تلوث الهواء مستمر والأطباء وعزرائيل هم الرابحون
تستخدم كميات ضخمة من الطاقة سواء في تزويد السيارات بالوقود أو في الحفاظ على مستوى المعيشة أو في انتاج آلاف الأنواع من الكيماويات المستعملة في الصناعة والزراعة.
وتتسبب كل هذه الأنشطة في ا نسياب الملوثات الكيميائية الى الغلاف الجوي وكثير منها يشكل خطراً على صحة الانسان والبيئة.. ويعتبر تلوث الهواء واحداً من أهم مايهدد صحة الناس، فلكي يعيشوا عليهم أن يتنفسوا بصورة مستمرة ومن ثم يعرضوا أنفسهم الى الملوثات التي يحملها الهواء حيث تؤثر هذه الملوثات على البشر والنباتات والحياة البرية والكائنات المائية على المستويين المحلي والعالمي، وهذا مايراه الدكتور المهندس فائز البيطار الباحث في المجال البيئي.
يمكن التعبير عن تلوث الهواء بوجود ملوثات في الغلاف الجوي بكميات ولفترات تضر بصحة الانسان والبيئة وهذا ماأفرزه التطور الحضاري في العالم فالمنعكسات السلبية الناتجة عن نشاطات الانسان أدت الى حدوث خلل في النظام البيئي وتفاقم المشكلات البيئية ولاشك أن القياسات في سورية دلت على تدهور في نوعية الهواء في المدن الرئيسة خاصة بعد التطور الملحوظ في العقود الماضية.
وتأتي ملوثات الهواء من مصادر عديدة وتوجد بأشكال كثيرة ويمكننا تقسيمها الى قسمين، أولهما الجسيمات وتتضمن (الرماد والدخان والغبار) والغازات والأبخرة وتتضمن (الأدخنة والضباب والروائح).
يشير الدكتور البيطار الى أن النقل وتوليد الطاقة الكهربائية والصناعة وحرق النفايات الصلبة من أهم مصادر تلوث الهواء وأيضاً لايقتصر تلوث الهواء على المصادر التي صنعها الانسان فالملوثات الطبيعية للهواء لها مخاطر على صحة الانسان ومنها رماد البراكين وحبوب الطلع والغبار والدخان المتصاعد من حرائق الغابات.
ومن أهم ملوثات الهواء تلك التي تنتج عن احتراق الوقود وتشمل العوالق والمركبات الحلقية العطرية فالعوالق تسبب تأثيرات سلبية على الصحة العامة وعلى التربة والنباتات وتؤدي الى أمراض خطيرة في الجهاز التنفسي مثل الربو والسعال والانتفاخ الرئوي وتصلب الرئة وقصور في وظيفة الرئتين والقلب.
أما الرصاص فمخاطره الصحية كبيرة فيؤدي الى تسمم الأعصاب والكلى واضطرابات قلبية وزيادة ضغط الدم وخفض معدل الذكاء عند الأطفال.
وهناك الملوثات الغازية وأكاسيد الكبريت والنتروجين وتسبب احتقان الأغشية المخاطية للجهاز التنفسي وتهيج العيون والتهاب القصبات والسعال.
أما المركبات الحلقية العطرية فهي مواد ذات خواص مسرطنة.
ظهرت الدراسات أن تراكيز ملوثات الهواء تفوق وبمرات عديدة الحدود المسموح بها، ويرى الدكتور البيطار أن المشكلة تكمن في عدم اعلام الجمهور في الشارع عن نوعية الهواء الذي يتنفسه وأين هي محطات رصد مراقبة جودة الهواء وهذا يدل على تقاعس الجهات المعنية عن تطبيق القوانين الهادفة الى التخفيف من نسبة الملوثات المنبعثة ولاسيما من الصناعة ووسائط النقل ووسائط التدفئة وتوليد الطاقة الكهربائية وحرق النفايات وغيرها.
وتعتبر المشكلة المرورية جزءاً أساسياً من مشكلات تلوث الهواء بما تتضمنه من غياب للحدود الدنيا لقواعد المرور مثل التقيد بالمسارات والتقيد بالمواقف المخصصة لمركبات النقل العامة والتقيد بالسرعة المحددة وغياب نظام مؤتمت لاشارات المرور اضافة الى قدم المركبات وعدم جهوزيتها فنياً.
كما يلعب تدني نوعية الوقود دوراً مهماً في زيادة الغازات الملوثة وبخاصة ثاني أوكسيد الكبريت والرصاص حيث إن الوقود المستخدم في سورية يحتوي على نسبة مرتفعة من الكبريت تبلغ 0.15 % في البنزين و0.7 % في الديزل وتصل الى 3.5% في الفيول.
ويضاف الى ذلك قلة المساحات الخضراء والتعدي على الأماكن المخصصة لها وعدم الاهتمام بالمناطق المشجرة وكأنها أصبحت شيئاً من الماضي.
يقول الدكتور البيطار :إن مشكلة تلوث الهواء وماينجم عنها من مخاطر متعددة جديرة بالاهتمام والرعاية من قبل الجهات الحكومية وأخذها على محمل الجد فالآثار السلبية لهذه المشكلة في تزايد مستمر ويمكن أن تتحول لتصبح كارثية لذلك يدعو الى ضرورة الاهتمام بالعديد من القضايا ومنها في مجال النقل اعتماد أنظمة مرور مؤتمتة تأخذ بعين الاعتبار الاختناقات المرورية وأوقات الذروة وغيرهامن العوامل وتطبيق القوانين المرورية بصرامة واعتماد بعض الحلول الاسعافية غير المكلفة ومنها تقيد وسائل النقل العامة بالمواقف المخصصة لها لمنع الاختناقات المرورية وتحديد مواقف خاصة لسيارات الأجرة حسب كل منطقة ما يخفف العبء عن كاهل المدينة وبالتالي يخفف كمية الملوثات المنبعثة ويؤدي الى اقتصاد في كمية الوقود وتشجيع وتوفير وسائط نقل جماعية مريحة بدلاً من الوسائط القديمة المعتمدة وكذلك التقيد بنظام الفحوصات الفنية السنوية والدورية لغازات العادم.
وفي مجال الوقود استخدام وقود يحقق المواصفات العالمية ويخفف من كمية ملوثات الهواء وامكانية الاعتماد على الغاز الطبيعي في سيارات النقل والصناعة.
وبالنسبة لمجال الصناعة ضرورة تطبيق القوانين البيئية المتعلقة بالمنشآت الصناعية قبل وبعد انشائها أي مايسمى بتقييم الأثر البيئي والمراجعة البيئية للحد من امكانية حدوث التلوث ومراقبة نوعية الهواء الصادر عن هذه المنشآت وبالتالي اقتراح الحلول من قبل المتخصصين في المجال البيئي.
وفي مجال الطاقة اعتماد سياسات ومشاريع تساهم في تخفيض انبعاث الملوثات الغازية والاعتماد على الغاز الطبيعي في انتاج الطاقة الكهربائية وتشجيع ودعم استخدام الطاقات المتجددة (الشمس ـ الرياح ـ المياه ـ الكتلة الحيوية) بدلاً من الاعتماد على الوقود الاحفوري.
أما على صعيد تخطيط المدن فضرورة الاهتمام بالمساحات الخضراء وزراعة الأشجار واقامة الحدائق التي تلعب دوراً أساسياً في تنقية الهواء.
ويبقى القول: إن على الجهات الحكومية تحمل المسؤولية في التخفيف من المشكلات الناجمة عن تلوث الهواء لأن كل تأخير في هذا المجال ستكون له عواقبه على مختلف الصعد البيئية والصحية والاقتصادية.
سناء يعقوب
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد