10-07-2017
هل فعلاً نحن نضيع سنوياً 12 مليون طن قمح؟!
قبل فترة وجيزة طرح المهندس حسان قطنا معلومة على غاية من الأهمية والخطورة، ويفترض أن تحفز المعنيين في الحكومة على مناقشتها وسبل تنفيذها.
إذ أكد المهندس قطنا “والذي تولى لسنوات طويلة مديرية التخطيط والإحصاء في وزارة الزراعة” أن استثمار المساحات القابلة للزراعة في المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة يمكنه أن يؤمن للبلاد ما يزيد على 12 مليون طن من القمح!!.
طبعاً في ظل ما تعانيه البلاد من فجوة غذائية لاتزال واسعة بفعل تداعيات الحرب والسياسات الحكومية السابقة، فإن تحقيق ربع هذا الرقم يقي البلاد “شر” الاستيراد، والارتهان للخارج في تأمين لقمة عيش السوريين!!.وما ينطبق على القمح ينطبق على غيره من المحاصيل الزراعية الرئيسية، وعلى الثروة الحيوانية فخروج مناطق زراعية واسعة عن سيطرة الدولة، ودخول معظم الريف السوري على خط المعارك العسكرية، وما فُرض من أتاوات وسمسرة على نقل المنتجات الزراعية، أفقد البلاد جزءاً كبيراً من أمنه الغذائي، الأمر الذي انعكس سلباً على معيشة شريحة واسعة من السوريين، حيث تشير التقديرات الرسمية والأممية المشتركة إلى أن ثلث السوريين يعانون من حالة انعدام الأمن الغذائي، كما أن ذلك شكل ضغطاً متزايداً على موارد الدولة، التي اضطرت إلى الاستيراد لسد ما يمكن من تلك الفجوة.لسنا هنا بصدد تحميل المسؤوليات وانتقاد السياسات والإجراءات التي قادت إلى هذا الواقع، فالأولوية اليوم هي لإعادة ترميم حالة الأمن الغذائي، ولا يبدو من خيار إلا العمل على محورين رئيسين
هما:-إعادة النظر باستثمار المساحات الموجودة في المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة، بحيث يتم تحقيق معدلات إنتاجية أعلى، وللأسف هذا الأمر لم يتحقق إلى اليوم بشكله المجدي، لا بل أن هناك من كان يشكك خلال فترة الحكومة السابقة بصوابية هذا الخيار.وللعلم تحقيق مثل هذه القفزة ليست بالخطوة اليسيرة، التي يمكن أن تتحقق بقرار حكومي يصدر اليوم أو غداً، أو بخطة زراعية تعد من خلف المكاتب، فهناك حاجة لاستراتيجية زراعية متكاملة تعيد العمل بسياسة الدعم، وبما اتبعته البلاد من إجراءات في مرحلة الثمانينات عندما بدأت ثورتها الزراعية، والأهم تقييم موضوعي للإمكانيات المتاحة في هذه المناطق وما تحققه من نتائج سنوية.-العمل على استثمار سريع للمساحات التي يتمكن الجيش السوري من استعادتها بأي شكل من الأشكال، وحتى لو اضطرت الحكومة إلى إصدار تشريعات وقوانين خاصة تتجاوز كل التوجهات السابقة، التي قضت على الإنجازات الزراعية التي تحققت خلال العقود السابقة، وبدأت بالتراجع بدءاً من العام 2008 مع إعلان حكومة عطري إلغاء تدريجي للدعم الزراعي.
نعلم أن هناك صعوبات وظروف خاصة تعيق تنفيذ خطط وتوجهات كثيرة في القطاع الزراعي وغيره، لكن ما تواجهه البلاد من أزمات ومشاكل اقتصادية واجتماعية حادة لا يمكن معالجتها إلا بتطبيق حلول واضحة لا تقبل التأويل أو التأجيل، وهنا على مؤسسات الدولة أن تختار، بين أن تحزم أمرها بالسير قدوماً نحو تنفيذ تلك الحلول، أو تأجيلها حتى تلين الصعوبات وتتحسن الظروف رغم ما قد تستمر البلاد بخسارته!!.
سيرياستيبس – زياد غصن
إضافة تعليق جديد