وفاة «ترانستور» والسياحة ترتب إجراءات الدفن
بعد سنوات من المشاحنات والاتهامات المتبادلة والمراسلات.. ماتت الشركة السورية للنقل والتسويق السياحي (ترانستور)... وحاليا تتولى وزارة السياحة ترتيب اجراءات «الدفن»!!
بكل تأكيد نقول لا توجد جهة تهمها مصلحة البلد وتسعد لهذا الخبر عموماً.. إنما في التفاصيل ستجد هناك من يؤيد الحل باعتباره راحة لجميع الاطراف، وهناك من يحمّل الطرف الآخر مسؤولية الحل وسببه.. ومع تشدد كل طرف بموقفه طيلة كل هذه السنوات كان من الطبيعي ان نشهد مثل هذا اليوم.. ونتمنى الا يتكرر مع شركة مشتركة اخرى رغم ان «العذل سبق السيف»!!..
ما يؤخذ على شركة ترانستور وكما تابعت تشرين قصتها مع باقي الشركات السياحية المشتركة انها لم تحقق نتائج ترقى الى مستوى انتاج شركة حصلت على العديد من المزايا والتسهيلات.. واذا كان القطاع الخاص المشارك في الشركة يحمّل الدولة ممثلة بوزارة السياحة مسؤولية عرقلة تطوير الشركة وتحديثها، وجزء منه صحيح وواقعي والدليل الصمت الذي كان مطبقاً على وضع الشركة لغاية العام 2001 تقريبا فإنه ـ القطاع الخاص ـ يتحمل مسؤولية اخرى تتمثل في عدم الاستفادة من كل هذه المزايا والتسهيلات التي حصلت عليها.. وبلغة الارقام تصبح الامور اكثر وضوحاً..
تشير الاحصائيات الى ان اسطول الشركة من سيارات النقل السياحية المختلفة وصل الى نحو 2500 سيارة عام 2001 وهو عام الذروة في عدد سيارات الشركة، وخلال العامين السابقين لهذا العام كانت ارباح الشركة فيهما هي الاعلى في تاريخ احداثها، حيث حققت ارباحا وصلت قيمتها لنحو 30 مليون ليرة تم توزيعها على المساهمين بنسبة 15% من القيمة الاسمية للسهم اي من رأس المال وذلك في عام 2000.
اما مجموع حصة وزارة السياحة من ارباح الشركة منذ تأسيسها عام 1978 وحتى غاية عام 2005 فقد بلغت نحو 92 مليون ليرة فقط اي بمعدل وسطي قدره 3.5 ملايين ليرة سورية سنوياً طيلة 27 عاما من عمر الشركة او بشكل ادق وبتقديرات ذاتية فإن حصة الوزارة وسطيا بشكل يومي من الشركة كانت تصل لنحو 9.3 آلاف ليرة ولو اعتبرنا ان اسطول الشركة الموظف كان وسطيا الف سيارة فإن كل سيارة كانت تؤمن لوزارة السياحة يوميا تسع ليرات فقط!!
ديون الشركة ليست بسيطة.. فالديون المترتبة على الشركة لنهاية العام الماضي تصل لنحو 760 مليون ليرة سورية فيما يبلغ اجمالي موجودات الشركة وفقا للميزانية الختامية المقدمة للشركة بنهاية العام الماضي نحو 1.046 مليار ليرة سورية وللشركة استثمارات في عدة شركات سياحية منها شركة مشتى الحلو 58% وعمريت 10% السيدة زينب 90% الفراديس 7.5%، عمريت 60 ادارة الفندقية 60% من رأسمال الشركات).
لا احد يستطيع انكار حقيقة التسهيلات التي حصلت عليها الشركة من الدولة بدءا من نظام العمل الخاص والاستثناء من تطبيق المرسوم 49 لعام 1962 مرورا بالاعفاءات الضريبية التي وصلت الى 15% انتهاء بالاعفاء من الاحكام والقيود الخاصة بشركات القطاع العام والواردة في القوانين والمراسيم التشريعية التي كان يعمل بها سابقا!!.
ورغم ذلك كانت النتائج كما لاحظتم لا ترقى الى مستوى شركة حظيت بميزة احتكار نسبة كبيرة من السوق لفترة طويلة من الزمن، انما هذه النتائج كانت اقرب الى فعالية غير نظامية لا بل ان الفعاليات غير النظامية تبدي نتائج افضل، ولو أن الوزارة بهذه التسهيلات استثمرت اموالها آنذاك في مشروع تجاري او عقاري لكانت العائدات افضل، وهنا نصل الى دور الوزارة الذي كان بمثابة «الشيطان» الساكت عن الحق، فلغاية العام 2001 كانت ارباح الوزارة تسجل على الورق ولا تسدد لها او مع ذلك كان ممثلو الوزارة يحضرون ويصادقون على جلسات مجلس ادارة الشركة وجمعيتها العامة..!!
وحتى السنوات الاخيرة غابت قنوات المناقشة والحوار بين الشركاء لتسوية اوضاع الشركة او جمع الشركات المشتركة الا اللهم ن المراسلات والسجلات التي تطرح في الاجتماعات وفي اللقاءات الاعلامية.. الخ.
الطلب الذي تقدم به السيد صائب نحاس لرئاسة مجلس الوزراء وعرض فيه تفعيل عمل كل من شركات (ترانستور ـ عمريت ـ مشتى الحلو) او الموافقة على حل هذه الشركات معناه ان قرار الحل قادم ايضا باتجاه عمريت ومشتى الحلو الا اذا كانت هناك رؤية اخرى يراد من خلالها التعامل مع الشركتين بطريقة اخرى مع العلم ان عمريت ما تزال اسما على الورق!!
انتهت ترانستور... فهل يعني هذا انتهاء تجربة الشركات السياحية المشتركة؟! ام ستكون الخطوة بداية اليقظة لحل مشاكل هذا القطاع بما يخدم التوجه الاستثماري للبلد، وسابقا كان القطاع الخاص المشارك في هذه الشركات قد طرح مقالة «إما لنا أو لكم» والمجلس الاعلى للسياحة سمح للوزارة ببيع حقها في هذه الشركات، لذلك فربما يكون هذا الحل الذي رفض سابقا هو الانسب حاليا مع اقرار خطة لتحديث وتعديل قوانين احداث هذه الشركات لتتناسب مع الواقع الاستثماري الحالي... عوضاً عن حلها وبيعها واشاعة جو غير مريح للاستثمار في بلدنا..!
الدولة لم تتقن لغة التعامل مع القطاع الخاص في هذه التجربة.. والقطاع الخاص استغل الدولة بطريقة ما.. فهل اصبح يقينا لدى البعض ان زواج الاقارب غير مضمون وناجح!!
زياد غصن
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد