الحياة ما بعد الموت عند مختلف الأديان والمعتقدات
كثير من الناس من هم لا يعرفون سوى حقائق بسيطة عن ماهية الأشياء التي تحيط بهم لوجود سيف المعتقدات والعادات والأفكار المحدودة التي يقدمها المجتمع، ومن بين هذه الحقائق حقيقة الحياة بعد الموت، وأين تذهب ”روح الإنسان“، وكيف لنا أن نقتنع تماما بأن عقيدتنا هي الصحيحة، بعد إكتشاف أكثر من ديانة ومذهب وطائفة ينتمي إليها عدد ليس بالقليل أبداً من سكان الكوكب.
فلنتعرف على هذه الحقيقة عند بعض أهم الديانات غير المعروفة عالمياً:
الطاوية:
تعتبر الطاوية من أقدم المعتقدات والفلسفات، وقد وجدت أولى الجذور لها عند الصينيين القدماء الذين يعتنقونها بتجرد وإيمان تام منذ ألفي عام.
إن فكرة الموت عن الطاويين تتمثل بعبور الإنسان المتوفي جسراً من حياته إلى حياة أخرى، ليلتقي بعشرة قضاة يحاسب من قبَلهم، فيقررون إن كان قد عاش حياةً سليمة ونزيهة أو سيئة، وعليه يقررون إرساله إلى الجنة أو نفيه إلى مكان آخر غير الجنة، وهنا تكون قد خضعت روحه للعقاب.
الحياة ما بعد الموت عند مختلف الأديان والمعتقدات
وقد دفع هذا المعتقد بالأباطرة الصينيين إلى دفن ممتلكاتهم معهم من أشياء ثمينة ومهمة وصولاً إلى البشر، حيث كانوا يأخذون معهم بعضاً من الحاشية والخدم والحراس لدفنهم معهم في القبر كتضحية إيماناً منهم أنهم بهذه العملية يضمنون حياة آخرة تشبه حياتهم التي عاشوها قبل الموت، ونتيجةً لهذا الاعتقاد بنى الإمبراطور الصيني ”تشين شي هوانغ“ جيش ”التيراكوتا“ وأخذه معه إلى قبره الكبير، الذي أوصى ببنائه ليتسع لهذا الجيش الذي كان مؤلفاً من الطين والاسمنت جامعاً كل تشكيلاته من: جنود وقياديين وعرفاء، كما كان قد أمر أيضاً بدفن جميع حاشيته والنساء اللواتي يقمن بخدمة والده (من اللواتي لم ينجبن الأولاد) معه.
كان هذا المعتقد السبب الرئيسي في تعاسة معظم الموظفين والخدم في بلاط الإمبراطوريات الصينية، حيث كانت الحواشي تجبر على التضحية بنفسها في جنازات سادتها.
الهندوسية:
هي ديانة متواجدة في منطقة الهند والنيبال، يعتنقها 900 مليون نسمة حول العالم وتتلخص فكرة الموت عندهم في شقين أساسيين يتحددان بحسب تصرفات الإنسان وأفعاله بالحياة وهما: ”الكارما والتناسخ“ ويعني ولادة المرء مرة أخرى على هيئة إنسان آخر، أو حيوان، أو حشرة، أو نوع من أنواع النباتات.
بعد الوفاة تحدد الكارما الهيئة التي يجب على الشخص أن يتجسد بها على حسب أعماله وتصرفاته في حياته ما قبل الموت، هذه التصرفات التي يحكم من خلالها على شخصيته الجديدة.
وتوجه الكارما نمط حياة المرء في أعماره السابقة واللاحقة، وتحدد مصيره والهيئة التي يتجسد بها من جديد، وإذا كانت حياته السابقة جيدة بما فيه الكفاية فإنه يحصل على حياة جديدة بشخصيته ذاتها، ولكن حياته ستكون عن طريق الحظًٍ لأن الإنسان في الكارما يكون اما هابطاً أو صاعداً على حسب تسلسل هرمي، من خلاله يقرر مصير صنعه من جديد وهيئته الروحية الجديدة.
البوذية:
تؤمن هذه الديانة بإنتقال روح الإنسان منه إلى جسد آخر، ويرون أن الحياة هي عذاب وأن الموت هو الراحة الأبدية لروح الإنسان، وإذا كانت أفعال الإنسان سيئة فستعود هذه الروح لنفس الجسد وتحرم من الخلود والذهاب إلى النيرفانا (حالة خلو الحياة من المعاناة عند البوذيين) والتي هي حالة الانطفاء الكامل التي يصل إليها الإنسان بعد فترة طويلة من التأمل العميق فلا يشعر بالمؤثرات الخارجية المحيطة به على الإطلاق، أي أنه يصبح منفصلا تماما بذهنه وجسده عن العالم الخارجي.
أما عند المصريين القدماء أو ما يعرف بـ”الفراعنة“، فقد تساءل الإنسان آنذاك كثيراً عن الموت، فقد بحث واكتشف من خلال الطبيعة المحيطة به أن القمر والشمس يظهران ثم يختفيان، ونهر النيل يفيض مرة واحدة سنوياً، والزرع ينبت ثم يجنى ثم يزرع غيره، وهكذا دواليك، ومن هذا المنطلق شبه نفسه بالطبيعة حوله وأيقن أن هناك حياة أكيدة بعد الموت لا مفر منها، وبعد أبحاث وتأملات طويلة ارتأى الإنسان المصري القديم أن الروح تخرج من الجسد وتذهب لمكان آخر، ولكن كيف لها أن تكون روحاً بلا جسد، ثم ابتكر التحنيط الذي هو من أقدس الشعائر في الجنائز الفرعونية، وقد أطلق على الروح اسم ”با“ وعلى الجسد اسم ”خت“.
الشيطانية:
تعتقد هذه الديانة أن الإنسان يمكن له التحكم في الموت ومقاومته والعودة إلى الحياة، وهي تعترف كل الاعتراف بأن الموت هو النهاية ولكنه في آخر المطاف النهاية الأبدية الجميلة لكل إنسان، حيث أنه يخضع لعملية الدوران الجيني، كما هو موضح في شعارهم (أفعى تأكل ذيلها بشكل لولبي)، وهذا دليل على إعادتها لحياتها عن طريق التحلل والدوران الجيني، ويعني الدوران الجيني أن يعود الإنسان لحياته المعتادة أو يعيش حياةً أخرى أفضل.
وعموما لا تهتم الديانة الشيطانية بالموت كثيراً بل هي تركز على فكرة العيش المؤبد واكتفاء الإنسان من حياته وعيشها بكل ما أوتي من قوة وعلم وطاقة، ومن أنواع الإنتقال بعد الموت عندهم هو أن يقوم الإنسان المتوفي بالعيش على ذكريات أناس قد توفوا من قبله وقرروا البقاء متوفين وعدم الإنتقال إلى أي حياة ثانية، ولا حتى حياتهم الأصلية، والجدير بالذكر أنه لا وجود للجحيم عندهم كعقاب في الحياة الآخرة، وما هو إلا طريقة من أحد طرق العيش الأبدي والسعيد في الآخرة.
الصابئية:
أما في الديانة الصابئية، فيرون أن الإنسان يحملُ في مادة جسده الفانية ”نسمة النور“ (نشمثا) وهي الوحيدة التي لا تموت ولذلك تخرجُ من الجسد بعد الموت لتعود إلى عالم النور، أما الجسدُ فيفنى.
إن أساطير خروج الروح ومحاولتها العودة إلى عالم النور تشكِّل المتن الأساسي في ما نسميه بأساطير الموت أو النهاية، لكن عودة الروح وعروجها تشكّل نصف الدائرة، بينما يشكل هبوط الروح من عالم النور إلى الجسد النصف الأول في بداية خلق الإنسان، ولذلك تتكون دائرة الروح من نصفين مترابطين، وتكون أساطير هذه الدائرة مشتملة على ميثولوجيا المبدأ (حيث هبوط الروح في خليقة الفرد) وميثولوجيا المعاد أو العروج (حيث صعود الروح بعد موت الفرد)
إضافة تعليق جديد