حلب تسجل أولى ضحايا العطش
ولاء قرة جولان ابنة ال 18 ربيعاً أولى ضحايا أزمة المياه في حلب، الشابة التي تستلقي اليوم في مشفى الجامعة بحلب، لم تمت عطشاً بعد لكن رصاصة قناص استهدفتها في حي الخالدية .
ولاء كانت تحاول ملء بعض الأواني المنزلية بالماء اللازم للشرب، في حادثة هي الأولى لاستهداف مدنيين أثناء محاولتهم استجرار الماء بحلب العطشى، في مؤشر الى الرغبة الشديدة من المسلحين المتشددين بتجفيف حلب الغربية والانتقام من كل من هو بداخلها.
طوابير من الحلبيين تقف على أبواب الجوامع وبالقرب من أماكن وجود أي بئر حاو للمياه (جب كما يطلق عليه في حلب) وهو الأمر الذي أثار حفيظة مصادر أهلية عدة، نتيجة عدم الثقة بنظافة موارد مياه مماثلة.
ومع توقُّع هؤلاء باللجوء الى حل مماثل رغم تحفظاتهم مع قرب انتهاء مخزونهم الخاص من المياه، أكد مصدر طبي وجود حالتين موثقتين حتى اللحظة لتسممات غذائية نتيجة شرب ماءٍ غير صالح للاستهلاك البشري .
ويرجح أن سبب حالات التسمم هو سحب الماء من نهر قويق الذي يعرف في حلب كمكب للنفايات في معظم الاوقات خاصة مع غياب أي عمليات لتنظيفه وترحيل القمامة والطحالب عنه مؤخرا .
أبو أحمد وهو من سكان باب الحديد نزح مؤخرا إلى منزل أقاربه في شارع النيل، يؤكد أن القذائف التي تنهمر بكثرة فوق رؤوسهم لم تعد مشكلتهم الكبرى، فالعطش الآن بات أكثر تهديداً للمدينة التي عانت ما عانته مع بقية المدن السورية في شتاء ضن عليها بالمطر أساساً لتزيد مشكلة مضخات المياه في سليمان الحلبي مشاكلهم سوءاً.
ويضيف أبو أحمد في شرحه للمشكلة أن الصيف على الأبواب ودرجات الحرارة بارتفاع ملحوظ والماء اليوم بات نادرا يشتريه المُقتدر للشرب ويستجديه المحتاج في طوابير باتت مشهدا معتادا بالقرب من المساجد.
وفي حديث له يتخوف الرجل الخمسيني من حالات جرب وأمراض جلدية أخرى شهد مثلها الصيف الماضي في حلب الشرقية، يمكن أن تنتشر بحسب تخوفه مع تزايد درجات الحرارة في ظل اكتظاظ حلب الغربية بالسكان مع حركات النزوح المتتالية إليها من القسم الشرقي الخاضع لسيطرة جماعات متشددة مسلحة عليه.
وتؤكد فاتن وهي ربة منزل تقيم في منطقة الفرقان أنهم وبمبلغ 1500 ليرة قدمها زوجها رشوة لأحد سائقي الصهاريج التابعة لمنشأة حكومية تمكنوا من ملء خزان المياه في منزلهم وخزانٍ آخر احتياطي قاموا بشرائه مؤخرا.
فاتن قالت انها لن تستخدم الماء المتوافر لحاجات الطهو والشرب لأن مصدره "جب" للماء في حديقة عامة بالقرب من السريان القديمة وهي لا تعرف إن كان يصلح للشرب لكنه يقضي حاجات أسرتها المكونة من خمسة أشخاص من حيث الغسيل والاستحمام والجلي، وتؤكد ان التنظيف لم يعد عادة يومية للحلبيين في منازلهم فالجلي يخضع للتقنين حتى في منازل من يتمكن من شراء الماء.
محمد وهو صاحب محل لبيع الأغراض البلاستيكية في منطقة الجميلية أكد أن الكميات التي تباع في المحال المماثلة لمحله من كؤوس وصحون وأدوات طعام للاستخدام مرة واحدة تضاعفت عشرات المرات بعد دخول ازمة المياة نهاية اسبوعها الأول وفقدان الماء اللازم للجلي في المنازل وبدء انتهاء الكميات المخزنة في معظم بيوت حلب الحكومية.
حملات للتضامن مع حلب العطشى أطلقت على نطاق واسع على صفحات التواصل الاجتماعي ومطالبات للحكومة بايجاد حل مع الاستغراب الشديد في معظمها لانتظار أيام سوداء كهذه لوضع خطة طوارئ رغم أن منطقة وجود المضخات هي منطقة نزاع مع المتشددين منذ سنتين في حين تقع المضخات بشكل كامل تحت سيطرة المسلحين .
مواطنون حلبيون ممن يتوافر لديهم فائض من الماء في منازلهم أعلنوا عن ترحيبهم بأي محتاج وحدّدوا أماكن تواجدهم ، لتشاهد طوابير الأواني البلاستيكية بعد أقل من ساعة واحدة أمام معظم هذه المنازل في إنذار واضح بتفاقم المشكلة.
وفي الوقت الذي يترقب فيه الشارع الحلبي أي إجراءات للطوارئ تخدّم الأحياء السكنية بالماء اللازم للاستخدامات الأساسية، تناقلت صفحات التواصل الاجتماعي ما أطلقت عليه اسم "الفضيحة" حول قيام محافظة حلب بتأمين المياه لمنازل مسؤوليها أو أقاربهم ، في غياب أي بادرة من بوادر إيجاد حل طارئ لحل أزمة المياه في المدينة.
محافظ حلب وحيد عقاد وفي الوقت الذي امتنع فيه عن الاجابة على هاتفه للوقوف على حقيقة الاجراءات التي اتبعتها المحافظة (بحال وجودها) أو للرد على الاتهامات الموجهة للمحافظة حول سوء استخدام الصلاحيات لأغراض شخصية.
وصرح المحافظ في وقت لاحق في حلب أن 28 صهريج بات جاهزا للعمل في المحافظة ، حيث ستقوم اعتباراً من اليوم ( السبت )يتوزيع المياه على المواطنين في الأحياء بالاضافة الى اصلاح 20 صهريج آخر معطلة موجودة لدى عدة مديريات لتدخل في العمل عبر الاسالة .
تصاريح يرى الحلبيون أنها لم تعد تروي ظمأ الباحث عن " شربة ماء " ، بانتظار ما يقولون عنه " تدخل مطلوب من الشام " بعد أن ضاق بهم الأمر من ضعف حيلة مسؤولي حلب .
يرى " أبو يعرب " وهو من سكان حي الميدان أن حلب التي صمدت في وجه المغول والتتار باتت بحاجة إلى " حل جذري " ، وأنه لم يعد مقبولا محاولة " لي ذراع جيشنا " باستهداف المدنيين في كل مرة يتقدم فيها الجيش .
وتلقينا في ذات السياق عددا من الاتصالات من مشتكين يعانون إضافة لانقطاع المياه من بدء ظاهرة سوء العدالة في التوزيع والتي أكد أحدهم حدوثها نتيجة سكنه في بناء مجاور لمنزل أحد المسؤولين والذي رفض سائقه رفضاً تاما ملء اي إناء للجيران وهم يتفرجون على صهريجٍ يملأ الخزانات الثلاث على شرفة منزله بالمياه.
ورغم ما يمر به الحلبيون من ازمات إلا أن حس الدعابة حاضر حتى في عطشهم للماء، يرى الحلبيون بكثير من الخلط بين الجد والمزاح أن الدولة السورية كانت بعيدة النظر حين أسمت ما تمر به البلاد "أزمة" فهي من المؤكد ليست "ثورة" بالنسبة لحلب الحكومية إلا إن كانت "ثورة الموت على الحياة".
هي بكل مفاصلها أزمة للحلبي تنخر في حياته اليومية وتؤطر حياته بقيود يربطها في معظم أحاديثه بحصار قريش للرسول (ص) وأتباعه في شعاب مكة.
فرح يوسف
الخبر
إضافة تعليق جديد