حرستا تروي مزروعاتها من مياه الصرف الصحي للمشفى

بداية لانقصد اثارة الخوف والهلع لدى الناس، وانما التأكيد دائماً ان التوعية هي الاساس وليعلم الجميع ماذا نأكل وماذا نشرب!!

فمشكلة تسرب مياه الصرف واختلاطها بمياه الشرب وري المزروعات،شئنا أم أبينا تهم جميع الناس، وهذه المشكلة طرحناها مراراً، فالمسألة كما قلنا ليست سهلة وليست عادية، فكل مايتعلق بحياة الناس وصحتهم يعتبر خطيراً، ونحن اذ نطرحه للتوعية وحتى يدرك بعض المزارعين ان مايفعلونه حرام وان التلاعب بحياة وصحة الناس أصبح امراً لايمكن السكوت عنه . ‏

اثناء جولاتنا الميدانية المتكررة على مناطق عديدة لاحظنا ان بعض المزارعين يسقون مزروعاتهم من مياه الصرف الصحي، ولكن المصيبة أن بعضهم لم يكتف بذلك بل بادر الى استخدام مياه مشفى حرستا الملوثة والمحملة بمختلف أنواع الجراثيم والفيروسات التي تنتج عن المشفى، وجميعنا يعلم مدى الخطورة التي تحملها هذه المياه، وهذا الكلام ليس بجديد فمنذ سنوات عديدة طرحنا الموضوع وتمت معالجته في حينها ولكنه عاد للظهور ثانية، ففي المنطقة الواقعة خلف مشفى حرستا العسكري، هناك بعض الاقنية المتفرعة من نهر تورا فرع الحرستاني ، تحولت الى مجرى لمصبات الصرف الصحي الواردة من التجمعات السكانية المحيطة ومن مشفى حرستا، ومن عدد من المسالخ، حيث لوحظ وجود لون أحمر واضح للدماء الناتجة عن هذه المسالخ ويتم استخدام هذه المياه في ري كافة أنواع المزروعات والخضراوات، وكانت الجهات المعنية لدى اكتشافها مثل هذه الامور، تقوم بجرف الاراضي المزروعة المروية بهذه المياه إلا أن الفلاحين يعودون لزرع هذه الاراضي وريها بذات المياه. ‏

وكما نعلم هناك اختلاف كبير بين مياه الصرف الصحي للمستشفيات ومياه الصرف الصحي للمنازل والمصانع والمزارع، فهناك ملوثات خطيرة ناتجة من المخلفات الطبية السائلة تتسبب في خطورة مياه الصرف الصحي للمستشفيات بالمقارنة مع مياه الصرف الصحي للمدينة او الصناعية او الزراعية، والصعوبة في هذا النوع من المياه ترجع الى عدم امكانية التخلص من تلك الملوثات بوساطة محطات المعالجة واعادة استخدامها والاستفادة منها فكيف اذا كانت تروى فيها الاراضي خاماً ومن دون معالجة؟!! ‏

ومن الملوثات مثلاً كيماويات تحضير واظهار الصور والمضادات الحيوية، وهي من اكثر المركبات الصيدلانية استخداماً، وتأتي تأثيراتها من ناحية التلوث البيئي في تعزيز وزيادة مقاومة البكتيريا للادوية، ما يؤدي الى انتشار بعض الاوبئة التي يصعب التحكم بها، كما هناك ايضاً أدوية علاج الاورام والخلايا السرطانية وهي من اخطر الملوثات لمياه الصرف الصحي لمالها من قدرة في احداث طفرات وتشوهات وسرطان بالخلايا الحية،هذا غيض من فيض مما يتضمنه الصرف الصحي للمشافي فكيف اذا كانت تسقى به الخضراوات؟!! ‏

اعادة استخدام المياه العادمة في الري يترافق بنوعين من الاخطار التي يمكن ان تهدد الصحة العامة، ويطول الخطر الاول المزارعين، والعمال الزراعيين في الاراضي والمزارع التي تستخدم هذه المياه، اضافة الى السكان القاطنين بالقرب من المزارع في حين يطول الخطر الثاني مستهلكي المنتجات النباتية والحيوانية المنتجة في المنطقة التي تستخدم هذه النوعية من المياه. ‏

وتحتوي المياه العادمة على أنواع عديدة من العوامل الممرضة وهي البكتيريا وتسبب العديد من الامراض للانسان كالاسهال والكوليرا والتيفوئيد وغيرها وهناك الفيروسات وهي مسؤولة عن بعض الامراض التي تصيب الانسان مثل التهاب الكبد والشلل والاسهال، اما الديدان فهي الاشد خطراً على صحة الانسان مقارنة بالفيروسات والبكتيريا،نظراً للاحتمال الكبير في حصول العدوى بها. 
 ومما لاشك فيه ان اعادة استخدام المياه العادمة المعالجة في الري سيترافق حتماً مع تأثيرات بيئية مختلفة تطول كلاً من التربة والنبات والمياه الجوفية، وتختلف هذه التأثيرات وشدتها باختلاف نوعية المياه العادمة المستخدمة من جهة، وباختلاف طول الفترة الزمنية التي تستخدم فيها هذه المياه، ونعود هنا لنذكر ان هذه التأثيرات في حال كانت المياه العادمة معالجة، ولكم ان تتخيلوا اذاً ماهي تأثيرات المياه العادمة غير المعالجة!! ‏

المخاطر الصحية والبيئية الناجمة عن استخدام مياه شديدة التلوث والناجمة عن مشفى حرستا وعن المسالخ والتجمعات السكانية المحيطة كبيرة بل وخطيرة جداً وخاصة انها تستخدم لري الخضراوات التي تؤكل نيئة، لذلك لابد من اتخاذ اجراءات فورية وحاسمة لوقف استخدام هذه المياه، ومحاولة وصل هذه التجمعات السكانية الى قناة الجر الرئيسية لمياه الصرف الصحي الواصلة الى محطة عدرا ،كما نعتقد ان الامر بحاجة الى تفعيل التشريعات والقوانين ومنع ومعاقبة كل من تسول له نفسه التلاعب بصحة الناس، فهل هناك من يهتم ومن يتابع؟! نأمل ذلك لان الامر اصبح لايطاق، فمتى نتحرك؟!! ‏

سناء يعقوب

المصدر: تشرين