علاقة الحجاب بالسلطة الأبوية الذكورية
سامح عسكر:
في التاريخ القريب هناك نماذج لتجربة الحجاب سواء الموقف ضده أو معه، ففي تركيا مثلا وبعد الثورة الكمالية ضد رجال الدين في ثلاثينات القرن 20 فرضت قوانين خاصة لمنع الحجاب، بينما على النقيض من ذلك في نفس القرن فرضت السعودية وإيران وأفغانستان قوانين خاصة لفرض الحجاب، أصبح لدينا نموذجين غاية في التطرف والمنع ووجهات نظرهم متبانية بشأن الموقف الديني، فالثورة الكمالية أعقبتها فتاوى بعدم فرضية الحجاب، بينما النموذج الثاني أعقبته فتاوى بالفرضية
والسؤال المثير هنا: ما أهمية هذا الملبس النسائي لكي يتحدد بناءا عليه نظام الدولة بهذا الشكل؟..وهل كانت تركيا بحاجة لقوانين قمعية ضد غير المحجبات لكي تنهض وتتطور؟..وهل كانت السعودية وإيران وأفغانستان بحاجة لقمع غير المحجبات أيضا لكي يتطورا؟
إن أشهر جواب هنا يقول ..نعم إيران تطورت وصنعت القنبلة الذرية بالحجاب، والرد عليه تركيا أيضا نهضت وتطورت اقتصاديا وصارت من الدول العشرين وحلف الناتو من غير حجاب، هناك عوامل نجاح علمية واقتصادية وسياسية وعسكرية هي التي تصنع الدول ليس من بينها الملابس والشكل، فاليابان لم تتقدم بسبب الكيمونو النسائي ولا الهند لم تصبح من أكبر اقتصاديات العالم بسبب الساري، هذا تسطيح للمسألة وربط النهوض الأممي بالشكل والمظهر، ولولا أن هذه عادة لدينا من أثر التخلف العلمي والضعف السياسي والعسكري والاقتصادي لقلت أنها صناعة عربية فارسية تركية شرق أوسطية محضة، لكن الأمر أبعد من ذلك بكثير حيث تتحكم هذه الرؤية في كثير من الدول المتخلفة والضعيفة، حيث تمثل الأزياء المحلية ليس مجرد عرف يمكن تركه بسهولة بل هو ثقافة وهوية تصنع يقين المواطن بنفسه وتربط بينه وبين دولته
في تقديري أن الموقف من الحجاب له علاقة بالسلطة الأبوية الذكورية، فالأمر لا ينحصر فقط بشكل المرأة وملابسها بل بصناعة وإنتاج متكرر ودائم للسلطة الأبوية التي يمكنها فرض هذا الملبس أو التسامح فيه، وهذا الذي يصنع السلطة المعنوية والمادية في المجتمع، فمجرد أن يمتلك إنسانا ما سلطة المنح والمنع، أو العطاء والحجب..تكون قد ترسخت له سلطة اجتماعية يمكنه من خلالها أن يعاقب المعارضين ويرسم توجهات ذلك المجتمعات وفقا لتصوره أولا ولمصالحه ثانيا، ومن تلك الزاوية رافقت قرارات فرض الحجاب منع للنساء من الولايات العظمى والحصول على فُرصهن في (السلطة والثروة) لأن النفوذ الاجتماعي للذكر لم يعطهن استقلالا يمكنهم من الحصول على هذه الأشياء برغبتهن، فهي مزايا يملكها الذكر حصريا والذي لولا أن لديه سلطة (منح ومنع) الحجاب ما تشكلت سلطاته في رسم خريطة المرأة في المجتمع وطرق تحركها وأماكن تواجدها بل في رسم مظهرها العام والطريقة التي يجب أن يراها بها الذكور في الشارع
أستثني من ذلك الدول التي لا ينشط فيها الإسلام السياسي، لأن دلالة وجود هذا التيار في مجتمع يعني خلق وإنتاج دائم لمعارضيه والعكس صحيح، أي دلالة وجود خصم الإسلام السياسي يعني خلق وإنتاج دائم لهذا التيار، سنة الحياة والكون من أثر التدافع، والذي أعنيه أنه عندما فرض الخوميني الحجاب كزي إلزامي للنساء كان عن تدافع مع علمانيين وليبراليين ودعاة الحرية والنسوية في بلده، والعكس في تركيا عندما منع أتاتورك الحجاب كان عن تدافع مع إسلاميين وشيوخ وأصوليين في بلده، هنا صار الحجاب معركة يصبح الانتصار فيها ربحا في معارك أخرى متصلة بين الطرفين، فالمعارك الأيدلوجية مثل هذه لا تدار بالضربة القاضية ولكن بأسلوب النقاط وتسديد اللكمات الموجعة، مثلما يحدث في مصر منذ سنوات من صراع أيدلوجي بين الإسلاميين وبين التيار التنويري والعلماني الناقد للتراث من أثر ظهور داعش والقاعدة واستفحال خطر الإخوان بعد يناير، وكانت من نتيجة ذلك الصراع سجن العديد من التنويريين بتهمة ازدراء الأديان
هنا التيار الإسلامي – ممثلا في الإخوان والسلفيين – نجح في تسديد اللكمات والضربات الموجعة لخصومه لكنه لم يُقض عليهم، كذلك فالتنويريون نجحوا في تسديد ضربات ولكمات في المقابل مثل ضربة ختان الإناث التي أخرجت إجماعات الفقهاء المسلمين من نطاق الشريعة والعقل والمصلحة العامة، فكان تجريم ختان الإناث بالقانون يمثل انتصارا كبيرا على التيار الإسلامي الذي كان يستفيد من هذه العادة بقهر معنوي واجتماعي كبير للأنثى، وكذلك نجح التنويريون في تسديد بعض الضربات واللكمات بإلغاء مواد دستورية مذهبية كالمادة 219 في دستور الإخوان 2012 وهي المادة التي كانت تسمح بفرض الجزية مرة أخرى على المسيحيين وبناء عقد ذمة جديد يصبح فيها غير المسلمين مواطنين درجة ثانية وثالثة، كذلك في مشروعات الحقوق الشخصية والأسرية التي يجري الآن صياغتها بحقوق أكبر للمرأة الحاضنة، وأخيرا نجح التنويريون في إسقاط العديد من رموز الإسلاميين والتكفيريين آخرهم الشيخ "مبروك عطية" الذي لولا انتفاضة التيار العلماني المصري ضده ما انتبه الرأي العام العربي لكارثة دعواه
علما بأن ما قاله مبروك عطية مقبول من ملايين الشباب والإسلاميين الذين يريدون فرض الحجاب بالشكل الذي سقناه في النموذج الثاني، لكن الدولة ساهمت في نجاح جهد التنويريين بتسليط الضوء على ما قاله الشيخ في الإعلام ..ومن هنا يأتي دور الدولة في إنجاح وإفشال المعارك الأيدلوجية ، وهو دور محوري للغاية بل لا أبالغ إذا قلت أنه الدور الأهم والأكبر على الإطلاق وبدونه يفشل التنوير والتجديد الذي أعلنه الرئيس كبرنامج ثوري وعلمي بعد ثورة يونيو، ولنا ما يحدث في المملكة السعودية مثال من إصرار الأمير بن سلمان على مكافحة المتطرفين والتكفيريين على مستوى القوانين أو على مستوى القرارات الآنية التي يتخذها مثلما أصدر قرارا بتعيين الشيخ "محمد العيسى" إماما وخطيبا في عرفات ، وهو قرار هام جدا تعود أهميته أن خطبة عرفات تعد هي الخطبة الأهم والأبرز والأشهر عند مليار ونصف مليار مسلم، فهي بمثابة إعلان أو قرار سلطوي وفكري على كل المسلمين ساهم في السابق برفع شعبية الإخوان والسلفيين ..نظرا لأن خطيب هذا الموسم كان منهم أو يستخدم لغتهم وأسلوبهم وخطابهم الديني
أعود للحجاب فالموقف منه حصريا للرجال، فالمرأة لم تساهم في صنع قوانينه القمعية، فمن يفرض الحجاب لا يأخذ رأي نساء دولته، ومن يمنع الحجاب أيضا لم يأخذ رأي نساء دولته ، هنا تشعر المرأة بالاغتراب النفسي عن الوطن نظرا لأن تقييد حريتها في ارتداء ما تحب من ملابس ينزع منها حياتها وكيانها وقدسية جسدها كأغلى شئ تملكه، فهي وبرغم أن فرض الحجاب يحصل بخطاب يدعي الحفاظ على تلك القدسية للأنثى إلا أن فرض نمط معين من الملبس ومعاقبة النساء عليه يخصم من استقلالها الإنساني، فهي كائن يرى نفسه مستقلا عن الذكر ولا سلطة أبوية أو ذكورية عليه..لذا فردود أفعال النساء على جرائم التحرش الجنسي بهن تكون عنيفة بالغالب لأن شعورهن بانتهاك الجسد مؤلم للغاية وتهديد لهذا الشعور الأصيل باستقلالهن والمخزون في العقل الباطن..
سأذكر هنا مشهدين لتقريب هذا الشعور المؤلم
الأول: تخيل أيها الرجل أن قوانين بلدك كانت تسمح للنساء بحرية الملبس لكنها تفرض على الرجال ملابس (الشادور الإيراني) أو (البرقع الأفغاني) وهناك شرطة أخلاق في الشارع إذا رأت رجلا يكشف وجهة أو رقبته أو شعره فمصيره الضرب أو الحبس، ما هو أول سؤال سيتبادر لذهنك؟..فورا سيكون السؤال "ما مشكلة جسدي بالنسبة للدولة" و "هل شعري ورقبتي سيهدمون النظام"؟..ولماذا لا تعامل الدولة النساء بالمثل؟!..إن شعورك بالتمييز هنا يصحبه شعورا مؤلما بالقمع ولا قدرة لك على مواجهة ما يحدث حتى لو كانت لديك الحجة العقلية والدينية والمنطقية، فالدولة لا تسمع للحُجج من الرجال لأن قوانين الدولة تمت صياغتها من النساء، وبالتالي فهذه القرارات بتقييد حرية الرجل في ملابسه صدرت من الحكام الإناث ليس فقط للتحكم في حرية الرجل وتقييد حركته ولكن أيضا لمنعه من الحصول على السلطة والثروة
فمهما كان الرجل ملتزما بقوانين الدولة ولا يظهر شيئا من جسده، ومهما تزلف للحكومة أو حرص على إرضاء المسئولين فهو وعن طريق قوانين الملبس وتقييد حركته سيكون صعوده محدودا، ووظائفه أيضا ستظل محدودة.. لأنه كائن ناقص في نظر المجتمع، بحاجة دائمة للوصاية والتعديل عليه وعلى سلوكياته وملابسه، لذا فعندما نعترف ونقول أن فرض الحجاب على النساء هو امتهان للأنثى فلا نبالغ لأن الإجابة على أسئلة ذلك المشهد بصدق سوف تؤكد هذا الاعتراف
المشهد الثاني: تخيل أيها الرجل أن قوانين بلدك تسمح برقص النساء في الأماكن العامة والشوارع بكامل حريتهن، لكن ذلك ممنوع على الرجال..سوف يقول البعض أن لا مشكلة في ذلك لأن رقص النساء ممتع للرجال..سنقول أن هذه المتعة لن تتحقق فيما لو كنت محروما من إجراءها في المقابل، فما يعطي المتعة للرجل من رقص النساء هو إمكانية فعل هذا الشئ ، لكن حرمان الرجل هنا أشبه بوليمة كبيرة فيها ما لذ وطاب من الطعام والشراب، ستتمتع برؤية الوليمة ومناظر الطعام اللذيذ لكن عندما تعلم بأنك محروم من تناول أو لمس هذه الوليمة سوف تختفي هذه المتعة تلقائيا، والسر في ذلك هو (نزعة حب الملكية) وهي شعور في اللاوعي الإنساني يريد ملكية كل شئ يراه ولا يتخيل نفسه محروما عنها، مما يخلق مشاكل الكبت في مراحل متقدمة ثم العنف الذي يحدث كتنفيس عن هذا الكبت والحرمان
إن قوانين منع الرجال من الرقص هنا سوف تشعر الذكور بالتمييز ضدهم، فالمجتمع الذي يقبل رقص فئة ويمنعه عن الأخرى هو مجتمع متسلط لديه نظرة دونية عن جسد الرجل ولا يتخيل إمكانية قبول (هزّ) ذلك الجسد بشكل طبيعي، مما يخلق شعورا في المقابل عند كل رجل بالخجل من جسده وأنه بالفعل كائن ثانوي ومواطن منقوص الدرجة ولا يتمتع بحقوق تساويه بغيره، وهذا عين ما تشعره الأنثى اليوم حين ترى مشاهد حرية الرجل في الشارع أن يلبس ويرتدي ما يريد ويرقص كيفما يريد لكن هذا ممنوع عليها فورا تشعر بالخجل من نفسها وتبدأ في رحلة أخرى من الشعور بالاغتراب النفسي عن ذلك المجتمع، والنظر بعين الشك والريبة لكل من يحاول الاقتراب منها، وهذا ربما تفسير من وجهة نظري لبعض حوادث العنف من النساء ضد الرجال، فقد بدأت بشكوك وهواجس أنثوية عن نوايا الرجل ونظرة المجتمع إليها وعدم ثقة في قوانين الدولة بحمايتها
ملخص المشهدين الأول والثاني أن الخوف سوف يكون مسيطرا على الرجل، خوف من الاعتقال، خوف من الضرب والإهانة من شرطة الأخلاق والمحتسب، خوف من انتهاك الكرامة والعِرض الذي يصبح أول ضحاياه هم الفئات الضعيفة المهمشة في المجتمع، فالجماهير لا تنتهك أعراض الأقوياء والأعيان لما تعرفه من نتائج وخيمة عليها، بينما تنتهك أعراض الضعفاء والمهمشين بارتياح، حتى الأعيان إذا صار البعض منهم ضعيفا أو ظهرت فيهم علامات الضعف صارت كرامته مهانة وعِرضه مستباحا من طرف الصعاليك والقطيع وصناع الإشاعات، ولي تجربة في ذلك حيث حذرت قبل شهور من قنوات الإشاعات على موقع يوتيوب، فهي وإن كان مصدرها الأول هو الربح واستغلال جهل الأغلبية لكنها لا تستهدف بإشاعاتها أقوياء، بل فنانين مثلا أعراضهم مستباحة وشوكتهم ليست مؤثرة في مجتمع محافظ كمصر، ومفكرين ومثقفين لا يهتمون بالرد على مخالفيهم من كثرة هجوم القطيع على منتجاتهم الفكرية
في المقابل لا تجرؤ قنوات الإشاعات هذه على صناعة أكاذيب ضد وزير داخلية أو دفاع أو لواءات وقيادات أمنية كبيرة، كذلك لا تجرؤ على صناعة أكاذيب ضد رئيس الجمهورية أو أعيان ونافذين معروف عنهم العناد والإصرار على الانتقام وتتبع مصدر الأكذوبة لمحاسبته، وإن صدرت تلك الأكاذيب من قناة أعلم فورا أن صاحبها لا يعيش في (بلد الهدف) والسبب معروف لتفادي أي إمكانية لانتقام الضحية، وهذا تأكيد على منطق الفيلسوف الألماني "نيتشة" أن الحق لعبة قوة، فالذي يصيغ المعادلات والقوانين هنا هم الأقوياء، وهما الذين يخلقون حقائقهم بأنفسهم حتى إذا شاعت تلك الحقائق وتبين لاحقا أنها أكاذيب لا يُسمح بنفي ما حدث والتصحيح إلا بموافقة وصمت الأقوياء، لكن طالما كان نشاط الأعيان والنافذين في ذروته لا يمكن مواجهتهم إلا ممن هم أقوى منهم
المنطق يقول أن الجميع له كامل الحرية أن يفعل ما يريد شريطة عدم إيذاء الغير، وهذا ما تأسست عليها كافة دساتير وقوانين العالم، فحرية الملبس شرط أساسي وركن رئيسي من أركان الحقوق الشخصية والطبيعية، بالتالي فارتداء الحجاب من عدمه لا يمثل مشكلة من وجهة نظر القانون والدستور، لأنه لا يخل بحقوق الغير..لكن التي ستختار الحجاب سوف تتحمل تبعات ونتائج اختيارها، مثل الذين يعتزلون الفن مثلا ويختارون الحجاب..سوف تكون عودتهم للتمثيل والفنون صعبة ،وإذا عادوا سوف يكونوا مقيدين بصورة جديدة محافظة تنسف أو تلغي ما كانوا عليه في السابق وتسبب في نجاحهم وشهرتهم، لذلك فارتداء الحجاب في مثل هذه الحالة هو تضحية معلومة النتائج، لأن المجتمع الذي كان ينظر للفنانة الفلانية قبل الحجاب ويحبها ويتابع أعمالها لن يفعل ذلك بعد الحجاب، لذا فالسوق السينمائي وأرباح المنتجين تفرض على صناع الأعمال السينمائية عدم الحجاب في الغالب لأن الممثل أو البطل سوف يكون محدودا عن مشاهد فنية غير محافظة وتنقل وجهة نظر ثقافية أو انفتاحية
صحيح سوف تحصل هذه الفنانة على استحسان الأغلبية لكن الوسط التي تعيشه في الطبقات العليا والوسطى لا يستسحن ذلك، ويرى أن الحجاب رمزا لقهر الأنثى وعزلها اجتماعيا وتقييدا لحريتها وانتقاصا من كرامتها وشخصيتها، إنه فارق طبقي نراه في كل البلدان حتى التي فرضت الحجاب مثل جمهورية إيران، فالشادور الإيراني منتشر أكثر في الريف لكن غطاء الشعر المسحوب للخلف ويكشف معظم شعر المرأة منتشر أكثر في المدن، لذا فسلطة المحتسب الإيراني لا تجهد نفسها في فرض الحجاب بالريف لأن الشادور هناك طاغي، لكنها تجتهد أكثر في المدن الكبيرة وخصوصا في المهرجانات التي يصحبها السعادة ومشاعر الانطلاق المدني والحداثي، فالمرأة المدنية رسمت لنفسها كيانا أنثويا من الداخل من فرط الانفتاح والتعامل مع أشكال متعددة من البشر والحوادث، فيكون تراكم الخبرات هذا قد شكّل في وعيها اقتناعا بأهميتها كأنثى وأنه لا يحق لأحد سحق أو تقييد تلك الأهمية
لكن الوضع مختلف في الريف ، حيث تشكل وعي النساء فيه بالعزلة عن مجتمع العلم والحداثة، لذلك لم يتعب الإسلاميون في نشر وجهات نظرهم ودعايتهم كثيرا فيه، وقليل من البروباجاندا كان مقنعا لنساء هذا المجتمع في فرض زي موحد تقريبا، أذكر منها على سبيل المثال قول أحدهم أن الحجاب وتغطية نفسك هو حماية وصيانة لكي كأنثى..كيف؟..لأن المجتمع سوف يعاملك كإنسان وليس كامرأة، وهذه دعاية براقة لكنها خادعة، فما فعله السلفي هنا هو اغتيال أنثوية المرأة تماما والقضاء عليها لصالح الرجل، لأن نفس الدعاية والحجة لم توجه للذكور، فكان عليه أنه مثلما يطلب إخفاء أنثوية المرأة لصالح رؤيتها كإنسان أن يطالب أيضا بإخفاء ذكورية الرجل لصالح رؤيته كإنسان، وهذا مستحيل لأن الخطاب الدعائي الذي صدر لتحجيب الأنثى في البداية كان ذكوريا يعطي صلاحيات للرجل منزوعة من المرأة، ولو تفكرت النساء في هذه المحاججة البسيطة ما وقعت ضحية لهذا التسلط وصنعت لنفسها كيانا موازيا للرجل بنفس القوة والدرجة
إضافة تعليق جديد