ظاهرة التكفير في المجتمعات الاسلامية
في العادة يتساقط في دروب الحياة في العراق المنكوب بالتكفيريين ، يوميا العشرات من النساء والرجال في تفجيرات عمياء ، وهم يبحثون عن لقمة العيش لفلذات اكبادهم ، الا ان الذي سقط في يوم الاحد الماضي 6 تشرين الاول اكتوبر ، كان فلذات الاكباد انفسهم في انفجار لم يكن اعمى ابدا. الاخبار القادمة من العراق في يوم الاحد الماضي كانت هي ذاتها التي نسمعها عادة في كل يوم ، تفجير كل شيء يتحرك في هذا البلد ، الا فارقا بسيطا ميز هذا اليوم وهو وجود تجمعات كبيرة من الزوار الوافدين على مدينة الكاظمية بمناسبة استشهاد الامام محمد الجواد عليه السلام ، والتي عادة ما تكون هدفا سهلا للتكفيريين.
رغم الاخبار المؤلمة التي تناقلتها وكالات الانباء والفضائيات عن سقوط اعداد كبيرة من الزوار في تفجيرات ارهابية ، الا ان الحدث الابرز في هذا اليوم كان حادث اقتحام سيارة مفخخة يقودها انتحاري لمدرسة ابتدائية!! في قرية بقضاء تلعفر في محافظة نينوى شمال العراق ، وأدى التفجير الانتحارى الى مقتل 14 طفلاً ومدير المدرسة ، وإصابة نحو 30 اخرين.
في اليوم التالي اي يوم الاثنين السابع من شهر تشرين الاول اكتوبر ، بعد يوم واحد ، من غزوة التكفيريين !! ضد اطفال المدرسة الابتدائية في قرية قبك العراقية ، كان رفاق لهم في مدينة بيشاور الباكستانية يقتلون اعضاء في فريق طبي للتطعيم ضد شلل الاطفال !! ، لماذا ؟ ، لان طالبان تعتبر حملة التطعيم مؤامرة غربية لاصابة المسلمين بالعقم !.
بين الخبرين العراقي والباكستاني كانت هناك اخبار سورية اقل ما يقال عنها انها كوارث بمعنى الكلمة ، واغلبها موثقة بالصور والافلام ، حيث يعترف طفل انه قتل 23 شخصا ، 13 مدنيا و 10 عسكريين بعد ان جنده خاله في صفوف المعارضة ، وطفل اخر يتدرب على طريقة قطع الرؤوس بسيف على اناس احياء واطفال اخرون ينظرون اليه.
اما الاخبار القادمة من ديار المسلمين الاخرى ورغم اختلاف جغرافيتها ومنفذيها ، الا انها لها ثوابت مشتركة ، منها تكفير المسلمين بالجملة ، والنفخ في نار الطائفية البغيضة ، واعلان الحرب على طوائف اسلامية باكملها ويصل اعداد اتباعها الى عشرات بل مئات الملايين ، وازالة وتدمير المعالم الاسلامية ونبش قبور الصحابة والاولياء ، واعلان الحرب على اتباع الديانات الاخرى الذين عاشوا في كنف المسلمين اكثر من الف عام ، وفرض قراءة متطرفة للاسلام وو...
الحقيقة لا يشك انسان ، مهما تصحرت عواطفة او تكلست خلايا دماغه ، في ان الصورة المشوهة التي يرسمها التكفيريون للاسلام والمسلمين اليوم ، عجز ويعجز عن رسمها اعتى اعداء الاسلام منذ بزوغ نوره على البسيطة وحتى اليوم ، فهذه الصورة لن تكون نتيجة تعميمها ، الا نفور البسطاء من الاسلام العظيم ، والقاء الشك في نفوس اخرين في مبادئه السمحاء الغراء ، وبالتالي هزيمة الانسان المسلم امام الاخر بعد تجريده من ايمانه وعقيدته الصحيحة.
الكثير من المراقبين يعتقدون ان نار التكفير التي تحرق ديار المسلمين ، لن تخمد الا بعد مرور وقت طويل وبعد ان تاتي على مساحات كبيرة من هذه الديار قتلا وتدميرا ، الا ان هناك من يرى ، ان بالامكان تقليص عمر ظاهرة التكفير في بلاد المسلمين والتقليل من خسائرها ، من خلال تجفيف جذور التكفير وهي الجهل والتعصب والفقر ، عبر نشر الوعي والثقافة الصحيحة وبيان حقيقة الاسلام العظيم ، وافساح المجال امام النخب المثقفة وعلماء الدين الواعين للعمل والابداع ، وتفعيل المراكز العلمية لانتاج العلم والفكر، واستخدام الفضائيات و وسائل الاعلام المختلفة لاشاعة روح التسامح ، والعمل على ايجاد فرص عمل للشباب عبر استثمار الرساميل العربية والاسلامية الضخمة التي تصل الى ارقام فلكية الا انه للاسف متكدسة في المصارف الغربية ، عندها يمكن فقط ان تلفظ المجتمعات الاسلامية ظاهرة التكفير الشاذة والى الابد.
بقلم / نجم الدين نجيب
المصدر: العالم
إضافة تعليق جديد