الغيتار الكلاسيكي ينتفض ويُسقط صخب «الكهربائي»
كان هناك وقت في أواخر القرن السابع عشر يندر فيه رؤية أحد من الطبقة الحاكمة من دون غيتار. فقد عَرَف الغيتار في هذا القرن اهتماما واسعا من قبل طبقة النبلاء وعُرِف كآلة موسيقية نخبوية، حتى إن الملك لويس الرابع عشر كان يعزف على هذه الآلة التي اعتبرت المفضلة لديه، وتشارلز الثاني كان من عشاقها أيضا، أما الملكة آن فكانت تدفع لمعلم الغيتار ما يوازي 100 جنيه استرليني شهرياً، وهو مبلغ يعادل ثروة حينها. وفي القرنين التاسع عشر والعشرين، اكتسب الغيتار حضوراً عالميا، وبات آلة الرومانسيّة الأولى، حيث كان هناك وقت، أيضاً، يندر فيه رؤية عاشق من دون غيتار. وقد اتخذ هذا الأخير مكانه «الشرعي» في الحفلات الموسيقية بفضل جهود أندريس سيغوفيا الذي لولاه لما وجد من يعزف أو يبيع أو يشتري ما يعرف بالغيتار الكلاسيكي اليوم. وهذا الأمر يعترف به كل فنان، ويتحدث عن رجل نذر حياته لكي يثبت ان الغيتار آلة تستطيع ان تعزف الموسيقى الكلاسيكية باقتدار، بل وأفضل من آلات الأوركسترا كالبيانو والكمان. ولكن مع اختراع الغيتار الكهربائي في العام 1930، أدت التطورات التكنولوجية إلى تراجع شعبية الكلاسيكي، وانعكس الأمر سلبا على عشاق العزف الكلاسيكي، الذين اعتبروا أنهم فقدوا الكثير من حميمية هذه الآلة وحقيقتها.
وقد ردّ سيغوفيا، في أواخر سنيّ عمره، كتعقيب على رأي احد أفراد فرقة «البيتلز» المشهورة الذي قال ان الغيتار الكهربائي هو ابن الكلاسيكي، بقوله إن «الغيتار الكهربائي هو الابن غير الشرعي للغيتار الكلاسيكي».
غير أن الغيتار الكهربائي لم يستطع أن يمحو أباه الذي يبدو انه يستعيد موقعه في الساحة الموسيقية، بعد أن بدأ الإنسان يرجع إلى طبيعته وينشد شيئا أكثر حميمية. لماذا؟ لأن استهلاكه المفرط للتكنولوجيا، جعله يريد الهرب منها إلى مكان نقي وجميل والاهم طبيعي. من هنا فإن الكلاسيكية الموسيقية تحظى بفرصة كبيرة بأن تعيش عصرها الذهبي مجدداً، وسيكون بذلك بمثابة رحلة العودة إلى الجذور.
السفير نقلاً عن «الإيكونوميست»
إضافة تعليق جديد