صباح قباني يكتب عن سعيد الجزائري
إذا أحبك سعيد الجزائري فقل إنك أصبحت أنت سعيد الجزائري.
أصبحت أيامه ولياليه وينبوع أحاديثه.
أما إذا أبحك.. فيا لطيف!
صحفي عريق.. عرف الناس كما لم يعرفهم أحد ودرسهم كما لم يدرسهم أحد. وقف على علاقاتهم وصلات القربى بينهم.. صداقاتهم.. خصوماتهم.. كلّها لديه مطبوعة في ذاكرة عجيبة مدهشة، وفي أيام الانتخابات، أية انتخابات، كانت هذه الذاكرة المتوقدة تصول وتجول. فسعيد كان يعرف كيف يحرك الصداقات ويوجهها بنكتة ذكية أو تعليق ساخر أو قصة لاذعة فلا يملك من يستمع إليه إلا أن يدلي بصوته لمن رشحه سعيد.
أديب مرهف، كان يشرب اللفظة الأنيقة كما تشرب الراح ويأسره بيت الشعر الجميل مثلما كان يأسره الوفاء.
حمل إلى الشهرة أدباء ما حملوا قبله بمجد. زاحم من أجلهم المناكب وشق الصفوف وما إن أوصلهم الى المسرح حتى انسحب وعاد الى صفوف المتفرجين مكتفياً بلذة التصفيق لهم مع المصفقين. ولكن كثيراً ما نسيه الذين أوصلهم الى المسرح وبخلوا عليه حتى بأتواغراف.
ومع ذلك كان سعيد يعود دائماً ليحمل من الصفوف الأخيرة مواهب جديدة آمن بقدراتها، فيزاحم من أجلها المناكب ويوصلها الى المسرح ثم يعود أدراجه ويصفق لها مع المصفقين.
أتعرفون الطفل الذي ينفخ البالونات ثم تنفجر في وجهه؟ هكذا كان سعيد الجزائري.
صباح قباني
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد