زيادة الأسعار وضعف الرواتب تصيب السوريين بـ"الاكتئاب"
بدأ سلوك المستهلك السوري يتغير فيما يتعلق بأوليات شرائه للمواد الاستهلاكية في السوق، إثر موجات الغلاء التي تكررت وشملت جميع السلع الاستهلاكية وأصابت غالبية الناس بـ "الاكتئاب".
وتغيرت أولويات قوائم مشتريات عدد كبير من المواطنين كما تغيرت أماكن التبضع، بحسب تقرير نشرته صحيفة "الثورة" الحكومية الأحد 13-7-2008.
وقالت سيدة سورية كانت تتسوق، مع طفلتيها الصغيرتين، في سوق شعبي إنها "تشتري ملابس أسرتها من هذا السوق لأنه الأرخص ويناسب حالتها المادية".
وأضافت بالقول: "ثلث الراتب يذهب لإيجار الغرفة والمطبخ الذي نسكنه، وما يبقى من الراتب يذهب للطعام والشراب واللباس والمرض والحمد لله إن بناتي صغيرات ولا توجد مصاريف مدرسة".
أما عن المواد الاستهلاكية الغذائية فإن السيدة تذهب إلى محلات الجملة وتشتري ما هو ضروري جدا فقط "سائل للجلي، زيت قطن بالكيلو غير مكرر، تختار أنواع المكرونة والأرز الأرخص.. إلخ".
وفي سوق شعبي للخضار، قالت سيدة أخرى إن "معظم ما يدخل منزلها من أجور يذهب لشراء الطعام والشراب مع أن عدد أفراد أسرتها قليل إذ لديها ثلاثة أولاد"، مشيرة أن ما يبقى من الدخل يسد بالكاد بعض الأمور الأخرى ولذلك هي تبحث في السوق عن السلع الأرخص وتراقب الأسعار ثم تقوم بموازنة يومية بين ما تريده من حاجات وما يمكنها شراؤه، وكثيرا ما تؤجل شراء حاجات ضرورية لأنها غير قادرة على ثمنها".
وعن شراء الملابس، قالت السيدة إنها اختصرت هذا الأمر لمرتين فقط في العام "وطبعا من سوق فلسطين (سوق شعبي رخيص في مخيم اليرموك بدمشق) أو من البسطات (منفذ بيع انتاجي)، ونادرا ما تشتري قطعة ملابس لنفسها".
وقال رب أسرة سوري "يصعب الاقتراب من اللحوم والفواكه" وأضاف بالقول "لماذا الأرز ألا يكفي البرغل؟ وطبعا استبدال السلع بالسلع الأرخص أصبح أمرا طبيعيا لتصبح معه موازنة الدخل مع حاجة الجوع".
ونقلت الصحيفة عن رجل آخر، التقته في سوق الجمعة في منطقة ركن الدين، قوله: "بعد هذا الغلاء اختلفت توزيعات الراتب، إذ أصبحنا ندفع أكثر، للطعام وللمواصلات وللمحروقات.. ولهذا نحاول أن نقتصد في مصروفنا وحسب الأولويات والمشكلة اليوم أننا نعيش عصر التكنولوجيا والعلم والتقنيات، والعائلة التي لديها أكثر من ثلاثة أولاد بحاجة إلى دورات تدريب على الكمبيوتر أو دورات تقوية للغات الأجنبية، إضافة إلى دورات تقوية للشهادات، فكيف سيكون الحال بعد كل هذا الغلاء فهذه الدورات هي بالأساس أسعارها مرتفعة وفي كل سنة ترفع أقساطها وبالطبع دون أي تعديل على برنامجها".
وأضافت الصحيفة أن ارتفاع الأسعار أثر على الحياة الاجتماعية وسلوكيات الناس، فقد "بدأت الأسر تنطوي على نفسها وتتخلى عن الكثير من العادات الاجتماعية التي كانت سائدة مثل الكرم والضيافة، تبادل مظاهر الفرح والحزن مع الآخرين، كل ذلك بدأ يتغير مع ارتفاع تكاليف المعيشة، وحل محله الهروب من استقبال الضيوف، والصراع على مصروف البيت، والعنف بين الأفراد ورافق ذلك تقليص لمظاهر الفرح مثل الخطوبة أو الأعراس التي أصبحت تقام بحضور الأهل فقط، وتحجيم للعلاقات مع الجيران والأهل والأصدقاء خوفا من المصاريف التي هم بحاجة لها في أمور حياتية هامة، وطبعاً ذلك شكل من أشكال تدهور العلاقات الاجتماعية وإضعاف لبنية المجتمع".
وقالت الصحيفة الحكومية "إن المشكلة ليست بغلاء الأسعار فقط، بل بالدخل والأجور المتدنية غير الكافية حتى لسد متطلبات الحياة العادية والضرورية، فهل يعقل أن يأكل أبو جاسم (مواطن سورى) كيلو لحمة في الشهر وفروجاً مشوياً واحداً في الشهر هو وأسرته، في حين أن دخله الشهري بالكاد يكفي للأشياء الضرورية، وإن فعلها ماذا سيصنع باقي أيام الشهر؟.
وعلقت الصحيفة أن "أرباب هذه الأسر يحلمون بحياة كريمة فيها غذاء جيد وملابس جيدة وتعليم وصحة وترفيه وغيرها من الحاجات الطبيعية للإنسان لكن المعوقات كثيرة وخارجة عن إرادتهم".
المصدر: د ب أ
إضافة تعليق جديد