سرّ نجاح لعبة «بوكيمون غو»

21-07-2016

سرّ نجاح لعبة «بوكيمون غو»

أثار النجاح الكبير لأحدث لعبة فيديو من شركة «نينتدو»، وهي لعبة بوكيمون غو، ضجة كبيرة. فما هو السرّ وراء جاذبية تلك اللعبة؟ يقول جون نوريس، رئيس قسم المحتوى في وكالة «روكيتميل» الرقمية في مدينة برايتون البريطانية: «كان سبب تحميلي لتلك اللعبة أساساً هو أن كثيراً من أصدقائي في الولايات المتحدة أصبحوا مهووسين بها». ويضيف: «إنهم أناس بالغون وراشدون تماماً لكنهم بدون شك يخرجون عن أطوارهم ولعاً بها».
حققت اللعبة ملايين عمليات التنزيل في أقل من أسبوع. وتتطلّب من مستخدميها أن يتتبعوا و «يقبضوا» على «بوكيمون» افتراضي يظهر في مكان ما في عالمهم المحيط بهم. وبالطبع لم يشتهر التطبيق إلا بعد تزايد الجدال والنقاش حوله. وأحد الأسباب هو أن البعض أثار شكوكاً حول حقيقة مفادها أن تلك اللعبة تتيح مجالاً واسعاً للحصول على بيانات المستخدمين. إذ أنها تطلع على تفاصيل البريد الالكتروني، وتواريخ البحث، مروراً بالتعرف على محتويات «غوغل درايف» للتخزين السحابي. فأين تكمن قوة جاذبيتها؟ وهل كان من الممكن التكهن بنجاحها؟
 حنين ومشاركة
 بحث العالم النفسي أندرو بشيبيلسكي، من «معهد أوكسفورد للإنترنت»، الميزات الأساسية التي تجعل ألعاب الفيديو ناجحة. وتتراوح هذه الميزات ما بين كونها موجهة بالضبط حسب درجة الصعوبة المناسبة للاعبيها بقدر ممارستهم لها وتعاملهم الاجتماعي مع الآخرين. على سبيل المثال، من إحدى الصفات الحاسمة للعبة «بوكيمون غو» هي أنها تعتمد على تقنيات يمتلكها الكثيرون ويألفونها بالفعل، وهي هواتفهم الذكية ونظام التموضع العالمي «جي بي إس». إن كثيراً من ألعاب الفيديو التي نالت استحساناً منقطع النظير في السابق، بداية من لعبة «الثعبان» إلى لعبة «الطيور الغاضبة»، كان لها نجاح كامل من الناحية التقنية مع أنها كانت جديدة نسبياً ولكن سهلة الاستعمال، حسبما يضيف بشيبيلسكي.
ويوضح بشيبيلسكي، قائلاً: «تعلم الناس بالفعل كيف يستعملون هذه الهواتف، تماماً مثلما يعرفون كيف يستعملون أجسامهم في لعبة «وي سبورتس»، ويضيف: «كان الجهد قد أنجز بالفعل».
العامل الآخر هو الحنين إلى الماضي. بينما نجد أن نوريس هو أحد الأشخاص الذين لم يلعبوا مطلقاً أياً من ألعاب «بوكيمون»، فإن عددًا من معجبي لعبة «بوكيمون غو» اشتاقوا إلى ذكريات عناوين بعض تلك الألعاب التي تعود إلى العام 1996، عندما طُرحت النسخة الأولى من اللعبة في الأسواق. كما أن حقيقة تداول الناس للعبة البوكيمون بهذا الشكل غير المعتاد مرة أخرى، أحيا الذكريات لدى معجبي اللعبة من كبار السن.
لكن بالنسبة لبشيبيلسكي، إذا أرادت لعبة ما أن تستعمل الحنين إلى الماضي كجزء من جاذبيتها فيتوجب عليها أن تفي بوعدها أيضاً بتوفير التسلية وكل ما هو جديد. ويبدو مؤكداً أن لعبة «بوكيمون غو»، على الأقل، حققت هذا الشيء بالنسبة للبعض. ويتابع: «الوسيلة الوحيدة لتوفير التسلية واللهو هو أن يشعر اللاعبون بالثقة، ويشعروا باستكشافهم لشيء ما، ويتواصلوا اجتماعياً مع بعضهم البعض. ويبدو أن تلك اللعبة كانت موفقة من هذه الجوانب الثلاثة المهمة».
ألعابٌ غيّرت العالم
 في العام 2013، نوّه الكاتب ومقدم البرامج التلفزيونية البريطاني تشارلي برووكر إلى أن «تويتر» هو أحد أفضل 25 «لعبة فيديو» لديه من بين الألعاب التي غيّرت العالم. لكن كيف يمكن أن يكون موقع «تويتر» لعبة فيديو؟
 بحسب منطق برووكر، إنها واجهة المستخدم الرسومية، ونظامها التنافسي المعتمد على النقاط (أي عدد المتابعين أو المعجبين، على سبيل المثال). إن فكرة أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي مجرد لعبة، أو إمكان ممارستها كلعبة، هي فكرة غريبة، لكن عند أخذ تطبيق مثل «بوكيمون غو» بعين الاعتبار، فإن ذلك قد يبدو معقولاً.
ويبدو أن جزءاً من جاذبية اللعبة، سواء قصد صانعوها ذلك أم لا، هي فرصة توحيد المعلومات ومشاركة ما يمر به الشخص على مواقع مثل «ريديت»، و «سناب شات». لذا، فإن «بوكيمون غو» تُلعب ليس فقط ضمن التطبيق الرسمي، ولكن أيضاً عبر قنوات التواصل الاجتماعي هذه.
اللافت للنظر أن العديد من القصص تحكى على مواقع الإنترنت عن لاعبي «بوكيمون غو»، ممن يلتقون صدفة ببعضهم البعض خلال ممارسة اللعبة، وبالتالي من الواضح أن اللعبة تشجع على عملية التفاعل الاجتماعي؛ سواء عن طريق الشبكة العنكبوتية، أو وجهاً لوجه، وهو أمر غير اعتيادي.
اللعبة المثاليّة
 أي أن «بوكيمون غو» قد تكون اللعبة المثالية لعصر وسائل التواصل الاجتماعي، ونحن مستعدون لها، كما يجادل بشيبيلسكي. وحسبما يلمح أيضا، فإن استعمال منصات التواصل الاجتماعي هيأتنا للمرور بهذا النوع من الخبرات والتجارب.
في الحقيقة، يبدو مؤكداً أن الطريقة التي تُلعب بها تلك اللعبة، والطريقة التي يُحكى عنها على الانترنت استولتا على جوهر شعار مارك زوكربيرغ بأنه ينبغي على وسائل التواصل الاجتماعي تفعيل «المشاركة بدون مشاحنات»، أي التعليقات والنشاطات التي تحصل طبيعياً وانسيابياً وتلبي مباشرة احتياجات ورغبات المشاركين.
وبالطبع ليس واضحاً كم ستطول فترة استعباد لاعبي البوكيمون غو. فاللعبة ما زالت جديدة. ولكن، كما يحصل مع كل النجاحات التي تحصل بين ليلة وضحاها، فهي ظاهرة أخرى تمكنت من الاستفادة من رغبات أساسية يتقاسهما أشخاص عديدون.
ومع القيام بهذا، ربما تكون «بوكيمون غو» قد كشفت شيئاً أكثر يتعلق بما يحفز الناس ويحركهم. وسواء كنت تستمتع بممارسة ألعاب الفيديو أم لا، فذلك بالتأكيد أمرٌ يستحق التأمل.

(بي بي سي)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...