ليبيا:القرار السياسي الرسمي يتراجع أمام عملية حفتر
خطوتان متتابعتان من قبل السلطات الرسمية الليبية كانتا كفيلتين، أمس، في إعطاء مؤشر واضح على التراجع أمام الزخم المتصاعد الذي تلقاه عملية "كرامة ليبيا" بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ونحو محاولة تأمين حل سياسي للأزمة الراهنة. الخطوة الأولى تمثلت في قرار المؤتمر الوطني العام تأجيل منح الثقة لحكومة رئيس الوزراء الجديد أحمد معيتيق الإشكالية، فيما تمثلت الثانية بقرار مفوضية الانتخابات تحديد تاريخ 25 حزيران المقبل موعداً لانتخاب برلمان جديد في ليبيا يحل محل المؤتمر الوطني العام.
وقرر المؤتمر الوطني العام أمس، تأجيل منح الثقة لحكومة رئيس الوزراء الجديد أحمد معيتيق لأسبوع آخر بناء على طلب تقدم به معيتيق بهدف "إتاحة الفرصة لعقد مشاورات مع أطراف أخرى لضمها" في تشكيلة حكومته. وقال النائب الليبي عمر بوشاح إنه "تم تأجيل منح الثقة لرئيس الوزراء الجديد أحمد معيتيق أسبوعاً برغم أنه قد تقدم بالتشكيلة النهائية مطلع الأسبوع". وكان البرلمان الليبي قد عقد الجلسة، أمس، في أحد فنادق العاصمة طرابلس وسط تشديدات أمنية وتعزيزات عسكرية في مناطق متفرقة في العاصمة.
وكانت الحكومة الليبية المؤقتة برئاسة عبد الله الثني قد طلبت، في مبادرة مفاجئة منها، أمس الأول، من المؤتمر الوطني وقف نشاطه وإعادة الانتخابات التي ثار الخلاف من حولها والتي أتت بمعيتيق إلى المنصب. وكان تعيين معيتيق قد أثار غضب الكثيرين كونه، أساساً، يحظى بدعم الأطراف المنضوية تحت مظلة "الإخوان المسلمين".
من جهتها، حددت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات يوم 25 حزيران المقبل موعدا للانتخابات الخاصة بمجلس النواب. وأعلن رئيس المفوضية عماد السائح أنه أبلغ رئاسة المؤتمر الوطني بهذا الموعد، أمس.
وفي إطار الزخم المتزايد الذي تلقاه عملية اللواء حفتر، المنطلقة يوم الجمعة الماضي في مدينة بنغازي، كان بارزاً، أمس، إعلان رئيس الحكومة الليبية المقال علي زيدان دعمه للعملية العسكرية. ودعا زيدان، في مداخلة له عبر فضائية "ليبيا لكل الأحرار"، كل الضباط الليبيين إلى "الانضمام لزملائهم في معركة الكرامة"، مشيراً إلى ضرورة "الالتحام مع الجيش في مدينة بنغازي في حربه على الإرهاب". ولفت زيدان إلى "إجراء اتصالات مع المجتمع الدولي، وطلب الدعم من أجل استعادة الدولة في ليبيا"، متابعا أن "العالم لن يقف موقف المتفرج"، من دون إعطاء مزيد من التوضيحات.
ووصف رئيس الحكومة السابق المؤتمر الوطني العام، الذي أقاله في شهر آذار الماضي، بـ"الجسم العاجز"، مضيفا أنه "لن تتحسن الأوضاع في ليبيا إلا بإزالته".
وفي السياق ذاته، نقلت وكالة الأنباء الليبية أنّ "كل التشكيلات العسكرية والأمنية وأعيان ومشايخ الجبل الأخضر (أعلنوا) انحيازهم التام إلى ما أسموه عملية الكرامة". كما أعلنت قوات تأمين مطار بنينا الدولي في مدينة بنغازي انضمامها لقوات اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر.
من جهتها، حذرت "جماعة أنصار الشريعة" الليبية، أمس، من أنها سترد على أي هجوم من اللواء حفتر، في سياق حربه على الجماعات الإسلامية المسلحة في شرق ليبيا. وأعلنت هذه الجماعة الإسلامية المسلحة، المدرجة على لوائح الولايات المتحدة "الإرهابية"، في بيان، أنّ "خيار المواجهة أمر أصبح مفروضاً ومحتوماً حمايةً لمدينتنا (بنغازي) وأرضنا وعرضنا، فهذه المدينة التي شاركنا في الدفاع عنها يوم أن دخلتها أرتال الطاغوت (العقيد معمر) القذافي لن نتوانى في الدفاع عنها والذود عن أهلها وأهلنا، ونحمل مسؤولية أي هجوم على المدينة وأبنائها لهذا الطاغوت المدعو خليفة حفتر وأتباعه، فإننا سنتعامل مع أي قوات تدخل المدينة وتهاجمها كما تعاملنا مع رتل القذافي وكتائبه". واعتبرت الجماعة عملية اللواء حفتر بأنها "في الحقيقة الحرب على الإسلام ومن ينادي بإقامة الشريعة الإسلامية"، مضيفة "إننا نقف مع مطالب أهلنا وشعبنا المسلم في مطالبتهم بالأمن والاستقرار تحت راية الشريعة الإسلامية لا تحت راية الديموقراطية والعلمانية والدساتير الوضعية".
بدوره، قال المراقب العام لـ"الإخوان المسلمين" في ليبيا بشير الكبتي إنّ "حل الأزمة الليبية يكمن في لجوء الجميع لطاولة الحوار". وفي حديث إلى وكالة "الأناضول"، قال الكبتي إنّ "رؤيتنا لحل الأزمة الليبية هي جلوس جميع الأطراف الى طاولة الحوار وبدء لغة مباحثات سريعا". وكان اللواء خليفة حفتر قد قال في حوار صحافي، نشر أمس، إنّ "عملية الكرامة" التي تشنها قوات عسكرية موالية له منذ يوم الجمعة الماضي تهدف إلى "تطهير ليبيا من المتطرفين وجماعة الإخوان المسلمين".
وفي سياق التحركات العربية والدولية المتابعة للأوضاع في ليبيا، كان لافتاً، أمس، التحرك المصري، حيث أعلنت وزارة الخارجية أنّ نبيل فهمي أجرى، أمس، عدداً من الاتصالات الهاتفية مع نظرائه حول الأوضاع المتدهورة في ليبيا.
وشملت الاتصالات وزير الخارجية الليبي محمد عبد العزيز ووزير الخارجية الأميركي جون كيري ووزير الشؤون الخارجية التونسي منجي الحامدي ونظيره الجزائري رمطان العمامرة، إضافة إلى وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ونظيره الإماراتي عبد الله بن زايد والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي. وأشار بيان إلى أنّ "محصلة هذه الاتصالات عكست قلقاً شديداً لدى جميع الأطراف المعنية إزاء تدهور هذه الأوضاع وضرورة وقف الاشتباكات الحالية، وأهمية مزيد من التنسيق والتشاور بين دول الجوار المعنية لمتابعة هذه التطورات".
أما في ما له علاقة بالحديث المتكرر حول دعم الولايات المتحدة لحفتر، نظراً إلى العلاقات السابقة التي تربطه بها، أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بيساكي، أمس، "لم نجر اتصالا معه في الآونة الأخيرة. لا نقبل الأفعال على الأرض أو نؤيدها ولم نساعد في تلك الأفعال". وأضافت "نواصل دعوة كل الأطراف للإحجام عن العنف والسعي لحل عبر وسائل سلمية". من جهتها، ذكرت شبكة "سي ان ان" الإخبارية أنّ وزارة الدفاع الأميركية بدأت في اتخاذ الاستعدادات اللازمة لإجلاء أفراد السفارة الأميركية من ليبيا.
وكالات
إضافة تعليق جديد