صرعة أميركية محافظة: "اليونيسكو تروج للعادة السرية"
قوبلت خطة تربوية عالمية وضعتها الامم المتحدة للتوعية الجنسية للاطفال بحملة من اوساط المحافظين الاميركيين، الذين اتهموا المنظمة الدولية بأنها "تروج للعادة السرية والاجهاض".
وكانت منظمة اليونيسكو التابعة للامم المتحدة نشرت في الاسبوع الماضي مسودة "الخطوط العريضة الدولية حول التربية الجنسية" بهدف مناقشتها بين خبراء دوليين خلال الاشهر المقبلة قبل ارسال نسخة نهائية منها لحكومات الدول الاعضاء.
ومن المزمع ان تشكل "الخطوط العريضة" نوعا من "اطار عالمي" للافكار الهادفة الى مساعدة الشباب على اتخاذ القرارات الجنسية الآمنة والمسؤولة، وعلى تجنب التقاط الامراض الجنسية المعدية وتلافي الحمل غير المرغوب به والافلات من خطر الدعارة والاستغلال الجنسي.
لكن يبدو ان قسما من المسودة استوقف خصوصا المحافظين الاميركيين، فذكر موقع "فوكس نيوس" على الانترنت ان "تقرير الامم المتحدة يدافع عن تعليم العادة السرية لاطفال في سن الخامسة".
ويركز تقرير "فوكس نيوز" وتقارير كثيرة اخرى من وسائل الاعلام ومواقع الانترنت الاميركية اليمينية على منهاج حصص التربية الجنسية التي تقترحها الامم المتحدة على مدارس الاطفال بين خمسة وثمانية اعوام.
وجاء في مسودة المنهاج انه "من الطبيعي للمرء ان يستكشف ويلمس اجزاء من جسمه. يمكن الاحساس بشعور جميل عند لمس الجسد. يسمى لمس الاعضاء التناسلية وحكها بالاستمناء "العادة السرية". بعض الناس يمارسون الاستمناء والبعض لا".
وتضيف المسودة في مكان آخر ان "الاستمناء ليس مؤذيا لكن يجب ممارسته على انفراد".
ومع بلوغهم عمر التاسعة، يبدأ الاطفال الذين سيتم اخضاعهم للمنهاج المقترح بتعلم القوانين المحلية المتعلقة بالاجهاض، وبأن "الاجهاض المشروع الذي يتم بشروط صحية من قبل اشخاص مدربين طبيا هو آمن"، مع التذكير بأن "عدم ممارسة الجنس هو الشكل الاكثر فاعلية لتجنب الحمل "..." ويمكن استخدام الواقي الذكري وغيره من وسائل منع الحمل "بما فيها وسائل منع الحمل في الحالات الطارئة" من اجل تلافي الحمل غير المرغوب به".
وفي سن الثانية عشر، سيتعلم الاطفال ان "وسائل منع الحمل والواقي الذكري تمنح الناس فرصة للاستمتاع بالحياة الجنسية من دون وقوع تداعيات غير مقصودة"، علما ان "هناك طرقا لمنح وتلقي اللذة الجنسية من دون ولوج".
وفيما تصر اليونيسكو على ان الخطوط العامة هذه ليست ملزمة، وانه سيتم تكييفها تبعا لمعايير كل بلد يختار تبنيها، الا ان المحافظين الاميركيين يجدون انها تنتقص من القيم الاخلاقية التقليدية.
ويحتج هؤلاء خصوصا على الامتياز الذي يمنحه المنهاج المقترح لدور المعلمين والسلطات التعليمية، متهمين الامم المتحدة بتهميش الاهل والترويج للمثلية الجنسية والاجهاض.
وكتبت جانيس شو كروز في موقع "اميريكان ثينكر" ان "استبعاد الاهل عن العملية يمنعهم من معرفة مدى تعارض +التربية الجنسية+ مع القيم التقليدية".
وتتهم كروز التي تنشط ضمن مجموعة الضغط المسيحية المحافظة "النساء القلقات على اميركا" "كونسيرند ويمين اوف اميركا" منظمة "يونيسكو" بالسعي الى "تأسيس بيروقراطية لتعليم الاستمناء وكيفية منع الحمل".
وربط ناشطون اميركيون بين مسودة اليونيسكو" وبين محاولات مفترضة من "صندوق الامم المتحدة للسكان" للترويج للاجهاض حول العالم. والصندوق هو كيان اقر مسؤولون في اليونيسكو بأنه اصبح "مصدر قلق" لناشطين حقوقيين اميركيين.
وكانت مسودة سابقة من الخطة التعليمية المقترحة اشارت الى مشاركة "صندوق الامم المتحدة للسكان" في اصدار الخطة، لكن الاشارة رفعت من المسودة في نسخة لاحقة نشرت على الانترنت.
وقال مسؤولون في الامم المتحدة ان الاميركيين الذين وضعوا مسودة خطة اليونيسكو بدأوا بتلقي رسائل تهديد عبر البريد الالكتروني منذ نشر المسودة.
بين هؤلاء نانيت ايكر التي تعمل في "مجلس الولايات المتحدة للتربية والاعلام الجنسيين"، وهي جمعية خيرية تأسست في العام 1964 من اجل الترويج للتربية الجنسية وتتعرض بشكل دائم لاستهداف المحافظين.
ومع انها تتلقى تمويلا حكوميا، فالجمعية تروج ضد الاموال الفدرالية المخصصة من اجل نشر مبدأ "العفة-فقط" في التربية الجنسية، وتدير نشرة باسم "المرصد الدولي للجناح اليميني" تحت شعار "هم لا يزمعون خيرا".
واتهمت كروز الجمعية الخيرية بالتأثير على الامم المتحدة معتبرة ان "اسوأ العقائد الاميركية المتطرفة يتم تصديرها مرة اخرى في ارجاء العالم، من خلال هذه الخطوط العريضة التي تستند الى توصيات +مجلس الولايات المتحدة للتربية والاعلام الجنسيين+".
في المقابل، دافعت منظمة اليونيسكو" ومقرها في باريس عن مسودتها. وقالت سو وليامز المتحدثة باسم المنظمة ان المسودة المقترحة "ليست منهاجا تعليميا، ما من شيء الزامي فيها".
واوضحت وليامز ان "هذا العمل انجز نزولا عند طلب الدول الاعضاء في الامم المتحدة ومنظماتها، وهو يقضي بوضع مجموع ما هو معروف عن الموضوع على الطاولة، من دون اي محرمات".
وتابعت المتحدثة ان "كل الخيارات نوقشت "في المسودة"، من العفة الى الاجهاض... وستصنع كل حكومة منها ما تشاء وتكيفها وفق سياقها الثقافي".
ولفت مسؤولو اليونيسكو الذين يرجحون بقاء النسخة الاخيرة من الخطة التربوية على حالها تقريبا، الى ان المسودة لم تثر اعتراضا يذكر خارج الولايات المتحدة واميركا اللاتينية.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد