كيف تتنظر واشنطن إلى التهديد الإرهابي القادم من سورية

14-03-2014

كيف تتنظر واشنطن إلى التهديد الإرهابي القادم من سورية

مقدمة: "التهديد الإرهابي من سورية" إفادة أدلى بها  Seth G. Jones المدير المساعد بمركز سياسة الأمن والدفاع الدولي "مؤسسة راند" أمام لجنة الأمن الداخلي واللجنة الفرعية لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في 22 أيار 2013 نشرها مكتب مؤسسة راند للشؤون الخارجية ويعيد موقع " الجمل" نشرها اليوم لتوضيح ما يجري على الأراضي السورية.
 

 الجمل ـ سيث.ج.جونز: إن تصاعد وتيرة الحرب في سورية، يشكل تهديداً متزايداً للولايات المتحدة الأمريكية. فقد أصبحت سورية أرضاً تدريبية مثالية للمقاتلين الأجانب تحت قيادة جبهة النصرة، وهي جماعة تابعة لتنظيم القاعدة. وخلال العام المنصرم توجهت أعداد متزايدة من

المقاتلين إلى سورية من مناطق أخرى، بما في ذلك من البلدان الغربية، للمشاركة في قتال نظام بشار الأسد، وقد انضم بعض هؤلاء المقاتلين إلى جبهة النصرة. ويبدو أن معظم الغربيين كانوا من بلدان أوروبية مثل: بلجيكا وفرنسا والسويد. ويكتسب العديد من هؤلاء خبرة قيِّمة في القتال، وصناعة المتفجرات، وبث الدعايات، ومكافحة التجسس. كما أن معظمهم يوسع علاقاته مع مقاتلين من مناطق أخرى من بلدان الخليج العربي وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، ما يجعلهم أكثر التزاماً بفكرهم. وإضافة إلى ذلك فإن هؤلاء الأوروبيون يصبحون كالأنابيب، حيث يستخدمون لنقل المال والمواد إلى الجبهة السورية.
ورغم أن أعداد المواطنين الأمريكيين الذين يتجهون إلى سورية محدودة، على الأقل حالياً، إلا أن تزايد أعداد الأوروبيين المتوجهين إلى هناك، وإمكانية وصولهم إلى الولايات المتحدة، يمثل تحدياً مهماً لمكافحة الإرهاب.
ومن غير الواضح، حالياً، ما إذا كان معظم هؤلاء المقاتلون سوف يبقون في سورية، على المدى البعيد، أو ينتقلون إلى مناطق الحروب الأخرى، مثل: شمال أفريقيا، أو سيعودون إلى أوطانهم. وعلى الرغم من عودة بعضهم إلى الغرب، فإنه لا يمكننا أن نجزم فيما إذا كان هؤلاء المقاتلون سيشاركون في مؤامرات الإرهاب، أو يصرفون اهتمامهم على تجنيد الآخرين وجمع الأموال، أو يصابون بخيبة أمل من هذا الإرهاب. ومع ذلك فإن توجهنا واضحاً بأن سورية تجذب كوادر متزايدة من المقاتلين الغربيين، الذين قد يعودون إلى ديارهم ولديهم القدرة على شن هجمات ضد الولايات المتحدة وحلفائها.
لقد تم تجميع معلومات هذه الإفادة من مجموعة مصادر، منها المواقع الجهادية ومنتدياتها، والمواقع الغربية التي تنشر مقاطع الفيديو الجهادية ونصوصها، مثل: SITE Intelligence Group، و Long War Journal، وكذلك من مقابلات أجريت مع مسؤولين حكوميين من الغرب ومن الشرق الأوسط، إضافة إلى مصادر ثانوية أخرى. ورغم ذلك لا يزال هناك فجوات لا يمكن تجاهلها في هذا التحليل، كما هو الحال في معظم تقييمات الحرب السورية. فعلى سبيل المثال: لا يمكن معرفة عدد المقاتلين الأجانب من الغرب أو من غيرها من المناطق الذين اتجهوا إلى سورية بشكل دقيق، وكيفية تطرفهم وأسبابه، وماذا سيفعلون إذا رجعوا من سورية. ورغم هذه التحديات المنهجية، إلا أن هناك ما يكفي من المعلومات لتقييم التهديد القادم من سورية بدرجة معقولة من الدقة.
تنقسم هذه الإفادة إلى محاور ثلاثة، أولها: يضع الخطوط العريضة لأصول جبهة النصرة وتطورها من العام 2011. وثانيها: تقييم قدرات جبهة النصرة المتزايدة وتواجدها في سورية، إضافة إلى وصف موجز للجماعات المسلحة الأخرى العاملة في سورية. وثالثها: يتناول التهديد القادم من سورية على الأمن الوطني الأمريكي وحلفاء الولايات المتحدة الأمريكية.

أصول القاعدة في سورية
انبثقت جبهة النصرة من لوجستيات تنظيم القاعدة في العراق ومن شبكة دعم داخل سورية. ولعل البداية كانت في أوائل عام 2003، عندما تحولت سورية إلى نقطة عبور رئيسة للأجانب الراغبين في القتال في العراق. ووفقاً لوثائق تم الحصول عليها إثر غارة قرب سنجار في العراق، على سبيل المثال، تظهر تلك الوثائق أن المقاتلين الأجانب جاؤوا من بلدان، مثل: المملكة العربية السعودية وليبيا واليمن والجزائر وسورية. وكان معظمهم من الشباب الذين راوحت أعمارهم بين 24 و25 سنة. وقد كان بعضهم طلاباً، بينما كان يعمل الآخرون بدوام كامل. وقد دخل كل هؤلاء المقاتلين الأجانب العراق، بشكل فعلي، عن طريق سورية، بمساعدة المهربين أو شبكات إجرامية. وباختصار، فقد أصبحت مركزاً هاماً لعبور القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى.
عندما اشتد وطيس الحرب في سورية عام 2011، استخدم قادة القاعدة في العراق تلك الشبكات المنشأة سابقاً وأنشأوا جبهة النصرة ليكون ذراعهم العملياتي في سورية. وقد أوضح أبو بكر البغدادي، الذي يُعرف أيضاً بأبي دعاء، زعيم تنظيم القاعدة في العراق: "لقد وضعنا لهم الخطط، ورسمنا لهم سياسة العمل، وزودناهم بدعم مالي على قدر استطاعتنا كل شهر، ومددناهم بالرجال الذين خبروا ساحات الجهاد من المهاجرين والمواطنين". وقد اختار مسؤولو القاعدة في العراق أبي محمد الجولاني، وهو مواطن عراقي، ليكون زعيم أو أمير جبهة النصرة. وقبيل اتخاذه مسؤولاً عن عمليات القاعدة في سورية أواخر عام 2011، كان الجولاني قد تعهد بالولاء للبغدادي. وبعد ذلك أرسلت القاعدة الأسلحة الصغيرة والخفيفة، بما فيها البنادق، ومدافع خفيفة وقذائف صاروخية، إلى قواتها في سورية. كما أرسلت خبراء المتفجرات لزيادة قدرات جبهة النصرة في صنع المتفجرات ولتعزيز صفوف مقاتليها. ثم بدأت تتزايد أعداد الجهات المتبرعة من الخليج العربي وبلاد الشام التي ترسل دعمها المالي لهم.
وقد أوضح أبو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة، أن هدف جماعته هو تحقيق: "عودة تحكيم شرع الله في الأرض" فهم جماعة جهادية سلفية ملتزمة بإقامة إمارة إسلامية في سورية، قد تمتد إلى المناطق المجاورة. وقد أوجد قادة جبهة النصرة تفسيراً متطرفاً للشريعة أو القانون الإسلامي في بعض المناطق الخاضعة لسيطرتهم في سورية. وفي تطور مهم، على كل حال، فإن قادة القاعدة قرروا في البداية عدم نشر صلة جبهة النصرة مع تنظيم القاعدة في العراق للعامة. ولعل ذلك بدافع القلق من أن ذلك من شأنه أن يقوض دعمهم داخل سورية، وخشية أن يكون وجودهم في سورية غير مرغوب به من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ووكالات الاستخبارات الأجنبية.
إن أهمية سورية بالنسبة للقاعدة قديم لأسباب تاريخية ودينية واستراتيجية، فسورية تُعرف ببلاد الشام أو أرض شعوب المشرق، وكانت دمشق موطن العلامة ابن تيمية في القرن الثالث عشر، ويُعد كتابه "المفهوم الديني والأخلاقي للجهاد" أحد أعمدة فكر القاعدة، كما تشتمل منطقة بلاد الشام على مدينة القدس، وهي ثالث أقدس موقع إسلامي بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة. إضافة إلى ذلك فإن أهمية سورية تنبع، كذلك، من موقعها الإستراتيجي المهم، فهي تجاور اثنين من ألد أعداء القاعدة، الأردن وإسرائيل، وما قد توفره مخابئ حكومة الأسد من أسلحة تقليدية وغير تقليدية، التي تزداد إمكانية الحصول عليها كلما فقد نظام الأسد السيطرة على الأراضي السورية.
وبحلول مطلع عام 2013، على كل حال، توترت العلاقة بين جبهة النصرة وتنظيم القاعدة في العراق، ما دفع جبهة النصرة إلى التقرب من القيادة العليا لتنظيم القاعدة في باكستان. وقد كان واضحاً استياء مسؤولو جبهة النصرة عندما أعلنت القاعدة في العراق في نيسان 2013 عن نيتها لدمج فصيلي القاعدة في كل من العراق والشام تحت مسمى واحد، هو "الدولة الإسلامية في العراق والشام". وعندما أوجدت جبهة النصرة مصادر تمويل ومعدات ومقاتلين خاصين بها وحدها، أصبحت مستقلة بشكل متزايد عن تنظيم القاعدة في العراق. ولعل الاندماج الرسمي كان من المرجح أنه سيقضي على هذا الحكم الذاتي. وتأكيداً على استقلاليته وعدم تبعيته لتنظيم القاعدة في العراق، أعلن الجولاني في نيسان عن ولائه المباشر لقيادة القاعدة المركزية في باكستان: "هذه بيعة من أبناء جبهة النصرة ومسؤولهم العام نجددها لشيخ الجهاد الشيخ أيمن الظواهري حفظه الله". وكما تم مناقشته في آخر هذه الإفادة فإن تحرك جبهة النصرة باتجاه القيادة المركزية في باكستان يجعل منها عدواً أكثر خطراً على الولايات المتحدة الأمريكية.
ويُعد فهمنا لأصول جبهة النصرة مهماً لسببين اثنين، أولهما: أن عناصر القاعدة في العراق هم من أوجد جبهة النصرة وربطها مباشرة مع القاعدة. وخلافاً لجماعات القاعدة الأخرى، مثل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في اليمن، فإن نشطاء القاعدة في سورية قللوا من إعلان روابطهم مع القاعدة علناً. وكان ذلك قرار إستراتيجي مهم، وقد تستخدمه التنظيمات المرتبطة بالقاعدة بشكل متزايد في المستقبل؛ لتجنب المراقبة غير المرغوب فيها من قبل الحكومات الأجنبية. وثاني الأسباب هو: أن علاقة جبهة النصرة مع القاعدة منحها إمكانية الحصول على المال والسلاح والمقاتلين، ومواد أخرى من القاعدة في العراق.

قدرات متنامية
منذ مطلع العام 2012، طورت جبهة النصرة شبكة قيادة تحكم قوية في أرجاء سورية. وقامت بسلسلة من الهجمات الانتحارية المدمرة، ودبرت مئات السيارات المفخخة، ونفذت اغتيالات لرموز نظام الأسد. فعلى سبيل المثال، وخلال الفترة من تشرين الثاني 2011، وكانون الأول 2012، نفذت جبهة النصرة قرابة 600 هجوم في كل من دمشق وحلب وحمص وإدلب ومواقع أخرى. وقد تبنت الكثير من عملياتها وهجماتها من خلال النشر في المنتديات الجهادية وموقعها على تويتر. وفي الواقع، فقد أسست جبهة النصرة حملة دعائية متقدمة، تحت إدارة ذراعها الإعلامي الرسمي "المنارة البيضاء".
ولتنظيم عملياتها، فإن جبهة النصرة عينت مجلس إدارة، وأوجدت مقرات قيادة، وأسست شبكات في المناطق مكونة من قادة عسكريين وشرعيين لإدارة العمليات، ولتسهيل عبور الأسلحة وغيرها من الإمدادات عبر الحدود. إضافة إلى ذلك فقد جهزت نفسها بترسانة هائلة من الأسلحة، ما يجعلها من أكثر الجماعات التابعة للقاعدة تسليحاً في العالم. كما أنها شاركت مع المجموعات الأخرى في الاستيلاء على قواعد عسكرية سورية عدة، كسبت منها مجموعة واسعة من الأسلحة، ما عزز من قوتها، وجعلها تكون أشبه بجيش صغير، بعد أن كانت عبارة عن مجموعة من الأفراد يفتقرون إلى السلاح ويشبهون مقاتلو العصابات. وعلى سبيل المثال، ففي شباط 2013، ساعد مقاتلو جبهة النصرة في الاستيلاء على قاعدة الجراح الجوية في مدينة الثورة، إضافة إلى سدين في مدينة الرقة. كما أنهم، كذلك، في كانون الثاني أسهموا مع أحرار الشام والطليعة الإسلامية في السيطرة على مطار تفتناز العسكري، وهو قاعدة سلاح جوية سورية حيوية في إدلب. وفي كانون الأول 2012، أحكمت جبهة النصرة، مع الفصائل المتحالفة معها سيطرتها على قاعدة الشيخ سليمان. وفي تشرين الأول اقتحمت جبهة النصرة وحلفائها قاعدة دفاع جوي وصواريخ سكود في حلب.
تنشط جبهة النصرة في مواقع سورية عدة. ولعله من المرجح أن أكثر ملاذ آمن لها هو محافظة دير الزور ذات الغالبية السنية، حيث كان عناصر قاعدة العراق ينشطون في الأراضي العراقية القريبة منها لعقد من الزمان، والتي تحتوي على أنابيب نفطية. والمكان الثاني الآمن لهم هو شمال غرب سورية، حيث استطاع مقاتلو جبهة النصرة من نقل المقاتلين والمتفجرات والمواد الأخرى عبر الحدود التركية إلى مقراتهم في حلب وإدلب. وأوجدت جبهة النصرة ملاذاً آمنا لها جنوب غرب سورية في محافظة درعا بالقرب من الحدود الأردنية، وفي دمشق كذلك.

ورغم أن جبهة النصرة من أكثر الجماعات المتطرفة الفاعلة في سورية إلا أنها ليست الوحيدة. فقد قامت بعمليات مشتركة مع أكثر من اثني عشر جماعة، مثل: أحرار الشام وصقور الشام وشهداء سورية. ولعل أحرار الشام هي أكبر جماعة سلفية جهادية فاعلة في سورية. وفي عام 2012 أسهمت جبهة النصرة مع لا يقل عن تسع مجموعات أخرى بإنشاء مجلس شورى المجاهدين في دير الزور. وكان الغرض من تشكيل هذا المجلس هو: "توحيد صفوف الكتائب المجاهدة في سبيل الله وترتيب الجهود وتنظيم الضربات ضد جنود الكفر والردة , وتمييز صفوف الحق عن الباطل" وفق بيان صدر عن الجماعة في كانون الأول 2012، وأضاف هذا البيان: "وندعوا إخواننا المجاهدين الصادقين في جميع أنحاء الشام العزيزة إلى توحيد صفوفهم في مجاميع نقية من دنس الاجتماعات المشبوهة والعلاقات الدخيلة مع أقوام لا أخلاق لهم ولا دين، حتى تتضح الراية ويجلو السبيل". وهذه الإستراتيجية انتهجتها القاعدة في العراق عندما شكل المجاهدون مجلس شورى عام 2006، لتنسيق العمليات بين الجماعات المسلحة السنية في العراق.

تهديدات للغرب
ينصب حالياً اهتمام جبهة النصرة وقادتها بما فيهم أبو محمد الجولاني في القضاء على نظام بشار الأسد . ولكن يجب أن لا نتجاهل بأن نوايا الجولاني وجبهة النصرة أو من ينشق عنهم، قد تتطور لشن هجمات ضد الغرب، بعد، أو حتى قبل، سقوط نظام الأسد. حيث أن سهولة اتصال جبهة النصرة بالمقاتلين الأجانب، واتصالها بالشبكات الخارجية في أوروبا وغيرها من المناطق، والخبرة التي اكتسبوها في صناعة المتفجرات، كل ذلك يوحي لنا بمقدرة جبهة النصرة على التخطيط ودعم شن هجمات ضد الغرب.
وعلى نطاق أوسع، يبدو لنا تزايد أعداد المقاتلين الأجانب الذين يتجهون من وإلى سورية، للمشاركة في الحرب هناك. ويأتي قسم كبير منهم من نفس المنطقة بما في ذلك من الأردن والمملكة العربية السعودية والعراق، إلا أنه يبدو بأن عدداً كبيراً منهم يأتي من الغرب أيضاً، خاصة من بلجيكا وفرنسا والسويد؛ إضافة إلى توجه عدد من المتطرفين من بلدان أوروبية أخرى. ووفقاً لمسؤولين إسبان، على سبيل المثال، فإن شبكة مقرها إسبانيا والمغرب، قد أرسلت قرابة 24 مقاتلاً إلى جبهة النصرة خلال العام المنصرم ولا يبدو جلياً كم عدد الذين عادوا منهم إلى الغرب، إلا أنه من الواضح أن بعضاً منهم قد عاد إلى ألمانيا والدنمارك وإسبانيا والنرويج وغيرها. وفي تشرين الأول من العام 2012، ألقت السلطات في كوسوفو القبض على المتطرف شكري عليو، الذي عاد من سورية وكانت له مشاركة في تجنيد المقاتلين وتوفير المعدات للجماعات السورية المعارضة. أما بالنسبة للأمريكيين فإن عددهم، على ما يبدو، قليل، لعلهم لا يتجاوزون 12 شخصاً، توجهوا إلى سورية للقتال إلى جانب المعارضة.
أما تركيا فهي بلد العبور الأكثر استخداماً، حيث يستقر فيها المقاتلون الأجانب المتطرفون قبل دخولهم سورية، بينما يستخدم البعض الآخر بلدان مثل الأردن ولبنان والعراق. وقد صرح وزير خارجية العراق، هوشيه زيباري، بأنه: "لدينا معلومات وتقارير استخباراتية مؤكدة بأن أعضاء من شبكات منظمة القاعدة الإرهابية قد عبروا الحدود بالاتجاه الآخر، أي إلى سورية، للمشاركة في تنفيذ هجمات". كما توجد مؤشرات، كذلك، على أن بعض أعضاء القاعدة قد غادروا باكستان متجهين إلى سورية، بما فيهم القيادي البارز السابق في تنظيم القاعدة أبو الوفا السعودي.
تلك التوجهات تمثل تهديداً للولايات المتحدة الأمريكية، فسورية تجذب كوادر متنامية من المقاتلين الغربيين الأجانب، وهناك احتمال كبير أن يرجعوا من سورية وهم لديهم القدرة على شن هجمات ضد الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، خاصة أن بعض هؤلاء الأفراد قد انضم إلى جبهة النصرة، التي وثقت علاقاتها مع كبار قادة تنظيم القاعدة في باكستان. أما ما يتعلق بالجيش السوري الحر فقد امتدح بعض قادته جبهة النصرة، حيث دافع العقيد رياض الأسعد، وهو مؤسس الجيش السوري الحر، عن جبهة النصرة بقوله: "هم إخوتنا في الإسلام"، وأضاف بأنه: "يمكن أن نختلف معهم فكرياً، إلا أن غالبية الناس ينظرون إليهم بإعجاب". أما معاذ الخطيب، وهو رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض، فأشار إلى شيء مشابه من هذا عندما قال: "يجب إعادة النظر" في قرار الولايات المتحدة الأمريكية في كانون الأول 2012 بإدراج جبهة النصرة كمنظمة إرهابية، طالما أن لديهم: "الهدف نفسه في القضاء على النظام المجرم" للرئيس بشار الأسد. ويُعد الدفاع هذا عن جبهة النصرة صفقة قصيرة المدى مع الشر. أما رؤية القاعدة على المدى الطويل فتتمثل بإقامة إمارة إسلامية متطرفة في المشرق، وفي الواقع فهدفها أبعد من ذلك، أي إقامة إمارة إسلامية فوق أي أرض تتاح لها، وهذا يتعارض مع وجهات النظر الدينية الأكثر اعتدالاً لدى معظم السوريين.
في حين يبدو أن أعداد الأمريكيين المتجهين إلى سورية محدوداً، على الأقل حالياً، إلا أن الزيادة في أعداد الأوروبيين المتجهين إلى سورية والذين يستطيعون الدخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية، آخذين بعين الاعتبار برنامج إعفائهم من الحصول على التأشيرة للدخول، يمثل تحدياً خطيراً لمكافحة الإرهاب. لذا يتعين على الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوروبيين تحديد هويات هؤلاء المقاتلين الأجانب، آخذين بعين الاعتبار الاختلافات في تهجئة الأسماء أو الأسماء المستعارة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والتأكيد على أن هؤلاء المقاتلين يخضعون لقوائم مراقبة مناسبة، ومراقبة أنشطتهم، وإلقاء القبض عليهم في حال عودتهم إلى الغرب. وكما تم الخلوص إليه من مفجري حادثة بوسطن الأخيرة، ومن عدة إرهابيين سابقين في الولايات المتحدة الأمريكية، مثل: فيصل شاه زاد وعمر فاروق عبدالمطلب، أن معظم هؤلاء المتطرفين قد دخلوا الولايات المتحدة الأمريكية ولم يكونوا على قوائم المراقبة. إن أجهزة الاستخبارات الأمريكية والأوروبية المهتمة بشأن المتطرفين السوريين يعتريها النقصان، ما يجعل من الأهمية بمكان زيادة الكفاءات البشرية والإشارات الاستخباراتية الملتقطة خلال العام القادم، لتقفي أثر الأفراد الذي يتجهون أو يخرجون من سورية.
ومن المرجح، وعلى المدى الطويل، سوف يتزايد تهديد الولايات المتحدة القادم من سورية، حتى وإن سقط نظام الأسد، حيث أنه من المؤكد أن الحرب سوف تستمر ولكن بشكل مختلف، حيث أن الجماعات التي تشبه الدول مثل جبهة النصرة سوف تتنافس لإحكام سيطرتها على الدولة، وتحاول نشر فكرها في جميع أرجاء المنطقة.


إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...