11-10-2022
في رثاء قمر الزمان علوش
نبيل صالح:
إذاً فقد رحل قمر الزمان علوش الكاتب العلماني المسالم صاحب الضحكة المهذبة من دون أن يكون له أعداء ، وأنا أغبطه لمغادرته لنا قبل أن يشهد ظهور الجمهورية الإسلامية الديماغوجية، التي ستقودها الأخوات الداعيات وأخوة الفريق الديني الشبابي والرفاق الخالدون، كمحمية سلفية تقول أن الرب اعتمدهم من دوننا ليحييوا دولته في سورية بعد العراق !؟
غدا صباحا سوف يرقد جثمانك مع باقي آل علوش في أرض حميميم التي قد تشهد الحرب العالمية قريبا ونكون فيها وقودا ورمادا حتى آخر علماني وإسلامي ومسيحي، لأننا لم نستثمر مشتركاتنا المادية والروحية ولم نفهم حركة التاريخ وأخطار المستقبل. وسوف لن يبقى منك ياصديقي سوى مقالاتك ورواياتك وسيناريوهاتك ونقاشاتك من أجل سورية العلمانية ..
ياقمر الزمان: نحن اليوم خارج الزمان ولكننا ما زلنا داخل الجغرافيا التي تحتوي أجداث أجدادنا الكادحين، منذ أيام الفينقيين إلى أيام البعثيين، ولو أننا استنطقنا ذواكرهم لقالوا لنا أن مصيرنا قد صنعناه بأيدينا كأبطال خاسرين أبداً لمعارك العقل ومستسلمين لعفونة النقل، قبل أن تأتي المسيحية والإسلام بمليون عام، منذ أن عاش أجدادنا الأوائل على نهر الكبير الشمالي قريبا من مرقدك في حميميم، وأهدوا للعالم أبجديته وفأسه ومحراثه وقمحه وخمره وأساطيره وأشعاره وسلالاته التي انتشرت في آسيا وأوروبا ، فاتعظت وتطورت وتأنسنت ولم نتعظ نحن الأسلاف من أخطائنا بعد!؟
ياقمر جبلة المجبول بذاكرتها منذ أن كنت تعمل كاتبا للعدل في محكمتها إلى أن غدوت كاتبا للحب والجمال لكل السوريين: غدا وبعد غد سنمر على مقر عزلتك المهيب ونسكب على ترابك من نبيذ سورية العتيق ، كأول مشروب روحي انتشر بين أمم الأرض، ليجمل عالمهم القبيح فيتخيلونه عالما سمحا كما يحلمون به وليس كما يريده الكهنة والسياسيون : سجناً بلا فرح ولاحب أو جمال ..
استرح في عزلتك وراقب مانحن فيه واصنع مسلسلات لمن غادرنا من أهل الغيب، لايتدخل فيها رقيب ولاتحتاج إلى موافقات أمنية ودولارات خليجية أو تنازلات فكرية أو جنسية أو سياسية أو دينية ..أصنع دراما من الجمال والحب والسخرية من أهل الأرض الفاشلين الذين يظنون أن بمقدورهم الكذب على الله بالصلاة والصيام ووالزكاة ببعض من مالهم الحرام..
ارقد ياصديقي بسلام فالبحر من أمامك والجبل من خلفك وجبلة وجمالها في حضنك، ونحن لن نتأخر في انضمامنا إليك معترفين بفشلنا في بناء الوطن الحلم، وقد لايلحق بنا الذين من بعدنا إذا اشتعلت حميميم وسائر الأرض، ولكن يمكننا القول أننا عشنا بشرف وشجاعة وصدق كما يليق برجال سورية الأحرار ..
إضافة تعليق جديد