بدون كلام: الطريقة الأنسب للحديث مع طفلك!
اعتدنا كثيرًا أن نتواصل مع أطفالنا بالكلام المباشر، سواء في التوجيه والإرشاد أو النصح والتعديل أو حتى التعبير عن المشاعر والحب والتعاطف، ولكن هل جربت يومًا قوة التواصل بدون كلمات وفعاليته؟
عندما يتعلق الأمر بالمشاعر فتعبيرات الوجه والإيماءات واللمسات وحركات الجسد ونبرة الصوت تكون أبلغ من الكلام، وتصل للطرف الآخر بفعالية أكبر، والطرف الآخر هنا هو أطفالنا، من نأمل في بناء علاقة حب وثقة وتعاون معهم، من نحاول أن نعلمهم مهارات كثيرة ليتمكنوا من التعامل مع الحياة وتحدياتها، إذن الأمر ليس هينًا، ولا هو رفاهية قد لا يحتاجها البعض. استخدام طرق التواصل غير اللفظي في تعاملنا اليومي مع أطفالنا يحسن علاقاتنا معهم، ويقلل الكثير من صراعات القوى ويُتيح لنا كسب تعاونهم بشكل أكبر، وبالتالي تصبح حياتنا أكثر هدوءًا وقُربًا وأقل توترًا .
إليك بعض أدوات التواصل غير اللفظي.
الأحضان
هل فكرت يومًا في مدى أهمية حضنك لطفلك؟ هل جربت أن تحضن طفلك وقت نوبات غضبه وثورته بدون أي كلام؟ هل اختبرت يومًا سحر الحضن مع الأطفال حتى في أصعب اللحظات؟
الحضن من أهم الأدوات البديلة للتواصل بالكلام وأقواها، الحضن كفيل بتهدئة طفلك وطمأنته بوجودك بجانبه وبتقبلك له ولمشاعره، الحضن أداة سحرية تؤكد لطفلك مدى حبك وتقبلك له، وبذلك تكون العلاقة بينكما أقوى وأعمق، فالأحضان تحفز إفراز الأوكسيتوسين المعروف باسم هرمون الحب، وارتفاع معدلات هذا الهرمون له فوائد عديدة على النمو والمناعة والذكاء والتواصل الاجتماعي الصحيح.
التواصل بالعين
هناك مقولة يرددها دائمًا متخصصو التربية الإيجابية تقول: «يلاحظ الأطفال ما نفعله وليس ما نقوله»، فالتواصل عن بعد بدون النظر إلى من تكلمه يعبر عن عدم الاحترام، ولا يكون فعالًا أصلًا في إيصال الرسالة المرجوة، فعلينا أن نكون واعين للرسائل التي نرسلها لأطفالنا، فالكلام وحده غير كافٍ لإيصال الرسائل، تخيل كم ستكون كلمة «أحبك» قوية وصادقة عندما تقولها لطفلك وأنت تجثو على ركبتيك في مستوى نظره وتنظر لعينيه بشكل مباشر وتبتسم وتقولها بنبرة صوت دافئة حنونة، بهذه الطريقة تتوافق الكلمة مع الإشارات غير اللفظية لتوصل الرسالة بكل قوة وصدق. وأيضًا من المهم أن يكون التواصل مع العين وعن قرب.
اذهب إلى مكان طفلك وتواصل معه، فقرب المسافة بينك وبين طفلك سيشعره بأهميته ويجعل تواصلكما أكثر فعالية. هل لاحظت حتى وأنت تتكلم كيف كنت تفعلها بهدوء وحب وأنت تنظر لعين طفلك؟ والعكس صحيح فعندما يكون طفلك غاضبًا حاول النظر لعينيه وأظهر تعاطفك وتفهمك بهدوء وحب، وسترى أن مشاعرك هذه انتقلت إليه وبدأ هو في الهدوء.
تعبيرات الوجه واللمسات
الطريقة التي تنظر بها لطفلك ولمسات يديك تكون في كثير من الأحيان أبلغ وأكثر فعالية بدون أن تنطق كلمة واحدة! لا تغفل أهمية الابتسامات ونظرات عينيك المشجعة والراضية، والتي قد تكون كافية جدًا في بعض المواقف لإرشاد طفلك ولتشجيعه، وأحيانًا نحتاج لبعض التعبيرات الحازمة باحترام، لنعبر عن عدم الرضا عن بعض التصرفات وبدون أي كلمة. تعمد لمس كتفه أو رأسه بيديك برفق وحنان، فهذا وحده كافٍ لتغيير أي سلوك أو تهدئة أي صراع.
الإنصات الفعال
في الحقيقة نحن كآباء قليلًا ما ننصت لأطفالنا، فنحن نبدأ فورًا في مقاطعتهم والتعبير عن آرائنا أو تصحيح ما يقولونه أو تقديم الحلول أو النصح أو التوجيه أو إخبارهم بما عليهم فعله. ولهذا يعتبر الإنصات الفعال من أكثر الأدوات المهمة في التواصل غير اللفظي مع الأطفال، فقط امنح طفلك الفرصة للتعبير عن ما بداخله وتعلم الاستماع باهتمام ووعي وبتعبيرات وجه متعاطفة ونظرات أعين متفهمة.
علينا أن ننصت لأطفالنا بوعي كامل وإتاحة الفرصة لهم للتعبير الكامل عن ما بداخلهم من مشاعر وأفكار بدلًا من الرد والدفاع فورًا،فهذا يجعلهم يشعرون باحترامنا لهم وتقديرهم وتقبلهم وحبهم، وبالتالي تصبح علاقتنا أفضل وتذكر المقولة التي تؤكد أن «الأطفال يسمعوننا بعد أن يشعروا أننا نسمعهم».
كيف نبدأ في تحسين تواصلنا غير اللفظي مع أطفالنا؟
أول خطوة هي التركيز على مشاعرنا، ركز على مشاعرك، فالمشاعر هي التي تحدد ماهية وكيفية التواصل غير اللفظي ومدى توافق تلك المشاعر مع ما تحاول إيصاله لأطفالك، بعد ذلك راقب نفسك واسمع نفسك، كن على وعي بعلامات تواصلك غير اللفظي، هل تلك العلامات تتوافق مع ما تقوله وتشعر به أم لا؟ هل تقول لطفلك «أكمل كلامك، أنا أسمعك» بينما عينك تنظر إلى شاشة هاتفك أو كتاب تقرؤه؟ راقب ردود أفعال أطفالك لتدرك مدى صدق رسالتك غير اللفظية وكيف وصلت إليهم، هل وصل ما تريد أم العكس؟
اكتب كل ذلك وابدأ في العمل على تلك النقاط التي لاحظتها.
تذكر أن التعلم يحتاج لوقت، خذ وقتك واستمر في التدرب على استخدام تلك الطرق ولا تيأس، فكلما زاد تركيزك وجهدك زاد التحسن مع الوقت، تدرب قدر الإمكان وانتهز أي فرصة لذلك، فالحياة اليومية مليئة بالمواقف التي تحتاج للتواصل بشكل غير لفظي، تأكد أولًا من تلبية احتياجات الجميع في الموقف لبدء التواصل بشكل صحي، اترك الشاشة وركز مع طفلك عندما يريد التحدث معك، استغل أوقات الطعام أو أوقات الأنشطة اليومية المشتركة وغيرها، كل ما عليك هو التركيز والتفهم.
وكما هو معروف «القدوة هي أفضل معلم»، علينا أن نبدأ بالتواصل غير اللفظي مع أطفالنا فهو يعلمهم الكثير عن الترابط والمشاعر والتعبير عنها وكيفية التعامل معها. قد تجد صعوبة في البداية في تطبيق ذلك، ولكنك ستدرك مع الوقت أن النتيجة التي حصلت عليها كانت تستحق هذا المجهود.
إضاءات
إضافة تعليق جديد