أطباء غير اختصاصيين يتهافتون لإغراء المريض بالتجميل…والنقابة تلوح فقط بالمحاسبة
لم تكن الشابة “ح. ش” تدرك أن حقن البوتكس في راحة يديها وأخمص قدميها في عيادة خاصة سيؤدّي إلى نتائج كارثية على صحّتها تشل حركتها وتضعف عضلات الطرفين السفليين والعلويين، وتؤدّي إلى صعوبة البلع والتنفس، وتشوّش في الرؤية ووهن عام.
الشابة راجعت الهيئة العامة لمشفى دمشق شعبة الجراحة التجميلية بتاريخ 16/5/2017 بقصة المعاناة من هذه الأعراض التي تبيّن من خلال فحصها أنه مجرى لها حقن بوتكس في راحة اليدين وأخمص القدمين، وأجريت العملية في عيادة خاصة من اختصاصية أسنان (ر. م)، وأنها تعرّضت لجرعة زائدة بمادة غير مرخصة من وزارة الصحة مع انعدام الخبرة من الطبيبة التي أجرت الحقن.
هذه الحالات تتكرر بشكل كبير في ظل تهافت أغلب الأطباء من غير الاختصاص على إجراء هذه العمليات في العيادات والمشافي الخاصة نظراً للربح المادي الذي تحققه من دون أن يتم ضبط هذه العمليات بشكل فعلي على أرض الواقع، لتقتصر الإجراءات على تصدير القرارات وتناقلها بين الجهات المعنية، في وقت يزداد فيه الاهتمام والسعي من المواطنين إلى التجميل، وبدأت تنشط مجموعات ترويج لأطباء من بعض الناس الذين يتقاضون عمولة من الطبيب عن كل مواطن يتمّ إقناعه بإجراء الحقن والتجميل.
ولم يخفِ أمين سرّ نقابة الأطباء الدكتور آصف الشاهر أن الأشخاص العاملين في موضوع التجميل سواء كان جراحة تجميلية أم معالجات جلدية أو صالونات زينة ومكياج وضمن غياب الرقابة والضوابط واتجاه بعضهم إلى الكسب المادي على حساب أي كان سواء بمعرفة العمل الذي يقوم به أم من دون معرفة ونلاحظ كثرة المشكلات لهذه العمليات، علماً أن وزارة الصحة ونقابة الأطباء أصدرتا عدة قرارات حدّدتا فيها وعرفت بهذه الأعمال ومن يحقّ له القيام بها، ولكن من دون تطبيق على أرض الواقع.
وبهدف توعية المرضى أكد الشاهر أن جميع الأعمال الجراحية التجميلية يجب أن تجرى من طبيب متخصص في الجراحة التجميلية مرخص له أصولاً، كما أن المعالجات الجلدية بما فيها حقن البوتكس والمواد المالئة والليزر يجب أن تجرى من طبيب جراحة تجميلية أو جلدية مرخص أصولاً.
وبيّن الشاهر أن إغراء المريض بسهولة الإجراء وتلميع النتائج يجعلان الكثير من المرضى يقعون في مصائد لا تُحمد عقباها، وهنا نركز على أن الحقن بالمواد المالئة يجب أن يجرى حصراً في عيادة مختصة وعند طبيب مرخص أصولاً بمزاولة هذه الأعمال وليس في صالونات التجميل، إضافة إلى ضرورة الاهتمام بقواعد التعقيم بشكل أساسي، كما أن الحقن بالمواد الدائمة ممنوع، علماً أنه في حال حصلت مشكلات فغالباً هي كارثية من الناحية الجمالية وليست لها حلول نهائية، ومن خلال العمل اليومي في العيادات تتم ملاحظة كثرة المرضى المراجعين بهذه المشكلات والتشوهات الشكلية الناتجة عن عاملين غير مختصين في صالونات التجميل أو أطباء من غير اختصاصات من أطباء الأسنان والنسائية وغيرهم ممن يقومون بهذه الإجراءات وهي خارج اختصاصاتهم، وبالنهاية كل من يعمل بهذه الإجراءات سيتحمّل عقبات ومشكلات عمله، ولكن يجب على المريض أن يعرف الطريق الصحيح لتفادي وقوع المشكلات.
أما نقيب أطباء الأسنان الدكتورة فاديا ديب فبيّنت أنه يوجد في طب الأسنان اختصاص تجميل الوجه والفكين ويسمح للجراح واختصاصي التجميل فقط بحقن البوتكس في محيط الفم والأسنان، علماً أنه سيصدر قريباً تعميم من النقابة لتحذير الطبيب من ممارسة أي عمل خارج نطاق اختصاصه وسيتم وضع شروط لكل ممارسة “زراعة الأسنان، والجراحة وغيرها”، وذلك لحماية الطبيب والمريض من الوقوع بالأخطاء.
وأوضحت ديب أنه سيتم البدء بالتعميم الإعلامي ومن خلال اللجان النقابية لمزاولة المهنة بالتعاون مع وزارة الصحة التي ستقوم بزيارة ورصد ممارسة المهنة والاطلاع على اللافتات والآرمات، ففي حال وجدت مبالغة في الاختصاص، هذا يعني أن الطبيب يحاول جذب المرضى إلى غير اختصاصه، حينها سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بحقه، في الوقت الذي سيتم فيه تحديد من يُسمح له بمزاولة المهنة سواء تقويم الأسنان، أم التجميل، أو الزراعة وغيرها تحت طائلة محاسبة الطبيب وعرضه على المجلس المسلكي وإغلاق عيادته في حال تجاوز العمل، حيث يوجد حالات كثيرة من أطباء الأسنان الذين مارسوا التجميل في عياداتهم وآذَوا المرضى وتم إغلاق عياداتهم فترة زمنية طويلة، علماً أنه يوجد حالتان خلال الخمس سنوات الماضية واحدة منها كانت عقوبتها إغلاق العيادة وسيتم التصدي لهذا الموضوع بضبط مزاولة المهنة والآرمات والعقامة في العيادات.
من جهتها أكدت الرابطة السورية للجراحة التجميلية والترميمية والحروق، ضرورة التزام الأطباء الممارسين للمهنة بالتراخيص الممنوحة لهم من الوزارة وفق اختصاصاتهم في ظل قيام عدد كبير من الأطباء من مختلف الاختصاصات في الآونة الأخيرة بإجراء العمليات الجراحية التجميلية في مختلف المشافي الخاصة. وطالبت الرابطة بضرورة الالتزام بالقرار التنظيمي 13 لعام 2005 الذي ينص على إجراء عمليات التجميل من الطبيب الاختصاصي الحاصل على اختصاص الجراحة التجميلية.
البعث – فداء شاهين
إضافة تعليق جديد