تونس: «الرباعي» يمدّد مهلة المعارضة تأجيل الحوار الوطني إلى الإثنين
يبدو أن الحوار الوطني التونسي الذي أريد له أن يكون آلية للخروج من الأزمة السياسية الخانقة، قد ولد أزمة جديدة في غياب التوافق حول شخصية رئيس الحكومة الجديد مهدي جمعة، إذ قررت أحزاب سياسية مقاطعة الحوار إثر اختياره.
إلا أن الرباعي الراعي للحوار لم يشأ استئناف المشاورات من دون عودة جميع الأطراف إلى طاولة المفاوضات، فارتأى إمهال المعارضة حيزاً من الوقت، علّها تتراجع عن قرار المقاطعة، بالإضافة إلى محاولة استمالة أطراف سياسية رفضت الالتحاق بالحوار منذ الجلسات الأولى.
وأعلن الرباعي أمس، تأجيل جلسة الحوار الوطني إلى الإثنين المقبل، حيث قال المتحدث الرسمي باسمه عميد المحامين محمد الفاضل محفوظ إن «هذا القرار جاء بطلب من بعض الأحزاب في ظل وجود بوادر إيجابية لالتحاق الأحزاب التي انسحبت أو أبدت احترازها أو تحفظها على تعيين جمعة».
وعبر عدد من قادة الأحزاب التي قاطعت الحوار منذ انطلاقه، عن رغبتهم في العودة اليه وحضور المشاورات المقبلة، ومن المنتظر أن تجمع لقاءات ثنائية بين ممثليهم والرباعي الراعي لإيجاد صيغة للعودة والالتحاق، ومن بينهم «حزب المؤتمر» المشارك في الائتلاف الحاكم، والذي رفض سابقا التوقيع على خريطة الطريق، والذي عبّر أمس، عن استعداده للتفاوض بشأن العودة.
اختيار رئيس الحكومة المتوافق عليه لم يكن إلا تنفيذاً لأولى بنود خريطة طريق المنظمات الراعية للحوار الوطني، ويعتبر المرور لتنفيذ ما تبقى من نقاط أهم، والتي تتمثل في إنهاء المسار التأسيسي (المصادقة على الدستور) والمسار الانتخابي (بعث الهيئة المستقلة للانتخابات والتي ستتولى الإشراف على الانتخابات).
وحيث تطرح الخريطة إشكالاً من جهة اشتراطها تلازم المسارات وتوازيها، فلا يمكن إعلان استقالة رئيس الحكومة الحالي علي العريض قبل أن تتم المصادقة على الدستور وعلى هيئة الانتخابات، وهو ما يثير مخاوف فئة من السياسيين الذين وصفوا في تصريحاتهم مسألة التلازم بـ«الغامضة»، والتي قد تضمن للحكومة الحالية عمراً أطول لو تعطلت الأشغال التأسيسية والانتخابية.
وفي هذا الإطار، اجتمع رباعي الحوار مع رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر، الذي أكد أن المسار التأسيسي يحرز تقدماً هاماً.
وفي حديث إلى «السفير»، قال المتحدث الرسمي باسم رئيس المجلس التأسيسي مفدي المسدي إن «لجنة التوافقات المنشأة لغاية تقريب وجهات النظر بين النواب من مختلف المشارب حول المادة الدستورية قاربت على إنهاء أعمالها وتوصلت إلى حل غالبية النقاط الخلافية في الدستور، بالإضافة إلى أن لجنة الفرز المكلفة بإعداد هيئة الانتخابات أيضاً، شهدت تقدماً ملحوظاً، خصوصاً مع عودة كل النواب المنسحبين».
وعزا المسدي تأجيل الحوار إلى «محاولة الرباعي تهيئة مناخ من التوافق وضبط رزنامة معقولة لترابط المسارات المذكورة وانطلاق العد التنازلي لاستلام الحكومة الجديدة مهامها».
من جانبه، أوضح الأمين العام المساعد لـ«الاتحاد العام التونسي للشغل» المولدي الجندوبي في حديث إلى «السفير»، أن «بعض الأحزاب طلبت تأجيل العودة إلى الحوار، من بينها جبهة الإنقاذ المعارضة (التي تضم أبرز أحزاب المعارضة التي أعلن بعضها عن تعليقه المشاركة في أشغال الحوار)».
وأضاف الجندوبي أن «نص استقالة العريض موجود وبين أيدينا، لكن من غير الممكن إعلانها قبل أن تنتهي المشاورات بشأن الحكومة الجديدة ويتم تكليف جمعة رسمياً بترؤس الحكومة وتقديم قائمة وزرائه».
«جبهة الإنقاذ»، التي طلبت من الرباعي تأجيل الحوار إلى حين خروجها بموقف واضح وموحد بين كل مكوناتها، لم يحمل اجتماعها المطول أمس، تغييراً كبيراً في المواقف.
ففي حين أبدت بعض مكونات «الجبهة» رغبة في العودة إلى المفاوضات، أصرت فئة أخرى على مواقفها، حيث جدد «الحزب الجمهوري» المعارض الإعلان عن موقفه الرافض للعودة لأعمال الحوار الوطني المتعلقة بالمسار الحكومي.
أميننة الزياني
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد