حاخام جيش الاحتلال «ينتصر».. وفضائح الفتاوى تتوالى فصولاً
رغم الفضيحة التي مثّلتها فتاوى الحاخام الأكبر للجيش الإسرائيلي العقيد إيال كريم بشأن اغتصاب غير اليهوديات في الحرب ومواقفه من تجنيد الفتيات في الجيش، إلا أن رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال غادي آيزنكوت قرّر الإبقاء على تعيينه. وقد أشارت معطيات جديدة إلى أن الحاخام كريم اتخذ مواقف معارضة لمبادئ الجيش، عندما أفتى أيضاً بأولوية فتاوى الحاخامات على أوامر القيادات العسكرية.
وأبلغ رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال غادي آيزنكوت الحاخام الأكبر المقرر تعيينه، إيال كريم، أن تعيينه لا يزال سارياً رغم فتاويه المثيرة للخلاف، ورغم الضجة التي نشأت ضد هذا التعيين في الأوساط الحقوقية والسياسية على حد سواء.
وأشار بيان صادر عن رئاسة الأركان إلى أنه بعد اجتماع آيزنكوت بالحاخام كريم، توّلد لدى الأول انطباع بأن بينهما اتفاقا حول القضايا المثارة، وأن الحاخام أعلن في الحوار مع آيزنكوت أنه يتحفظ إزاء فتاوى أصدرها في الماضي. واعتبر الحاخام أن فتاويه السابقة لا تتناسب مع قيم الجيش الإسرائيلي والشكل الذي يرى به الجيش هذه الأمور.
وقال آيزنكوت إنه أخذ انطباعا من حديثه مع الحاخام أن الأخير أوضح كل المسائل، وأنه قال أثناء الحديث إنه «رغم مرور وقت، فإنني آسف أن يكون كلامي قد أضرّ بأي جندي أو جندية. ووجهتي إلى المستقبل من أجل الإسهام في تعزيز غايات الجيش الإسرائيلي في الدفاع عن الدولة، وضمان وجودها وتحقيق النصر في الحرب».
وكانت أقوال وفتاوى الحاخام كريم التي نشرت في تحقيقات صحافية إثر الإعلان عن تعيينه لمنصب الحاخام الأكبر للجيش قد أثارت عاصفةً سياسية وإعلامية. وحملت أوساط دينية ويمينية على منتقدي تعيين كريم. وقالت رئيسة كتلة «البيت اليهودي» في الكنيست، شولي معلم رفائيلي، إن «الحملة العدائية والسياسية ضد الحاخام كريم تنبع من جهل مخيف ومن خوف عميق من التدّين الذي يُسيطر حسب زعم مثيري الذعر على الجيش الإسرائيلي وقادته وجنوده». وبحسب كلامها، فإن «القائمين على الحملة يصرون ويحاولون مرة تلو مرة الفصل بين الهوية اليهودية والجيش الإسرائيلي، حيث أن تعيين كل معتمر للقبعة الدينية في منصب عسكري كبير يعتبر في نظرهم كمن أخذ منهم الدولة». وطالب عضو الكنيست من الكتلة نفسها، بتسلئيل سموطريتش، رئيس الأركان، بإدانة هذه «العربدة التي لم يسبق لها مثيل» ضد الحاخام كريم.
وكريم سبق أن خدم في سلاح المظليين، وكان قائداً للوحدة الخاصة في هذا السلاح. وبعدها، تولى منصب رئيس دائرة الحاخامية في الجيش ومن المتوقع أن يرفع ليحصل على رتبة عميد. ورغم إعلان آيزنكوت عن تعيينه، فإن هذا التعيين لا يزال يحتاج إلى مصادقة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان.
وكانت الضجة قد أثيرت عندما أظهرت التحقيقات أن كريم سبق له أن أباح للجنود الإسرائيليين اغتصاب النساء غير اليهوديات في زمن الحرب، مبرراً ذلك بأن الشريعة اليهودية تبيح لكل من يأسر عدواً أن يفعل به ما يشاء. وأن الاغتصاب أهون في الشريعة من زواج اليهود من غير اليهوديات. ولكن فتاوى كريم طالت أيضاً ما كان يعتبر دُرّة تاج الجيش الإسرائيلي، وهي المساواة في الخدمة العسكرية بين الرجال والنساء، واعتبر أن خدمة النساء في الجيش تمسّ بالشريعة طالما أنه لا توجد ضرورات لذلك. وللحاخام كريم مواقف معادية جداً للنساء، بينها أن النساء لسن سوى مجموعة من الأحاسيس، ولذلك ينبغي أن يبقين دوماً تحت إشراف أزواجهن. واعتبر أيضاً أن المثليين مصابون بعطب، وأن «علينا مساعدتهم للنجاة من وضعهم».
ودافع رجال دين كثر في إسرائيل عن الحاخام كريم، معتبرين أنه في فتاويه كان ينطلق من شرح متطلبات الشريعة اليهودية التي وضعت قبل 3500 عام. وأوضح هؤلاء أنه ليس بوسع أي حاخام تغيير مبادئ الشريعة ولا نصوصها، إذ لا يوجد من يستطيع أن يضع شريعة جديدة. وقال بعض هؤلاء لذلك ينبغي أن يفهم الناس أن كل ما يتعلق بالشريعة ليس سوى جدل نظري لا ينبغي فرضه بحذافيره على الواقع القائم حالياً.
ومن بين فتاوى الحاخام كريم أنه محظور على المرأة الإدلاء بشهادة في المحكمة، مبرراً ذلك بأن هذا «تمييز لصالحها، بسبب طبيعتها العاطفية التي لا تمكنها من الصمود أمام تحقيقات متكررة في المحاكم». وشدد على وجوب أن تبقى الفتاة تحت رعاية والدها الذي عليه أن يأمرها أين تذهب وأين لا تذهب إلى أن يصير لها زوج يأمرها. وأكد وجوب ألا تلتحق المرأة بالجيش حتى لا تضطر لاتباع أوامر من رجل غير أبيها وزوجها يقول لها أين تنام ومتى تأكل.
ورفض كريم في فتاويه أن يخضع جندي لأوامر إمرأة تكون قائدته، وبرر ذلك بالقول إنه «إذا كانت للجنود إمرأة قائدة، فإنهم سيقضون أغلب وقتهم في النظر إليها، وهذا يتنافى مع حظر النظر إلى المرأة».
لكن بين أخطر ما أفتاه الحاخام كريم من وجهة نظر عسكرية، هو أنه «محرم تنفيذ أي أمر يطلب منك أن تنفذ مخالفة دينية أو تمنعك من أداء فرض ديني». وأفتى كريم بوجوب قتل كل مشتبه في نيته لتنفيذ عملية انتحارية مضيفاً أن «المخربين الانتحاريين المصابين ينبغي قتلهم».
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد