10-03-2018
الأتراك على أعتاب عفرين: مفاوضات صامتة لتسويات في الغوطة
يفترق مسارا التفاوض بين قسمي «جيب الغوطة»، ليقود «جيش الإسلام» محادثات مع الجانب الروسي في دوما ومحيطها، وتخرج وفود شعبية من بلدات القسم الجنوبي، لطلب وقف المعارك والتوجه إلى تسوية. وفي الشمال، بدأ الأتراك يقطفون ثمار تقدمهم السريع نحو مركز عفرين، مهددين بفرض حصار كامل على الجيب الكردي
تشير التطورات الأخيرة في غوطة دمشق الشرقية إلى رجحان كفّة التفاوض، للوصول إلى تسويات بين الحكومة السورية والفصائل المسلحة والفعاليات المحلية، قد تحيّد العديد من البلدات عن المعارك وتساهم في إخراج أعداد من المدنيين والمسلحين منها. العلائم الأولى لهذه المرحلة كانت واضحة أمس (الجمعة)، مع خروج عدد المدنيين من عربين باتجاه نقاط الجيش السوري، وإجلاء أول دفعة من مسلحين يتبعون «جبهة النصرة» إلى مدينة إدلب، انطلاقاً من دوما عبر معبر مخيم الوافدين.
التطورات هذه ترافقت وخروج مسيرات جديدة في بلدات كفربطنا وحمورية، ترفع العلم السوري وتطالب بإبرام تسوية سلمية من دون معارك. واللافت في هذه المسيرات، كان ارتفاع أعداد المشاركين فيها، مقارنة بالتحركات التي شهدتها الأيام الأولى لاقتراب الجيش إلى الحدود الشرقية لبلدات ومدن القطاع الغربي في الغوطة. ولا تنفصل تلك التحركات الشعبية عن جهود تفاوض حثيثة، تقوم بها وفود من أهالي وفعاليات تلك البلدات مع مسؤولين في العاصمة دمشق، في محاولة للتوصل إلى صيغة تبعد المعارك عن المنطقة، لحين إبرام اتفاق شامل. واللافت أن هذا التوجه يتركز في بلدات القسم الجنوبي من «جيب الغوطة»، أي في عربين وكفربطنا وجسرين ومسرابا وغيرها، فيما يشارك «جيش الإسلام» في مفاوضات مع القوات الروسية، أفضت أمس إلى خروج مسلحي «النصرة»، كخطوة أولى في مسار التفاهمات. وذكرت مصادر معارضة أنه شُكِّلَت لجان للتفاوض مع الجانب الحكومي، تمثل بلدات حمورية ومديرا بشكل منفصل، في ظل امتناع الفصائل المسلحة هناك عن الحديث عن مثل هذه المبادرات، أو عن مفاوضات تخوضها.
وبعد يوم من التأخير عن الموعد المفترض، دخلت قافلة مساعدات إلى بلدة دوما، عبر مخيم الوافدين، بمشاركة الهلال الأحمر السوري واللجنة الدولية للصليب الأحمر والأمم المتحدة. وتتألف القافلة من 13 شاحنة محملة بمواد غذائية وإغاثية تكفي نحو 12 ألف شخص، وفق تقديرات حكومية رسمية. ولم تضم القافلة التي لم تتمكن من الدخول أمس لاعتبارات أمنية، مواد طبية، ولكن المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في دمشق، إنجي صدقي، قالت لوكالة «فرانس برس» إن «لدينا أيضاً بعض المؤشرات الإيجابية على أن (إدخال) قافلة أكبر مع إمدادات إضافية تتضمن مواد طبية قد تحصل الأسبوع المقبل». وأتى دخول المساعدات مع استمرار عمليات الجيش على محورين رئيسين في الغوطة. إذ تقدمت القوات في شمال شرق حرستا، انطلاقاً من المحيط الشرقي لمستشفى الشرطة، لتصل إلى مسافة قريبة من الطريق الرئيس بين دوما وحرستا. وسيمهد هذا التقدم للتحرك لفرض طوق كامل يصل إلى إدارة المركبات، ويعزل المسلحين داخل حرستا بشكل كامل. وانطلاقاً من المواقع التي كسبها الجيش أول من أمس في محيط حوش الأشعري وحوش قبيبات، تابعت القوات تحركها في محيط بلدة أفتريس وعلى أطراف المزارع الشرقية لبلدات جسرين وحمورية، وعززت مواقعها في بلدة بيت سوا، لتضمن قطع الطريق بين قسمي «جيب الغوطة» عبر بلدة مديرا. وفي مخيم الوافدين، شهد «المعبر الآمن» الذي جرى تخصيصه منذ أكثر من أسبوع، الحركة الأولى من داخل الغوطة إلى خارجها.
المغادرون الأوائل كانوا عدداً من مسلحي «جبهة النصرة» وعوائلهم، ممن كان «جيش الإسلام» يحتجزهم لديه بعد أسرهم في معارك داخلية شهدتها الغوطة سابقاً. وأعلن «جيش الإسلام» أن مفاوضات خاضها مع وفد مرافق للقافلة الإنسانية التي دخلت دوما، أمس الجمعة، أفضت إلى التوافق على مغادرة هؤلاء المسلحين نحو إدلب. ومن شأن هذه العملية التي تشرف عليها القوات الروسية، مع حرصها على عدم تسريب أي من تفاصيل المفاوضات أو الاتفاقات المنتظرة. وبينما يبدو أن دخول قوافل المساعدات الإنسانية إلى دوما، بات مرتبطاً بشكل كبير بمسار المحادثات مع «جيش الإسلام»، حذرت الأمم المتحدة من تعرض قوافل المساعدات الإنسانية للخطر جراء تجدد القصف برغم «ضمانات» قدمتها الأطراف المعنية وبينها روسيا.
وبعيداً عن تطورات الغوطة، تابعت القوات التركية تقدمها ضمن مساعيها للوصول إلى محيط مدينة عفرين القريب، ووسّعت محور التقدم من اتجاه بلدة كفرجنة نحو المدينة. إذ تمكنت أمس تلك القوات من السيطرة على بلدة مريمين ومحيطها، التي تمهّد للتقدم وإغلاق الطريق الرئيس الموصل إلى عفرين عبر معبر الزيارة. الموقع الجديد للقوات التركية وفصائل «غصن الزيتون» يضعها وسط عدد من النقاط الهامة في تلك المنطقة، إذ تبعد مريمين نحو 6 كيلومترات فقط عن أطراف مدينة عفرين الشرقية، كما أنها تقع غرب مطار منغ العسكري بنحو 7 كيلومترات، وتفصلها عن بلدة تل عجار التي تمركزت فيها القوات الروسية حين انسحابها من كفرجنة، 8 كيلومترات فقط. كذلك، تضم الكيلومترات الفاصلة بينها وبين مدينة عفرين، قريتين فقط، ما يجعل من محاولة إبطاء تقدم القوات التركية نحو المدينة أمراً صعباً للغاية، بغياب تغطية جوية لمقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية.
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد