الكونغرس يستعيد صخب غزو العراق: الجمهوريون يضغطون باتجاه تدخل أوسع
عاد العراق مجدداً إلى صلب نقاشات لجان الكونغرس الأميركي، في مشهد يذكر بعشية الاجتياح الأميركي للبلاد في العام 2003، حيث يبدو أن الجناح الجمهوري القوي داخل مجلس الشيوخ بات يصوب على انخراط الولايات المتحدة في مشروع جديد في بلاد الرافدين، تحت مسمى «مواجهة تنظيم داعش».
ووجه أعضاء في الكونغرس الأميركي انتقادات حادة إلى الإدارة الأميركية بسبب ما أسموها «استراتيجيتها المتصدعة» لمحاربة التنظيم المتشدد في سوريا والعراق، وذلك خلال جلسة عقدتها لجنة الشؤون الخارجية في المجلس للاستماع الى مبعوث الحكومة الأميركية إلى العراق بريت ماكغورك.
وقال رئيس اللجنة النائب الجمهوري إد رويس إنه «بعد أربعة أشهر على بدء الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة في العراق وسوريا، لا يزال تنظيم داعش يسيطر بشكل عام على الرقعة ذاتها من الأراضي التي كان يسيطر عليها» في الصيف الماضي، معتبراً أن أحد الأسباب الكامنة وراء ذلك، هو «الطبيعة المحدودة للجهد العسكري الأميركي هناك».
وقارن رويس بين الغارات الجوية التي شنها «التحالف الدولي» الذي تزعم الولايات المتحدة محاربة «داعش» من خلاله في سوريا والعراق والتي بلغ عددها حوالي 1100 غارة وبين «ألف طلعة جوية» كانت تشنها القوات الأميركية ضد الجيش العراقي خلال احتلال العراق في العام 2003، مستنكراً ما وصفه بـ»رد الحد الادنى» ضد متشددي «داعش»، بينما اعتبر ماكغورك أن الحملة على التنظيم ستمتد لسنوات وسيكون فيها العراق «المرحلة الأولى».
وفي هذه الأثناء، أعلن «حلف شمال الأطلسي»، أنه يدرس طلب العراق الحصول على المساعدة في «بناء جيشه»، وذكر الأمين العام لـ»الناتو» ينس ستولتنبرغ في مؤتمر «الناتو وأمن الخليج للشركاء الاقليميين» الذي يعقد في قطر، أمس، أن «العراق طلب الآن دعم الناتو في بناء قدراته الدفاعية»، وأضاف أن «داعش يشكل تهديدا خطيرا على الشعبين العراقي والسوري والمنطقة بشكل أوسع وعلى جميع الدول».
وصوب ستولتنبرغ على ضرورة التعاون من أجل «حماية الخطوط البحرية الحيوية، وإمدادات الطاقة والبنى التحتية الحساسة»، وأضاف أن «الناتو» يمكن أن يوفر «خبراته الواسعة ويقدم الدعم والاستشارة والمساعدة للدول لبناء دفاعها الوطني وقدراتها الأمنية»، مبيناً أن «الحلفاء سيراجعون طلب العراق بالتنسيق مع السلطات العراقية ومع التحالف الدولي ضد تنظيم داعش».
داخلياً، دعا زعيم «التيار الصدري» في العراق السيد مقتدى الصدر مقاتلي «سرايا السلام» إلى التأهب لمحاربة مسلحي تنظيم «داعش» الساعين للسيطرة على مدينة سامراء، وقال مكتب الصدر إن الأمر قد صدر «نظرا للظروف الاستثنائية والخطر المحدق بمدينة سامراء المقدسة من قبل فلول الإرهابيين»، وأضاف أن الصدر أمر مقاتلي «سرايا السلام» التابعة له بأن تكون «على أهبة الاستعداد لتلبية نداء الجهاد خلال 48 ساعة» والانتظار لحين صدور تعليمات أخرى.
ويسعى تنظيم «داعش» على ما يبدو إلى تشتيت قوة تنظيمات «الحشد الشعبي» التي باتت تحقق عددا من الانتصارات الميدانية، كما يعمل التنظيم بالتوازي على تذكية النعرات الطائفية التي تؤدي إلى المزيد من الشرخ ضمن الفئات المجتمعية العراقية.
وحول مسألة الهجوم المحتمل على سامراء، قال رئيس ديوان الوقف الشيعي في العراق محمد الحيدري، إن «داعش» حاول استغلال مناسبة إحياء «أربعينية الإمام الحسين» لشن هجومه على محيط مدينة سامراء، التي تعد منطقة استراتيجية لقربها من بغداد كما أنها ذات أهمية دينية لدى الطائفة الشيعية.
ولفت الحيدري إلى أن «المرجعية الدينية أبلغت عناصر الحشد الشعبي ممن يتولون تأمين مرقد الإمامين في سامراء بعدم ترك مواقعهم والذهاب لإحياء ذكرى أربعينية الحسين، وهو ما تم بالفعل وخابت توقعات داعش».
وكان التنظيم قد نفذ عدداً من العمليات العسكرية في محيط مدينة سامراء وتمكن من السيطرة على ناحية المعتصم التي تبعد 22 كيلومترا جنوب شرقي المدينة، التي تضم مرقد الإمامين العسكريين والذي دمر في العام 2006 بتفجيرات تبناها تنظيم «القاعدة»، ما يعيد إلى الأذهان الشرخ الذي أحدثه التنظيم في المجتمع العراقي في ذروة الاحتلال الأميركي للعراق وانطلاق عمليات المقاومة.
وقال عقيد في قيادة العمليات العسكرية في سامراء إن «داعش» يخطط في ما يبدو إما لشن هجوم مباشر على المدينة أو الدخول في حرب استنزاف لتصرف انتباه القوات الحكومية عن معارك تدور في الشمال للسيطرة على مدينة تكريت.
وفي هذا السياق أكد النائب عن محافظة صلاح الدين مشعان الجبوري أن تنظيم «داعش» ما يزال يمتلك أسلحة أكثر تطوراً من تلك الموجودة لدى الجيش العراقي، وأعرب عن أمله بـ»مشاركة القوات التي يقودها هادي العامري من ديالى إلى سامراء لتحرير تكريت والقصور الرئاسية»، مشيراً إلى أن «القوات الأمنية لم تفقد المبادرة إلا أن لدى داعش سلاحاً أفضل منها في صلاح الدين».
من جهة أخرى، شدد محافظ نينوى أثيل النجيفي على ضرورة مشاركة من أسماها «الدول الإسلامية السنية» مثل مصر ودول الخليج في القضاء على التطرف، وقال في مؤتمر صحافي عقده في أربيل إن زيارته إلى الولايات المتحدة تناولت الحصول «على الدعم لتحرير الموصل»، وأن رئيس الوزراء حيدر العبادي كان من الداعمين لزيارته، نافياً أن يكون نائب رئيس الحكومة الأسبق طارق الهاشمي قد رافقه في هذه الزيارة.
واعتبر النجيفي أن الضرورة تقتضي بأن «يكون هناك قوة أرضية لمساعدة قوات التحالف لمحاربة داعش وإخراجه من الموصل ويجب أن يكون فيها عدد كاف من السنة»، لافتاً إلى أن «قتال داعش هو عسكري وفكري»، معتبراً أن المعارك تدور على ما اسماه «أرضا سنية»، ويجب أن تشارك في هذا القتال «دول إسلامية سنية مثل مصر ودول الخليج للقضاء على التطرف الذي نشأ خلال هذه المدة»، مشدداً على أن هذه الخطوة يجب أن تقوم بها «الجهات والقوى المحلية والإقليمية».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد