عنصر الألمنيوم في اللقاحات: هل هو آمن؟

تهدف إضافة عنصر الألمنيوم بمعدلات ضئيلة في اللقاحات إلى تأمين فعالية أكبر وتحفيز ردة فعل جهاز المناعة لدى الأشخاص. ولكن تطرح تلك الإضافة إشكالية صحيّة منذ أعوام عدّة، إذ يلاحظ بعض الباحثين ارتباط تلك المادة بمرض «التهاب العضلة واللفافة البلعمي» أو ما يعرف باسم « Macrophagic
Myofasciitis».
وشخّص البروفيسور الفرنسي رومان جراردي في مستشفى «هنري موندور» والطبيب الفرنسي ميشال كوكي في مستشفى «بلليغرين» مرض «التهاب العضلة واللفافة البلعمي» في آب العام 1998، في المجلّة العلمية «ذا لانسيت». وترتكز أعراض المرض على أوجاع وتمزقات في العضلات، والشعور بالتعب، واضطرابات في القدرات الذهنية. ويظهر المرضى استناداً إلى الفحوص الطبية، تشققات في العضلات، بالإضافة إلى وجود مادة الألمنيوم في البلاعم وهي إحدى خلايا جهاز المناعة. ويفترض بعض الباحثين أن سبب المرض يعود إلى عنصر الألمنيوم الذي تتضمنه بعض اللقاحات.
وأجرى جراردي دراسة شملت 585 مريضا، حيث أظهرت الفحوص المخبرية أن مادة الألمنيوم التي يتم حقنها في العضلات يمكن أن تصل إلى الجهاز العصبي المركزي لدى بعض الأشخاص الذين لديهم بعض الخصائص الجينية. ويؤدي تراكم مادة الألمنيوم في خلايا جهاز المناعة إلى التهاب مزمن لدى الاشخاص يتسبب بأوجاع في العضلات واضطرابات في القدرات الذهنية.
ويعترض الاختصاصي في جهاز المناعة والخبير السابق في «منظمة الصحة العالمية» جان فرانسوا باش على تفسيرات جراردي، إذ برأيه لا يوجد دليل واضح حتى اليوم على أن مادة الألمنيوم تسبب المرض. ونقلت صحيفة «لوموند» الفرنسية عن باش قوله إن كميات الألمنيوم المتوافرة في اللقاح ضئيلة جداً، ولا تعادل الكميات التي يحصل عليها الفرد من خلال المواد الغذائية.
وقال جراردي رداً على ذلك، إن إمكانية امتصاص الدم لمادة الألمنيوم، التي يتعرّض لها الفرد عبر تناول بعض الأطعمة، تعتبر ضعيفة مقارنة بقدرة الجسم على امتصاص مادة الألمنيوم التي يتم حقنها في عضلات الفرد.
وطالب نواب فرنسيون في آذار الماضي، بوقف اللقاحات التي تتضمن مادة الألمنيوم للوقاية من أضرار محتملة.
في المقابل، أصدرت «الأكاديمية الوطنية للطب» في فرنسا، في حزيران الماضي، تقريراً يبرز أهمية مادة الألمنيوم في اللقاح، ورفض منع اللقاحات، خصوصاً مع عدم توافر بدائل حتى يومنا هذا. ولا تثبت التحاليل ارتباط اللقاحات والمواد المساعدة في ظهور أمراض المناعة الذاتية.
وكانت النائبة الأوروبية ميشال ريفاسي طلبت من وزيرة الشؤون الاجتماعية والصحة ماريسول تورين وقف جميع اللقاحات التي تتضمن مادة الألمنيوم، فيما رفضت «الوكالة الوطنية لسلامة الأدوية والمنتجات الصحية» الفرنسية تمويل البحوث لفهم أثر مادة الألمنيوم في التسبّب بالأمراض.
وأوضح البروفيسور البريطاني في علم «الكيمياء الحيوية» كريستوفر إكزلي أن هناك نقصاً في البحوث العلمية لتحديد أثر الألمنيوم وتأثيره على مر السنوات. ونقلت «لوموند» عن المدير العام لـ«الوكالة الوطنية لسلامة الأدوية والمنتجات الصحية» الفرنسية دومونيك مارانينشي قوله إن الوكالة تهتم بمسألة آثار الألمنيوم وستقوم بتمويل البحوث في الفترة المقبلة. يذكر أن التلقيح ساهم في انقاذ الملايين من البشر من التقاط العدوى والوفاة، ويعتبر من أهم ما توصلت إليه الإنسانية في العقود الثلاثة الأخيرة.

ملاك مكي

المصدر: السفير