوم قال إن عدد المنتسبين إلى النقابة المركزية يصل إلى نحو 37 ألف منتسباً، مشيرا إلى أن تأجير الشهادة يخالف عليه القانون، أما الإجراءات المتخذة فتتمثل بتسديد الغرامة، إغلاق الصيدلية وإحالة الشخص الموجود في الصيدلية الذي يمتهن هذه المهنة إلى القضاء بتهمة انتحال صفة.
وفقا للمظلوم، يحوّل الصيدلاني إلى مجلس التأديب في النقابة الذي برئاسة قاضي من وزارة العدل، لمحاكمة الصيدلاني . كما يوجد لجنة مشتركة بين النقابة ووزارة الصحة، ومن خلال الشكوى المقدمة إلى اللجنة أو لَحظها لأي مخالفة بهذا الخصوص أثناء دورياتها يتم مباشرة الضبط لإجراء اللازم فيما بعد.
إجراءات غير كافية
وأوضح المظلوم أن عقوبة الصيدلاني الذي أجَّر شهادته عبارة عن غرامة مادية قيمتها خمسمائة ألف ليرة أو مليون، أو مليون وثمانمائة ألف ليرة، يقدرها القاضي تبعا لنوع المخالفة، فالعقوبة تختلف ما بين من أجَّر شهادته وزاول المهنة أو من لم يزاولها.
ويوضح أنه "في حال فتح المجال لمزاولة المهنة لأحد آخر غير مؤهل تزداد الغرامة المالية حينها.
وبين المظلوم أنه شهريا يأتي إلى النقابة من كافة الفروع ما بين ضبطين إلى ثلاثة ضبوط مخالفة تأجير شهادة الصيدلة وجميعها تأخذ مجراها القانوني فيما بعد.
في حين يرى الدكتور رشاد مراد أن الإجراءات المتبعة غير كافية، وأنه من الضروري تكثيف المتابعة والتنسيق بين مديريات الصحة وكافة فروع نقابة الصيادلة، وأنه من هذا المنطلَق عندما يكون النظام الصحي قوي والعقوبات شديدة تصل إلى السجن لمدة طويلة فحينها سينخفض أعداد الذين سيتجرؤون على تأجير شهاداتهم.
مبررات
ثمّة من يبرر ظاهرة تأجير الصيادلة لشهاداتهم. أحد الصيادلة الذي آثر عدم ذكر اسمه قال إن النسبة الكبرى من الخريجين والمنتسبين للنقابة لا يستطيعون امتلاك أو استئجار صيدلية، خاصةً في هذه الأوضاع من غلاء الإيجارات كل فترة وأخرى، ناهيك عن مشاكل الكهرباء والمياه، إضافةً إلى الضرائب المفروضة.
وأوضح أنه "ليتمكن أي خريج من فتح صيدليته يحتاج إلى عشرة ملايين ليرة مبدأيا، وأنه مبلغ غير كافي ولا يؤهله لتوفير جميع أصناف الأدوية في صيدليته".
يضيف: هذا المبلغ ليس في متناول ومقدور الجميع، ولا وجود لقروض تُعين الراغب لتأسيس عمله الخاص في صيدلية له وإن كانت بأقل الإمكانيات في البداية .
ويشير إلى أن الصيدلاني في حال لم يعمل فيجب عليه دفع رسوم عدم مزاولة المهنة، واصفاً وضع الصيدلاني بالمأساوي، ما يضطر نسبة ساحقة منهم تعليق شهادتهم على الحائط حسب تعبيره .
أمين سر نقابة صيادلة سوريا زياد المظلوم بيّن في حديثه ل"هاشتاغ" أنه لا مبرر لهذا الفعل تحت أي ذريعة، وأي صيدلاني يسمح لآخر غير مؤهل بمزاولة المهنة بدلاً عنه إنما يرتكب مخالفة جسيمة يعاقب عليها القانون.
ويؤكد: "عندما يحصل الصيدلاني على إذن فتح الصيدلية والترخيص، فإنه يوقع تعهدا بأن الصيدلية خاصة به و يقع على مسؤوليته العمل والدوام فيها بشكل شخصي مباشرةً"
هاشتاغ
إضافة تعليق جديد