تغيير بسيط يوميّاً ... حياة مختلفة كليّاً
توصلّت دراسة بحثيّة أُجريت في «معهد سيميل لعلم الأعصاب والسلوك البشري» في ولاية كاليفورنيا، ونُشرت مطلع الصيف الجاري في «المجلة الأميركيّة للطب النفسي للمسنين»، إلى أنّ الأفراد يستطيعون تحسين فعاليّة أدمغتهم من طريق تغييرات بسيطة في أسلوب حياتهم اليوميّة. وتشمل تلك التغييرات تمارين تنشيط الذاكرة، واتباع نظام غذائي صحي، والحفاظ على اللياقة البدنية، والحدّ من التوتر النفسي وغيرها.
وأوضح الباحث الرئيسي في الدراسة، البروفسور غاري سمول، وهو أستاذ في الطب النفسي والعلوم السلوكيّة الحيويّة في المعهد الآنف الذكر، أن العلماء عرفوا منذ مدّة طويلة أنّ اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة، يمكنهما المساعدة في الحفاظ على الصحة البدنية وزيادة معدّل العمر المتوقّع.
وشدّد على أنّ الحفاظ على صحة العقل لا يقلّ أهمية عن تلك الأمور. وتتميّز الدراسة المذكورة أعلاه بكونها أوّل دراسة تُظهر تأثير تمارين تنشيط الذاكرة وإجراءات الحدّ من التوتّر، إلى جانب اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة البدنية، في تحسين وظائف الدماغ ووظائفه المعرفيّة.
واكتشف الباحثون أنّه بعد 14 يوماً من اتّباع استراتيجيّات نمط حياة صحيّة، انخفض معدل حرق السعرات الحراريّة في مناطق عمل الذاكرة في الدماغ، مّا يشير إلى زيادة فعالية الدماغ الذي لم يكن عليه القيام بجهد إضافي لإنجاز مهمّات التذكّر.
سكّر وكلمات متقاطعة
في الدراسة التي استمرّت على مدى أسبوعين، جرى إسناد 17 اختباراً لأداء الذاكرة، في مجموعتين جرى انتقاؤهما عشوائيّاً بين المشاركين في الدراسة. ولم تُسجّل تغييرات في السلوك في مجموعة المراقبة التي لم تُدِخِل تغييراً على حياتها اليوميّة، ففيما ظهرت تغييرات متنوّعة في المجموعة التي اعتمدت استراتيجيات صحية لتحسين الوظائف البدنيّة والعقليّة.
واستطراداً، سلّط سمول الضوء على تفاصيل الاستراتيجيات الصحيّة المستخدمة في الدراسة في كتاب أصدره بعنوان: «مرجع إطالة العمر: 8 استراتيجيات أساسية ليبقى عقلك سليماً وجسمك نشيطاً» (دار «هايبريون»، نيويورك).
وتجدر الإشارة إلى أنّ المشاركين في الخطة الصحيّة لتحسين الدماغ جعلوا الأمور التاليّة جزءاً من روتين حياتهم اليومية:
1- من أجل تحفيز الدماغ، اعتمدت تمارين للذاكرة، كالكلمات المتقاطعة والمسابقات الذهنية، طوال اليوم.
2- من أجل تحسين اللياقة البدنية، أنجز المشاركون نزهات يوميّة مشياً على الأقدام، وتبيّن أنّها تزيد متوسّط العمر المتوقّع وتخفض خطر الإصابة بمرض «آلزهايمر».
3- من أجل تحسين النظام الغذائي، تناول المشاركون في الدراسة خمس وجبات يوميّاً، ما يمنع انخفاض مستويات السكر في الدم نظراً إلى أنّ سكّر الـ»غلوكوز» هو مصدر الطاقة الرئيسي للدماغ.
4- اتّبع المشاركون نظاماً غذائيّاً متوازناً غنيّاً بأحماض الـ «أوميغا 3» الدهنية، ومضادات الأكسدة، والنشويات التي لا ترفع معدّل السكّر في الدم كالحبوب الكاملة.
5- من أجل الحدّ من التوتّر، مارس المشاركون تمارينَ الاسترخاء يوميّاً، مع الإشارة إلى أنّ التوتر يدفع الجسم إلى إفراز هرمون الـ «كورتيزول» الذي يضعف الذاكرة ويؤذي خلاياها في الدماغ.
وعلاوةً على ذلك، جرى اختبار وظائف الدماغ قبل الدراسة التي استمرّت 14 يوماً وبعدها أيضاً، باستخدام «التصوير المقطعي بأشعة البوزيترون» لقياس نشاط الدماغ. وأظهر المشاركون الذين اتبعوا خطة نمط الحياة الصحية لتحسين الدماغ، تقدّماً في قدرة الدماغ على استعمال السعرات الحراريّة بكفاءة، خصوصاً في المناطق المتّصلة بالذاكرة.
ومقارنة بمجموعة المراقبة، سجّل المشاركون في البرنامج أداءً أفضل من حيث الطلاقة اللفظيّة، وهي وظيفة معرفية تسيطر عليها منطقة في الدماغ قريبة من تلك التي تتحكّم في الذاكرة.
وأضاف سمول أن الدراسة أوضحت أيضاً أن 14 يوماً كانت كافية لتحسين صحة البدن والعقل (خصوصاً الذاكرة)، عبر تغييرات بسيطة في نمط الحياة اليوميّة. وأشار إلى أن العلماء في «معهد سيميل لعلم الأعصاب والسلوك البشري» في ولاية كاليفورنيا، يعتزمون تقويم الآثار المستقلّة لكلّ من الاستراتيجيّات التي اتّبعَت في الدراسة، ما يساعد ربما على التوصّل إلى المزيج الأمثل من تلك الاستراتيجيّات الصحيّة.
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد