2000 فقط من أصل 6000 محام في دمشق يدفعون ضريبة الدخل
يدفع المحامون ضريبة الدخل المقطوع لوزارة المالية بشكل سنوي، أما تقدير تلك الضريبة فيتم من قبل موظف ضريبة الدخل في وزارة المالية بشكل مزاجي لا يحكمه أي مستند أو ثبوتية أو معيار علمي - بحسب عدد من المحامين والوثائق التي لدينا، وبحسب نقيب محامي فرع دمشق - لذلك يمكنك ببساطة أن ترى أن قيمة الضريبة على دخل محام ٍ هي 50 ألف ليرة، مع أن دخله 400 ألف ليرة، في حين تكون ضريبة دخل محامٍٍِ آخر 10 آلاف ليرة في حين يكون دخله مليون ليرة.
الاعتراض بلا جدوى
الضريبة التي يفرضها موظف المالية يتم تصديقها من قبل مديرية المالية، وإذا ما تم الاعتراض من قبل المحامي فإنه- غالباً- ما يسمع نصيحة من الموظفين في مكتب الاعتراض تقول: «وفر وقتك وثمن رسوم الاعتراض لأنك لن تستفيد أي شيء من الاعتراض».
والغريب في الأمر - بحسب المحامي مطانيوس طعمة أن بعض المحامين الذين يتم توكيلهم بخمسين قضية في الشهر - مثلاً- أو بخمسمائة قضية في العام يمكن أن تكون ضريبة الدخل عليهم بحدود (8000) ل.س في حين تكون ضريبة الدخل على بعض المحامين الذين لا يتجاوز عدد وكالاتهم العشر وكالات في السنة حوالي 50 ألفاً أو أكثر.
الكلام السابق ليس من بنات أفكار المحامي طعمة، بل أكده عدد من المحامين، منهم المحامون مهند بلال وعبد العزيز الزعبي ومحمد أقبيق، إضافة إلى رئيس فرع نقابة محامي دمشق جهاد اللحام.
هذا الواقع يعيشه - بشكل خاص- محامو فرع دمشق لأن الضريبة في بقية المحافظات منخفضة كثيراً قياساً بدمشق، بحيث لا تتجاوز غالباً 5000 ل.س.
لا يوجد معيار علمي
ولكي يكون الكلام من أهله، ومدعوماً بالوثيقة نروي قصة المحامي مطانيوس طعمة من نقابة فرع دمشق الذي يؤكد أن ضريبة الدخل التي كانت مفروضة عليه قبل عام 2007 بحدود 18000 ل.س وفي عام 2010 أصبحت 55 ألف ليرة سورية، وأبرز الوثائق المؤيدة لكلامه، والتي نحتفظ بنسخة منها، ويتساءل طعمة: ما الذي استجد؟!
مزاجية الموظف
الغريب أن هذا المحامي حين احتج على المبلغ وعلى تقدير موظف ضريبة الدخل (س.ص) في المالية غضب الموظف وزاد قيمة الضريبة المفروضة خمسة آلاف ليرة عما كانت عليه سابقاً - بحسب المحامي، الذي قدم اعتراضاً إلى لجنة التصنيف لضريبة الدخل المقطوع لم يؤخذ باعتراضه ولم يلغ مبلغ الخمسة آلاف الذي أضافه الموظف ولم يستفد المحامي، بل على العكس دفع رسوم الاعتراض حوالي ألف ليرة سورية.
لأخذ نسبة على العقود التجارية
المحاميان عبد العزيز الزعبي ومهند بلال، بعد أن أكدا على الكلام السابق طالبا بإيجاد معيار علمي للتحقيق الضريبي، وطرحا بعض المقترحات، وكأن تكون قيمة الضريبة تعادل نسبة مئوية من عدد الوكالات المسجلة باسم المحامي، وبذلك يتم تقدير دخل المحامي بشكل علمي وموضوعي، حيث يوجد من المحامين من يتوكل بعشر قضايا سنوياً، وهناك من يتم توكيله بمئات القضايا ولا يجوز عدم أخذ ذلك بالحسبان حين تقدير دخل المحامي، ومن ثم قيمة الضريبة التي تفرض عليه.
كذلك اقترحا أخذ نسبة مئوية على العقود التجارية التي تنظم وتصدق في النقابة، كما شددا على ضرورة أن تلحظ الضريبة نسبة مئوية على المحامين الذين يعملون وكلاء للشركات والفنادق والسفارات... الخ.
السياسة الضريبية وموظف المالية
بعد الاستماع لهموم ومقترحات المحامين السابقين توجهنا بعرضها على رئيس فرع نقابة المحامين بدمشق المحامي محمد جهاد اللحام، الذي أجاب على سؤال حول ما إذا كان فرع النقابة راضياً عن طريقة تحصيل الدخل، وما إذا كانت تحقق العدالة التي ينشدونها، أجاب بالقول:
نحن غير راضين للأسباب التالية:
- لأن هذه الضريبة على الدخل المقطوع للمحامين يتم تقديرها من قبل اللجان الضريبية دونمااعتبار للواقع الحقيقي لدخل المحامي، وهذا التقدير في غالب الأحيان مزاجي وغير مستند لأسس واقعية.
- السياسة الضريبية تتحمل المسؤولية مع الدوائر واللجان الضريبية لأنها تحدد رقماً ومبلغاً يجب تحصيله ليدخل في الموازنة وفي إيرادات القطاعات العامة، وهذا الاسلوب لا يحقق العدالة الضريبية المنشودة، وعمل الدوائر المالية تحول بهذه الحالة من تحديد المطرح الضريبي القانوني إلى دوائر جباية.
- من المشاكل الأساسية أيضاً تقصير الدوائر المالية في طرح ضريبة الدخل المقطوع التي تفرض في وقت متأخر على سنوات سابقة، وتقوم الدوائر المالية - رغم تقصيرها - بالمطالبة بفروقات السنوات السابقة وتفرض غرامات وفوائد عليها دون مؤيد قانوني.
- ومن المشاكل التي يعانيها المعترضون على قيمة الضريبة من محامي دمشق عدم وجود جدوى من اعتراضاتهم أمام اللجان الاستئنافية التي هي (الخصم والحكم) وملتزمة كلجان التكليف بالوصول إلى الرقم المطلوب منها في الموازنة.
وحول مقترحات فرع النقابة لتحقيق العدالة الضريبية قال اللحام: نقترح تطوير النص التشريعي ليكون واضحاً وعادلاً وشفافاً.... يعتمد على ضوابط موضوعية وواقعية في تحديد المطرح الضريبي، ويبتعد عن التقدير المزاجي.
كذلك يجب توحيد التعليمات والبلاغات ونشرها واعتمادها ليعرفها الجميع بدلاً من التخبط في التفسيرات وما لا يحصى من البلاغات والتعميمات والقرارات التي يوافق بعضها القانون، وبعضها الآخر يخالفه،أيضاً لا بد من حل مشكلة التأخير بالتكليف الضريبي، وفي حال التأخر عدم تحميل المكلف لغرامات وفوائد عن أخطاء وتراكمات هو غير مسؤول عنها.
وزارة المالية لم تتجاوب
المحطة الثالثة في هذا التحقيق كانت مع عدد من محامي فرع دمشق (فرقة المحامين الأولى) الذين قدموا لنا دراسة حول القواعد القانونية الأنسب - برأيهم- لتحديدنسبة الضريبة على دخل المحامين، وهي الدراسة التي قدموهالوزير المالية السابق بتاريخ آذار 2010، لكنهم - كما قالوا - لم يتلقوا أي رد عليها، رغم أنها في حال العمل بها ستتحقق العدالة الضريبية وستتضاعف ايرادات المالية....
قاعدة قانونية بالأرقام
يقول المحامون في الدراسة أن القاعدة القانونية الأنسب هي حساب الضريبة بناء على عدد الوكالات، على أن تقتطع الضريبة من سلفة الحد الأدنى للأتعاب وبذلك تتحقق الأمور التالية:
-سيكون الناتج الإجمالي لضريبة المحامين أضعاف ما يجبى حالياً، فلو افترضنا بأحسن الأحوال - وبخلاف الواقع - بأن الضريبة التي تجبى حالياً تطول جميع المحامين - أساتذة ومتمرنين علماً أن المتمرنين لا يدفعون بسبب الاعفاء من الضريبة، وإذا تم الافتراض بأفضل الشروط أنه لا يوجد من هو متهرب من الضريبة أو معفى، فإنه - ورغم افتراض أفضل الظروف - تكون الضريبة التي تتم جبايتها حالياً أقل إيراداً من التي ستتم جبايتها، في حال اعتماد القاعدة القانونية المقترحة، وهي حساب الضريبة وفقاً لعدد الوكالات.
ويقدم المحامي غفار العلي وثائق مرفقة بالدراسة تقول: «إن الواقع يؤكد أن أغلب محامي سورية ما عدا محامي فرع دمشق لاتتجاوز ضريبة المحامي منهم (4000) ل.س سنوياً - مع واقع وكالات بعدد جيد.
وتضيف الوثائق أن عدد المحامين في سورية - عدا محامي فرع دمشق - هو(18000) محام (أساتذة ومتمرنين)... وفي هذه الحالة يكون ناتج ضرب عدد المحامين (18000) بضريبة الدخل (4000) يكون الناتج (72) مليون ل.س هي ضريبة الدخل من جميع المحامين في سورية باستثناء محامي فرع دمشق.
أما عدد المحامين في فرع دمشق فهو (6000) محام (اساتذة ومتمرنين) والحد الوسطي لضريبتهم هو (8000) ل.س ويكون ناتج ضريبتهم مجتمعين حوالي 48 مليون ل.س... ومجموع ضريبة جميع المحامين في سورية حوالي (120) مليون ل.س... هذا في أحسن الظروف - كما تؤكد الدراسة - وفي حال تكليف جميع محامي سورية دون إعفاء أحد أو تهرب أحد آخر.
تهرب ضريبي
أما الواقع فيقول إنه لم يكلف إلى الآن من محامي دمشق أكثرمن (2000) ألفي محام... ويقول الواقع أيضاً أنه ينظم في سورية أكثر بكثير من (2500) وكالة يومياً.
وبناء على ذلك.. وإذ تم اقتطاع (400) أربعمائة ل.س عن كل وكالة (كما تقترح دراسة محامي فرع دمشق- فرقة المحامين الأولى) فإن ضرب عدد الوكالات (2500) بمبلغ (400) ل.س ضريبة الوكالة يعطى مليون ل.س يومياً، ويضرب ذلك بعدد أيام العمل (260) يوماً فيكون ناتج الضريبة على دخل المحامين هو (260) مليون ل.س.
أي أن حصيلة ضرائب المحامين في السنة - لدى اتباع القاعدة الضريبية المقترحة ستكون - على أقل تقدير - ضعف حصيلة الضريبة السابقة،ناهيك عن توفر عدالة ضريبية أكثر، وانتفاء قدرة أي كان على التهرب من الضريبة وناهيك أيضاً عن المزاجية والمصالح الشخصية في وضع قيمة الضريبة.
ويوضح المحامي غفار العلي أنه باتباع هذه القاعدة تكون الضريبة بحسم مبلغ من سلفة الحد الأدنى للأتعاب، حيث يستوفى مبلغ الضريبة فوراً من قبل النقابة لصالح المالية، مما يوفر على المالية جهداً ومالاً وموظفين، ويضمن رفد الخزينة العامة بنسبة مائة بالمائة من هذه الضريبة دون حصول تخلف عن دفعها، كما توفر المالية على نفسها عناء اعتراضات المحامين ووضع الحجوزات... الخ.
أمل في وزير المالية الحالي
أخيراً هذه الدراسة قدمها فرع دمشق لوزير المالية السابق في الربع الأول من العام الماضي، ولا نعرف إن كان اطلع عليها أم لا لكنه لم يرد عليها أو يأخذ بها... والثقة كبيرة بأن يطلع عليهاوزير المالية الحالي ويبدي ملاحظاته عليها - سلباً أو إيجاباً، مساهمة من الجميع في إصلاح الأنظمة والقوانين، وتحقيق العدالة والشفافية في موضوع الضريبة.
هلال عون
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد