هشام شربتجي يشتم ابنته وأعرق سجين سوري يكتب رواية مملة
«رشا شربتجي سلعة رخيصة. علمتني كيف أكره. لديها عقدة نفسية. حقّقت نجاحاً زائفاً في مسلسلها «غزلان في غابة الذئاب». أصبحت مغرورة والغرور مقبرة المشاهير دائماً».
هذا الكلام ليس لناقد حاقد، ولا لواحد من كتّاب الصحف الصفراء، إنه كلام أب في ابنته، كلام لهشام شربتجي في ابنته رشا، المخرجة التي لمع نجمها في رمضان الفائت إثر عرض «غزلان في غابة الذئاب»، كما تكمل اليوم في مصر مسلسلاً من إخراجها. كلام معيب يرتكبه الأب بحق ابنته، ولعلّه يعوّل على ما لديها من عطف يمنعها من مقاضاته فيتمادى أكثر. كأن شربتجي الأب لا يستطيع أن يعيش بلا ضجيج إعلامي فيخترع من ابنته حكاية. لكن الجانب الفني أيضاً يهمنا في كلام الأب/ المخرج؛ فإذا كان الأب يشكك، بسبب عدم رضاه من زواج ابنته، بالمقدرات الفنية لها، كيف كان سيصفها كمخرجة لو أنه زوّجها على هواه؟ وفي النهاية، أليس هو من درّبها ولقّنها المهنة حرفاً حرفاً؟! إلا إذا أراد شربتجي من ابنته أن تكون صورة طبق الأصل، فتنتج نسخاً جديدة من «عيلة 6 نجوم» وشقيقاتها. سمعنا كثيراً عن عقدة قتل الأب، في الأدب وفي الحياة، لكننا لم نسمع البتة عن عقدة قتل البنت، إنه اختراع شربتجيّ خالص.
في مكان آخر كان الحشد في حفل توقيع رواية عماد شيحة في معرض الكتاب أخيراً غير مسبوق، بدأ بالنسبة لي من السرفيس الذي ركبته متوجهاً إلى الحفل، حين لاحظت أن نصف الركاب ذاهبون إلى هناك «عرفت ذلك حين كانوا يردون على هواتفهم الجوالة». ازدحم الجناح الضيق لدار النشر بكل الوجوه التي نحب، مثقفين وبشراً استثنائيين. لا شك في أن هذا الاجتماع الضخم كان نوعاً من التعاطف والتضامن مع تجربة الكاتب الذي تعرض لمعاناة رهيبة استمرت عقدين من الزمن، وها هو يكتبها أخيراً تحت عنوان «بقايا من زمن بابل».
في الصباح التالي كانت هواتف المحتفلين لا تكفّ عن الرنين، كلٌ يقول إنه سرعان ما ألقى بالرواية بعيداً، أو أنها رواية مرهقة، مملة، وما إلى هنالك. قلت دعني أجرّب، وما زلت بالطبع مملوءاً بالتعاطف. صدمتني لغة الإنشاء، والندب، والتأدب المبالغ بها. سرعان ما شعرت بالضجر، والإرهاق، فرميت بالرواية أنا الآخر. تذكرت ثنائية المعاناة والإبداع، كما تذكرت قول ماركيز: «إنني لا أؤمن بالأسطورة الرومانسية القائلة إنه يجب على الكاتب أن يجوع وأن تكون لديه هموم لكي يكون منتجاً. بمعدة مليئة وآلة كاتبة كهربائية يمكن الكتابة بشكل أفضل».
راشد عيسى
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد