تأثيرات خطر التكنولوجيا الأمريكية على سورية
أكّد مسؤولون سوريون عدم تأثّر بلادهم بالحظر التكنولوجي الذي تفرضه الولايات المتحدة الأميركية عليها لمنعها من «الاستحواذ على التكنولوجيا المتقدمة»، والذي تُبرّره الولايات المتحدة بذريعة دعم سورية بعض المجموعات التي تصنفها بأنها إرهابية، وكذلك بسعي سورية لـ «تطوير أسلحة الدمار الشامل». ورأوا أن تلك العقوبات لا تؤثر في عملية التنمية في البلاد. ولكنهم أشاروا إلى «أن التكنولوجيا ليست حكراً على أميركا»؛ وإلى أن دمشق «قادرة على إيجاد البدائل».
وفي مطلع العام الجاري، جمّدت وزارة الخزانة الأميركية ممتلكات ثلاثة معاهد ومختبرات سورية هي «المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا» و «المختبر الوطني للمعايير والمقاييس» و «معهد الهندسة الإلكترونية». وأدرجتها ضمن القائمة الأميركية للمراكز المستخدمة لنشر أسلحة الدمار الشامل.
ويأتي القرار الأميركي في إطار ما يعرف بقانون «مُحاسبة سورية واستعادة سيادة لبنان» الذي أصدرته إدارة الرئيس جورج بوش في العام 2004، وتضمن في بعض بنوده فرض الحظر الكامل على سورية ومنعها من استيراد التكنولوجيا المتطورة ذات الأوجه المتعددة الاستخدامات، على غرار المواد الكيماوية التي تدخل في صناعة الأدوية، وكذلك المُكوّنات النووية المستعملة في صناعة الأجهزة الطبية وتلك المستخدمة في الأغراض المدنية.
ويرى المسؤولون السوريون أن الهدف الأميركي هو «ممارسة الضغوط على دمشق لحملها على تغيير موقفها من القضايا الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط».
ولم يقلّل نائب رئيس الوزراء السوري عبدالله الدردري من أهمية الحظر الأميركي على بلاده. وفي لقاء مع الـ «الحياة»، قال: «لا شك في أن العقوبات الأميركية لها أثر سلبي لا نستطيع ان ننكره، لكنها لن تقف عائقاً في وجه برامجنا في التنمية». وأضاف: «هناك بعض التقنيات الأساسية المتوافرة في الولايات المتحدة، وثمة عوائق مفروضة على «المصرف التجاري السوري»، لكن هذا لم يعق نهوض الصناعة السورية ولا نهوض النظام المصرفي ولا أوقف عمل «المصرف التجاري السوري».
وبعدما أشار إلى أن المعاهد التي شملها الحظر الأميركي «مهمة وتعطي أثراً طيباً»، قال: «ارتفعت القيمة المضافة في مجال التقينة الصناعية، وقد أتت من عقول السوريين، ومن قدرتهم على التعامل مع التكنولوجيا المستخدمة في الإنتاج». وكذلك أوضح: «أن القيمة الوسطية لطن الصادرات ارتفع من 10 آلاف إلى 22 ألف ليرة سورية خلال فترة الحظر. وهذا يعكس تطوراً في النظام التعليمي، وتطوراً في نظام التدريب. وكذلك يبيّن تزايد الاهتمام في الموارد البشرية لدى الشركات العامة والخاصة في سورية». وخلص الى التأكيد أن الحكومة خصّصت ثلاثة في المئة من الموازنة للتدريب والتأهيل.
واستغرب اقتصاديون أن يشمل الحظر الأميركي «هيئة المواصفات والمقاييس» التي ينحصر دورها في وضع مواصفات المنتجات السورية ومقاييسها لكي تكون منسجمة مع ما تطلبه الدول الأخرى وعلى رأسها دول الاتحاد الأوروبي، ولا يدخل في صلاحيات هذه الهيئة استيراد التكنولوجيا أو الآلات!
ونفى وزير الاقتصاد السوري عامر لطفي وجود «حظر على الهيئة وإنما على «المصرف التجاري السوري»، مشيراً إلى أن الهيئة غير معنية بموضوع الحظر، التكنولوجيا عالمية وليست أميركية صرفة، وهناك دول تمتلك تكنولوجيا بمستويات مختلفة ونحن نتعامل معها حتى يزول القرار الأميركي». وأوضح أن أكثر من 50 في المئة من التبادل التجاري السوري يحصل مع دول الاتحاد الأوروبي ومن ثم الدول العربية... «بل أن المبادلات التجارية بين سورية والولايات المتحدة محدودة جداً».
واعتبر وزير الاتصالات والتكنولوجيا عمرو سالم الحظر مخالفاً للدستور الأميركي، «لأن حظر هذه التكنولوجيا هي حظر للمعلومات، الذي يمكن اعتباره عقوبة جماعية للشعب».
وأشار إلى وجود استثناء يتعلق بالتجهيزات التي تساهم في التدفق الحر للمعلومات ومن «المفروض أن تكون مُعفاة، لكن الحكومة الأميركية لا تطبق هذا الكلام». وقال: «لم نقف أمام الحظر... ونحاول بطرق عدة أن نحصل على التكنولوجيا».
وشدّد على أن الحظر «سيئ لأنه يقف عائقاً أمام النمو الاقتصادي والتنمية البشرية وانعكاساته هائلة... نحن نتعاون مع المصادر البديلة ونضغط على الشركات لكي نحصل على إجازات لاستيراد الكثير من التقنيات».
نور الدين الأعثر
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد