معدّل البطالة يرتفع إلى 7.2% في أميركا
خلال كانون الأوّل الماضي، الذي يعدّ أحد الأشهر الأكثر حيويّة في الولايات المتّحدة التي يقوم نشاطها الاقتصادي بأكثر من ثلثيه على الإنفاق الاستهلاكي، خسر 524 ألف أميركي وظائفهم ليرتفع عدد الوظائف التي ألغيت في عام 2008، إلى 2.6 مليون وظيفة، وهو العدد الأكبر المسجّل منذ عام 1945، وفقاً لما أوضحته بيانات وزارة العمل الأميركيّة. وأصبح معدّل البطالة في أكبر اقتصاد في العالم 7.2 في المئة مرتفعاً من 6.8 في المئة المسجّل في الشهر السابق، ويقترب تدريجياً من المعدّلات التي يتوقّعها المسؤولون الماليّون، وأحدهم رئيس الاحتياطي الفدرالي، بن برنانكي، الذي يتوقّع وصول المعدّل إلى 7.5 في المئة في نهاية العام الجاري. ولكن الأخطر هو أنّ هذه النسبة قد تكون أكبر إذ لم تستطع إدارة الرئيس المنتخب باراك أوباما، الذي يتسلّم مقاليد الحكم في 20 من الشهر الجاري، تحفيز الاقتصاد المرهق جرّاء الخلل في الأسواق الماليّة وفي سوق الائتمان، لأنّ الأزمة الماليّة ولّدت تداعيات اقتصاديّة تشعر بها كلّ قطاعات الاقتصاد.
وبالفعل فإنّ التحديّات الاقتصاديّة الداخليّة والخارجيّة تزداد أمام الرئيس الديموقراطي، فالمعارضة ضدّ خطّة التحفيز التي يفترضها، والتي تتضمّن أساساً خفوضات ضريبيّة، إضافة إلى إنفاق ضخم على المشاريع، تتوسّع لتشمل بعض أعضاء حزبه. فرئيس لجنة الموازنة في مجلس الشيوخ، الديموقراطي كينت كونراد، شكّك في إمكان الخفض الضريبي بقيمة تراوح بين 500 دولار و1000 دولار للأفراد والأزواج، وتحقيق نتائج ملموسة، وبالتالي تحفيز الطلب. وقال إنّ «هذه الحوافز الهامشيّة لها فعاليّة هامشيّة، فعندما يكون الأفراد خائفين من فقدان وظائفهم لا ينفقون 20 دولاراً يحصلون عليها بل يقومون بادخارها». حديث كونراد جاء بعدما شدّد أوباما على ضرورة إقرار الكونغرس خطّة التحفيز. وقال: «لا أؤمن بأنّه لم هناك مجال لتغيير المسار. ولكن هذا الأمر قد يتحقّق إذا لم نقرّ الإجراءات الجذريّة المطلوبة. فإذا لم يتمّ فعل شيء قد يستمر هذا الركود لسنوات» مقبلة.
فالولايات المتّحدة تعيش منذ نهاية عام 2007 ركوداً يهدّد بموجة كساد قاسية إذا لم تعتمد إجراءات تحفيز حكوميّة. وهذا الركود كان نتيجة مباشرة لفقدان الثقة في الأسواق، جرّاء انفجار الفقاعة العقاريّة. فحجم القروض الممنوحة للمستثمرين والمستهلكين تقلّص تقلّصاً ملموساً وتراجع الطلب بدرجة كبيرة. وخطّة الإنقاذ المالي التي صاغها وزير الخزانة هنري بولسون وبرنانكي، لم تؤدِّ إلى زيادة حركة القروض بالطريقة المطلوبة. وبعدما تحوّل هدفها من إراحة الأسواق من الأصول الماليّة المسمّمة إلى إنعاش رساميل المصارف من خلال مشاركة الحكومة فيها، يبحث الفريق الاقتصادي الذي اختاره أوباما، في إمكان توسيعها لتشمل ليس فقط «وول ستريت» بل الإدارات المحليّة والأعمال الصغيرة ومالكي المنازل.
فقد نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مصادر مقرّبة من المحادثات الجارية لإقرار الخطّة، قولها إنّه في مواجهة التشكيك المستمرّ في الكونغرس الأميركي بشأن خطّة الـ700 مليار دولار المطروحة، يقوم فريق أوباما والمرشّح لمنصب وزير الخزانة، تيموثي غايثنر، بتوسيع رقعة أهداف الخطّة. وأضاف إنّه «فيما النوّاب والشيوخ يبحثون في كيفيّة استخدام إدارة (الرئيس الأميركي جورج) بوش لمبلغ الـ350 مليار دولار الممنوح من الخطّة، لا يملك غايثنر فرصاً كثيرة لاقتناص موافقة المشرّعين إذا لم يقدّم معايير جديدة يستخدم على أساسها نصف المبلغ الباقي».
ويقول تقرير الصحيفة إنّ وزير الخزانة المرتقب «عمل ليلاً ونهاراً مع (المستشار الاقتصادي لأوباما) لورانس سامرز ومستشارين اقتصاديّين آخرين من أجل بلورة مقاربة جديدة... كما يخطّط الفريق (الاقتصادي) لتوجّه يؤدّي إلى حصول الحكومة على حصص في الشركات الماليّة، ولكن المؤسّسات التي تحصل على المساعدات الفدراليّة ستخضع لقيود أكبر متعلّقة بتعويضات المسؤولين فيها مقارنةً بما كان دائراً في عهد الرئيس جورج بوش». وكان من المتوقّع أمس أن يوجّه الكونغرس انتقادات لاذعة، بحسب الصحيفة، إلى هنري بورسون، بسبب عدم معالجته بنجاح عمليّة الإنقاذ المالي، فقد أدّى إفلاس مصرف واحد، هو «Lehman Brothers» إلى انهيار «وول ستريت» والبورصات في جميع أصقاع الأرض.
إذاً فالمشهد الاقتصادي في الولايات المتّحدة، ورغم انتعاش الأسواق الماليّة بطريقة نسبية خلال الفترة الأخيرة، لا يزال أسير نشوء توافق في واشنطن بشأن خطّة تحفيز قد ترفع عجز البلاد إلى 12 تريليون دولار، ولكنّها أساسيّة لتحقيق الإنقاذ الاقتصادي لا المالي فقط.
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد