بعد تحرير الغوطة من دنس الإرهاب.. الأمل يعود من جديد إلى أهالي المخطوفين بلقاء أحبتهم
«تأكدي من الهاتف الأرضي واشحني الموبايل حتى ما يفصل.. ولا تنسي تخليه بمكان فيه تغطية» وصية يومية تقدمها أم فادي لابنتها منذ بدأت عملية الجيش العربي السوري لتحرير الغوطة الشرقية منتصف الشهر الماضي.. تنتظر الأم خبراً مفرحاً عن ابنها فادي المخطوف لدى تنظيم «جيش الإسلام» الإرهابي منذ عام 2012.
أم فادي انتقلت مع بدء عملية الجيش في الغوطة الشرقية للسكن عند أبنائها في دمشق لتكون قريبة من الحدث وفشلت مساعي أبنائها لإبقائها في اللاذقية ولسان حالها يقول لهم: «إذا رجع فادي لازم كون قريبة منو.. اشتقتلو يا أمي».
ولا توجد إحصائيات رسمية بعدد المخطوفين لدى المجموعات الإرهابية في سورية لكن العدد حسب جمعيات أهلية يصل إلى الآلاف بينهم مدنيون وعسكريون خطفوا على الطرقات العامة ومن أماكن سكنهم أو عملهم ولم تقدم التنظيمات الإرهابية أي معلومات عنهم.
وفي غرفة صغيرة بمنزل ابنها في حي الزاهرة تجلس أم فادي تعطي ظهرها للنافذة التي يدخل منها الضوء وعينها على شاشة التلفاز تتابع الأخبار عبر قناة «الإخبارية السورية» يخفق قلبها مع كل خبر باللون الأحمر تخاطب المذيع وكأنه يسمعها «شو صار بالمخطوفين يا ابني.. الله يرضى عليك يا أمي».
وكان الجيش العربي السوري أعلن تحرير عشرات المخطوفين من بلدات الغوطة الشرقية خلال الأيام الماضية ضمن عملياته التي يقوم بها في الغوطة الشرقية لكن العدد الأكبر من المخطوفين يتركز في مدينة دوما التي كان يسيطر عليها تنظيم «جيش الإسلام» الإرهابي ويقدر عدد المخطوفين لديه بالآلاف.وعلى الأمل تعيش أم فادي وأسرتها ومثلها في ذلك آلاف الأسر السورية التي تترقب الأخبار بانتظار خبر مفرح لا بد أنه سيأتي وإن تأخر قليلاً.
أبناء فادي لين 15 عاماً وسقراط 13 عاماً وميرال 6 سنوات ينظرون إلى جدتهم يستمدون القوة من صلواتها ودعواتها.. تقترب ميرال من جدتها تجلس في حضنها وتنظر إلى التلفاز وتسأل: «ستي.. حطيلي برامج أطفال».. تدمع عين الجدة وهي ترفض طلب حفيدتها بلطف وتقول لها: «بكرا رح اتركلك التلفزيون يا تيتا بس يجي أبوك.. خدي كلشي ما عاد بدي شوف أخبار ابداً».
تقول الأم: «هالولاد خطي.. بس أبوهن كان رجال.. وكل هالشباب كانوا رجال.. ما خافوا ولا هربوا.. اللي انخطف واللي استشهد واللي انجرح كلهم أبطال.. وهالبلد بتستاهل حدا يدافع عنها».
وعلى قلق تجلس ميادة أسعد زوجة الضابط المخطوف حسام حيدر الذي خطف أيضاً على طريق حرستا مقابل مشفى الشرطة تركض إلى الموبايل الموضوع بالشحن في زاوية غرفتها في حي 86 تفتح الخط وتقول مباشرة: «سمعتي شي.. في شي.. عالتلفزيون ما جابوا شي».. كان الاتصال من مراسلة (سانا) صديقة ميادة: كنا نريد أذنا منها لتحدثنا عن حالها في هذه اللحظات الخاصة وهي تنتظر خبراً مفرحاً عن زوجها.تقول ميادة: «لا أدري كيف أصف حالي.. متأكدة أني رح اسمع خبر.. اليوم بكرا مو مشكلة.. المهم يكون خبر مفرح»، تنظر إلى صورة زوجها لتنقل عينها إلى ابنتها التي تراقب امها المنفعلة.. تسكت.. تتنهد ثم تقول كلاماً لم نسمعه جيداً «هو دعاء بالتأكيد».
لدى حسام ثلاثة أبناء «صبيان وبنت» كانوا جميعاً يبدون أقل ارتباكاً من الأم.. ربما قوة الشباب والطفولة تساعدهم على تحمل ما لا تستطيع الأم احتماله.. تعود ميادة إلى التلفاز تنظر بحنق شديد وتقول: «وينك يا جعفر وينك يا ربيع.. وين الأخبار».
وبعيون مترقبة وقلب مفعم بالأمل تنتظر والدة المخطوف وسام أمير محمد المتطوع بالجيش العربي السوري الذي خطف عام 2013 في تل كردي سماع أخبار طيبة عن ابنها ورفاقه، وقالت: «منذ ذلك الوقت وأنا أسأل في كل مكان وأتابع الأخبار والآن بعد انتصارات الجيش في الغوطة ازداد أملي بقرب لقائه».
وتتابع أم وسام: في آخر إجازة له أمنني بخطيبته هبة التي مازالت تنتظره معي وأنا الآن متوترة أنتظر خبراً مفرحاً بتحريره.. إحساسي كأم لن يخيب بإذن الله.
من جانبها قالت جمانة علي والدة الشهيد حسين عبد الهادي علي الذي استشهد منذ سبعة أشهر في جوبر والمخطوف علاء عبد الهادي علي الذي خطف عام 2013 في منطقة تل كردي وهي أم لجندي في صفوف الجيش العربي السوري: «نحنا انتصرنا بتضحيات الجيش اللي حارب الإرهاب وأفخر بشهادة ابني حسين وأترقب تحرير علاء ليعود إلى زوجته وابنته اللي ما شافها.. يا عيني كان عريس».
جمانة علي تحمل صورة ولديها الشهيد والمخطوف وتقف أمام باب بيتها في منطقة الزاهرة على أمل عودة ابنها علاء.الكل ينتظر الأخبار في وقت يجمع الإرهابيون حقائبهم ويتحضرون لمغادرة غوطة دمشق للمرة الاخيرة وإلى غير رجعة.. لكن أم فادي وميادة وأم وسام وجمانة وغيرهن الكثيرات باقيات على الأمل ويعلمن أن الجيش العربي السوري لن يخذلهن أبداً وسيأتيهن بالأخبار المفرحة قريباً.
تشرين
إضافة تعليق جديد