تفاصيل لم تنشر عن اجتماع الرئيس الأسد بالحكومة قبل يومين
هل كان اجتماعاً دورياً ما شهدته قاعة رئاسة مجلس الوزراء أمس وترأسه السيد الرئيس بشار الأسد؟
نعم من ناحية الشكل، ولكن بالمضمون من المؤكد أنه لم يكن كذلك، فالبند الرئيسي الذي تطرق إليه الاجتماع، ألا وهو «وضع آلية واستراتيجية محددة لكيفية تعزيز التواصل مع المواطن» لم يكن مدرجاً على جدول الأعمال، ولكنه بدون شك سيصبح في بنية تفكير وعمل الحكومة والمؤسسات الرسمية من الان فصاعداً.
وفي التفاصيل فإن الرئيس الأسد كرر على مسامع الفريق الحكومي مرات عديدة أن ضعف التواصل الحكومي مع الناس كان سبباً رئيسياً في تضخم العديد من الأزمات، وأن التسويق للعمل والأداء الحكومي ما زال في أدنى حالاته، ما جعل المواطن غير فاهم لسياسات الدولة، وتبعا لذلك غير قادر على التعامل معها أو الدفاع عنها في مراحل لاحقة، وهذا ناجم عن عدم معرفة اللغة التي يجب مخاطبة الناس بها، والأهم عدم تزويدهم بالمعلومات الضرورية والأساسية المتعلقة بالأزمات التي يواجهونها، الأمر الذي يؤكد أن جزءاً مهماً من عمل الحكومة يكمن في معرفة كيفية مخاطبة الفريق الحكومي للناس وبالتالي التأثير في طريقة رؤية الشارع واستقباله لما يصدر عن الحكومة من جهة، وما يمكن أن يكون على شكل شائعات أو مغالطات لا تمت للحقيقة بصلة من جهة أخرى.
كان واضحاً من كلام الرئيس الأسد، ما هي الأسباب التي أدت إلى إيصال الأمور إلى ما آلت إليه بين الحكومة والناس، والتي تبدأ أولاً بعدم وجود عمل جماعي، أو رؤيا جماعية حول كيفية مواجهة أية أزمة كمؤسسة واحدة وليس كمؤسسات متفرقة، وثانياً حالة الارتجال بالتعامل مع الاعلام والذي حوّل الإعلام إلى إعلام الحكومة بدل أن يكون إعلاماً للمواطن، الأمر الذي تكرس من خلال ظهور بعض المسؤولين على شكل تدشين هنا و جولة تفقدية هناك.. في الوقت الذي كان ينتظر المواطن مسؤوله على الشاشة مجيباً عن أسئلته ومدافعاً عن قرارات مؤسسته، شارحا لاستراتيجيات الدولة في موضوع ما، جاهزا لخلق حوار مع المواطن بدل ان يكون ظهوره لمجرد الظهور.
وختم المصدر أن الرئيس الأسد شدد على أن العمل لتجاوز تلك الأسباب، يتم وفق أسس محددة تضعها الحكومة، قد يكون أهمها أن تعمل الحكومة ككتلة واحدة، وأن يكون لدينا إعلام تفاعلي يعرض وجهة نظر المواطن لكي يشعر أن الإعلام الرسمي هو إعلامه، ويعرض في الوقت ذاته حوارات مع الحكومة حين الحاجة لشرح ما يجري، إضافة إلى ضرورة بناء مصداقية مستمرة مع المواطن مبنية على عقلنة التصريحات ما يؤدي الى عقلنة ردود الفعل، واعتماد الاستباقية في الحدث، أي أن يخرج الفريق الحكومي للحديث عن المشاكل التي تواجهه ويمكن أن تؤثر على معيشة المواطن دون أن ينتظر حتى تتطور المشكلة وتتفاقم، لكي لا يُترك الناس فريسة للأكاذيب والشائعات.
ومن كل ما سبق يبدو واضحاً أن العناوين هامة وواعدة.. ويبقى السؤال: إذا كان تحقيق مثل هذه الأهداف ووضعها موضع التنفيذ بحاجة لزمن وهذا بديهي.. فهل ستتمكن الحكومة من عكسها على أرض الواقع وبالتالي تلمُّس المواطنين لنتائجها؟ قد يبدو للكثيرين أن هذا صعب المنال، لكن بالنهاية يبقى الوضوح والشفافية حتى في مراحل التنفيذ ومعوقاته هي الطريقة الأفضل والأقصر والأصدق عند الناس.
سيريا تودي
إضافة تعليق جديد