08-02-2018
مدير الصحة النفسية: لدينا مليون مصاب بالاضطرابات النفسية الشديدة
أكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ريمة القادري توجه الحكومة الجاد لمعالجة ظاهرة التسول كحالة اجتماعية من خلال البدء بتنفيذ المصفوفة التنفيذية للمشاريع عبر الوزارية ليأخذ اهتمام جميع الوزارات المعنية، منوهة بدور المجتمع الأهلي وخاصة الجمعيات التي تضطلع بدور متميز في هذا البرنامج إضافة إلى دور وزارة الداخلية من خلال إدارة مكافحة الاتجار بالأشخاص.
وأشارت الوزيرة إلى البدء بتفعيل مكاتب مكافحة التسول في جميع المحافظات، بعد أن كان عمل مكافحة التسول قد تأثر كثيراً خلال الأزمة، مشيرة إلى أهمية عمل وحدة حماية الأسرة التابعة للهيئة السورية لشؤون الأسرة، والتي تقدم الآن خدماتها للنساء والأطفال، كاشفة عن استعادة دار المسنين والمشردين في الكسوة بعد أن كانت قد خرجت من الخدمة خلال السنوات الماضية بسبب استخدامها كمركز إيواء للمهجرين، إذ بدأت الوزارة باستثمار الكتلة الأولى من هذه الدار، كما تم استعادة جزء من مجمع الأمل في باب مصلى خصص للإناث من المتسولات وكذلك مركز قدسيا والوزارة جاهزة لاستقبال أي حالة تحال إليها من وزارة العدل.
وبيّنت القادري أن هناك توجيهاً من رئيس مجلس الوزراء للوزارات المعنية لإعادة مراجعة القوانين التي يشكل جزء منها عائقاً في معالجة ظاهرة التسول لأنها تحد من قدرة الجهات التنفيذية على امتلاك الحق للتدخل مع الأفراد. مطالبة بتعميق الدور التوعوي وأن يتم التأكيد على المسؤولية المجتمعية المشتركة لمعالجة هذه الظاهرة، لأن ظاهرة التسول هي ظاهرة حاضنة لظواهر سلبية أخرى مثل السرقة والمخدرات، مضيفة: علينا جميعاً بذل الجهود اللازمة لمعالجتها، ونحن كحكومة والجهات الأهلية على استعداد لمعالجة ظاهرة التسول كحالة عوز، أما كحالة تشغيل فهناك صعوبة كبيرة في معالجتها.
جاء ذلك خلال اجتماع للجنة المختصة في معالجة ظاهرة التسول، والتي تشارك فيها وزارات الداخلية والعدل والتربية والصحة والإعلام والأوقاف إضافة إلى وزارة الشؤون التي تتولى وزيرتها رئاسة هذه اللجنة.
بدوره اللواء عدنان الخليل مدير إدارة مكافحة الاتجار بالأشخاص ممثل وزارة الداخلية قال: على الرغم أن إدارة مكافحة الاتجار بالأشخاص غير متخصصة بشكل مباشر بموضوع التسول، لكن الأكيد أن جميع الوحدات الشرطية التابعة لوزارة الداخلية معنية بتقديم المؤازرة في هذا الموضوع وجميع المواضيع الواقعة في مهام قوى الأمن الداخلي، لذلك هناك أوامر مشددة من وزير الداخلية في موضوع معالجة التسول وقمنا كإدارة فقط وليس كوحدات شرطية في البلاد بتنظيم 57 ضبطاً بحق متسولين وقدمنا 287 متسولاً إلى القضاء، وبهذه المرحلة ينتهي دور الشرطة، ونوه الخليل إلى ضرورة تعديل بعض القوانين حتى يمكن معالجة هذه الظاهرة بشكل جذري.
القاضي طارق رمضان ممثل وزارة العدل وقاضي تحقيق الأحداث قال: لم يكن لدينا في وزارة العدل منظومة عمل متكاملة مع وزارة الشؤون، والحقيقة أن مفهوم وتعريف ظاهرة التسول مختلف عليه بين نص القانون والواقع، ووفق القانون لا يمكن أن يوضع في دار التشغيل إلا المتسول المكرر للفعل وهذا لا يحدث إلا قليلاً. وعرفت المادة 596 من قانون العقوبات المتسول هو (كل من ليس لديه عمل أو لا يستطيع العمل).
وأكد رمضان أن المتسول في غالب الحالات هو ضحية لفعل غيره وهو مستثمر من شخص آخر قد يكون الأهل أو من يشغله ويدفعه إلى القيام بفعل التسول، وأنا أرى أنه يجب معاقبة من يدفعه إلى الفعل، وأنا أطلب من الوحدات الشرطية ومن مكاتب مكافحة التسول ضبط من دفع المتسول إلى الفعل حينها سيتم توقيفه، لأن هناك عائلات كاملة تمتهن التسول أحياناً يصل أفرادها إلى 150 شخصاً وهي معروفة لدينا في القضاء.
من جانبه مدير الإعلام التنموي في وزارة الإعلام عمار غزال قال: إن سبب تفاقم ظاهرة التسول خلال الأزمة هو العوز الاقتصادي نتيجة فقدان الأهالي لمواردهم الاقتصادية، ما دفعهم لتشغيل أطفالهم في التسول، وما نشاهده من انتشار كبير لهذه الظاهرة في دمشق ناجم عن الازدياد الكبير في الكثافة السكانية في العاصمة، وأكد غزال أن مسؤولية معالجة ظاهرة التسول ليست مسؤولية وزارة الشؤون الاجتماعية فقط إنما هي مسؤولية مجتمعية متكاملة. بالنسبة للتوعية الإعلامية تحتاج إلى فترة طويلة لتغيير ثقافة المجتمع وإلى إمكانيات مادية كبيرة.
بيّن مدير الصحة النفسية في وزارة الصحة د. رمضان محفوري قال: فيما يتعلق بالتسول لأسباب صحية نجد الإعاقة التي تسببت بها الحرب ومهما كانت نسبة الإعاقة قليلة فإنها ستعطي أرقاماً كبيرة لأن لدينا الآن ما يقارب مليون شخص يعانون من الاضطرابات النفسية الشديدة. والسبب الآخر هو الأمراض النفسية والعصبية التي كان للأزمة الأخيرة في البلاد دور كبير في زيادة أعداد المصابين بها.
وبيّن رئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة د أكرم القش أن ظاهرة التسول لم تكن جديدة في الأزمة ولكن بالتأكيد أنها زادت خلال الأزمة، مؤكداً أنه من المهم العمل على تنفيذ الخطة التي وضعتها اللجنة لمعالجة هذه الظاهرة، وتحديد وظائف مؤسساتنا وأدوارها والاحتياجات لادوار جديدة لهذه الدوائر والمؤسسات.
ودعا القش إلى أن تأخذ الجمعيات دورها في الأحياء لمكافحة هذه الظاهرة من خلال التعاون مع مكاتب مكافحة التسول التي تم تفعيل عملها مؤخراً. مطالباً الجهات المعنية ببيان دور كل منها والإمكانيات التي باستطاعتها تقديمها لمعالجة هذه الظاهرة. وزيرة الشؤون ردت على ذلك مخالفة الفكرة ومؤكدة تكامل الأدوار والمسؤولية الجماعية للدولة تجاه المجتمع، ولا يجوز أن نسأل كل جهة ماذا يمكن أن تقدم بل علينا أن نلزم كل جهة بعمل واجباتها، ولا يجوز أن نترك المعالجة بشكل استنسابي أو تقديري.
وأكدت رئيسة جمعية حقوق الطفل نهى دياب وجود تحديات كبيرة في الواقع لإنقاذ هؤلاء الأطفال وقالت: نحن من خلال الأماكن التي منحت لنا من وزارة الشؤون في باب مصلى وقدسيا نستوعب حالياً 50 طفل في قدسيا و30 طفلة في باب مصلى ونضع هؤلاء بشكل مؤقت ريثما يتم تأهيلهم للعودة إلى أسرتهم.
وبيّنت دياب أن هناك معاناة من بعض المدارس في رفضها استقبال الأطفال ممن كانوا في مركز التأهيل في الجمعية مشيرة إلى أنه من خلال الحالات التي درستها الجمعية فدافع الأطفال إلى التسول هم الأهل بالدرجة الأولى، وهناك خشية من تحول حالات التسول إلى حالات سيئة اجتماعية مثل السرقة والمخدرات، وكشفت دياب أن هناك الكثير من المتسولين يستنشقون بخار الشعلة اللاصقة كونه يشكل مادة مخدرة.
وأشارت دياب إلى أن مدة 6 أشهر لوجود الطفل في مركز التأهيل التابع للوزارة من خلال الجمعية غير كافية لإعادة تأهيله وتخليصه من سلوكه المنحرف.
محمود الصالح-الوطن
إضافة تعليق جديد