لماذا «يتأسف» البريطانيون كثيراً؟
يشتهر البريطانيون باستخدامهم المتكرّر لكلمة «آسف»، حتى لو لم يكونوا مخطئين.
ولكن ما هي أسباب هذا السلوك؟
توصّلت دراسة حديثة أجريت على أكثر من ألف بريطاني إلى أن الشخص يقول كلمة «آسف» حوالي ثماني مرات في اليوم، وأن واحداً من بين كل ثمانية أشخاص يعتذر 20 مرة في اليوم الواحد.
ويقول هنري هتشينغز في كتابه بعنوان «آسف: الإنكليز وعاداتهم السلوكية» إن «استعداد الإنكليز للاعتذار عن شيء لم يفعلوه هو أمر لافت للنظر، ويقابله عدم رغبة في الاعتذار عن شيء فعلوه».
لكن هل الانكليز يعتذرون أكثر من أبناء الثقافات الأخرى؟
الحصول على معلومات موثوقة عن حجم تكرار اعتذار الأشخاص في البلدان المختلفة هو أصعب مما يتصوّره الناس.
وتقول كارينا شومان، عالمة النفس في جامعة «بيتسبرغ» إن «هناك بالتأكيد تكهنات بأن الكنديين والبريطانيين يعتذرون أكثر من الأميركيين، لكن ذلك أمر تصعب دراسته بطريقة ينتج عنها دلائل مقنعة».
وكشف استطلاع أجرته مؤسسة «يو غوف» لعينة تزيد عن 1600 بريطاني وألف أميركي أن 15 بريطانياً مقابل عشرة أميركيين يقولون كلمة «آسف» إذا عطس شخص أو صحّح خطأ ارتكبه أو إذا اصطدم به شخص آخر. وأظهر الاستطلاع أيضاً أن 36 في المئة من البريطانيين قالوا إنهم سيعتذرون عن الحماقات التي قد يرتكبها شخص آخر مقارنة بـ 24 في المئة من الأميركيين.
تصف عالمة الأنثروبولوجيا الاجتماعية كيت فوكس في كتابها بعنوان «مراقبة الإنكليز» تجارب تعمدت خلالها الاصطدام بمئات الأشخاص في المدن والبلدات البريطانية، ثم طلبت من زملاء لها بأن يفعلوا الشيء ذاته في دول أخرى لغرض المقارنة.
ووجدت فوكس أن حوالي 80 في المئة من الذين تعمّدت الاصطدام بهم من الإنكليز قالوا «آسف» حتى عندما كانت هي المخطئة. وغالباً ما كان الاعتذار بطريقة متلــعثمة وغير واضحة، ومن المحتمل أن الناس قالوها من دون إدراك.
يمكننا تتبع أصول كلمة «sorry» إلى كلمة «sariq» الإنكليزية القديمة والتي تعني «حزين ومليء بالأسف والأسى»، ولكن معظم البريطانيين يستعملون الكلمة عرضاً.
يقول إدوين باتيستيلا، الخبير اللغوي في جامعة «ساوثرن أوريغون»: «إننا نستخدم كلمة آسف بطرق مختلفة، ويمكن للبريطانيين أن يقولوا كثيراً كلمة آسف، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أنهم نادمون. هم يستخدمون كلمة آسف للتعبير عن التعاطف، لذا يمكن أن أقول آسف بخصوص المطر». وتحدّث باحثون آخرون عن استخدام كلمة آسف للتواصل عبر الطبقات الاجتماعية، وفي هذه الحالة يكون الاعتذار على الأفضلية التي يتمتع بها الشخص عن غيره في المجتمع.
ويفخر المجتمع البريطاني بأن أفراده يظهرون الاحترام دون التدخل في خصوصية الآخرين، وهي صفات يشير إليها اللغويون بمصطلح «التهذيب السلبي».
ولذلك، ربما يستخدم البريطانيون كلمة آسف بطريقة قد تبدو غير ملائمة لمن هم خارج بريطانيا، فهم يقولون آسف لشخص لا يعرفونه لأنهم يريدون سؤاله عن معلومات معينة أو لأنهم يريدون الجلوس بجانبه.
وتقول فوكس: «استخدامنا المفرط في أغلب الأحيان وغير الملائم أحياناً لهذه الكلمة يجعلها تفقد قيمتها، وذلك يجعل الأمور محيّرة جداً وصعبة الاستيعاب من قبل الأجانب».
(«بي بي سي»)
إضافة تعليق جديد