ترامب الابن يُشعل «التحقيق»: روسيا ساعدت والدي!
تسلّم دونالد ترامب الابن دفّة «تويتر» أمس، على أمل إصلاح ما أفسدته التقارير الإعلامية التي نُشرت، خلال اليومين الماضيين، والتي تحدّثت عن لقائه بمحامية روسية في حزيران 2017، بهدف الحصول على معلومات تتعلّق باللجنة الوطنية للحزب الديموقراطي، وبمرشحة الحزب هيلاري كلينتون. أطلق العنان لسلسلة مراسلات حصلت بينه وبين الوسيط الذي نظّم هذا اللقاء، ومن خلال أربع صفحات من الرسائل الإلكترونية وضع ترامب الابن نفسه، ووالده الرئيس الأميركي من ورائه، في موقف أكثر حرجاً.
بيّنت هذه الرسائل ثُغَراً عدّة في رواية الابن البكر لترامب. وحتى الآن، برزت ثلاثة تناقضات في تصريحاته؛ وفيما صرّح في البداية بأنّه لم يكن يعرف من سيلتقي، وأن اللقاء جاء من أجل بحث مسألة تبنّي الأطفال الروس من قبل أميركيين، أكد لاحقاً ما نشرته «نيويورك تايمز» عن أن اللقاء جرى من أجل الحصول على معلومات تضرّ بالمرشحة كلينتون، وأنه كان يعرف الجهة التي سيلتقي بها. وتبيّن من هذه الرسائل أن ترامب الابن عبّر على الفور عن اهتمامه بالأمر. وقد حصل اللقاء في التاسع من حزيران 2016 في برج ترامب، وحضره صهر الرئيس جارد كوشنر ومدير حملته بول مانافورت.وفي إحدى الرسائل بتاريخ الثالث من حزيران، يقول أحد شركاء والده السابقين إنه جرى الاتصال به من قبل مسؤول روسي حكومي كبير، يعرض منح حملة ترامب معلومات تضرّ بكلينتون. وبحسب الرسائل التي نشرها ترامب الابن، فإن هذه الوثائق «يمكن أن تجرّم هيلاري (كلينتون) وتعاملاتها مع روسيا، ويمكن أن تكون مفيدة جداً لوالدك». وتضيف الرسالة ذاتها: «من الواضح أن هذه معلومات حسّاسة وذات مستوى عالٍ، ولكنها جزء من دعم روسيا وحكومتها للسيد ترامب». ترامب الابن ردّ في غضون دقائق قائلاً: «إذا كان هذا ما تقوله فإنه يروقني، خصوصاً (إذا ما حصل) خلال الصيف».ترامب الابن غرّد هذه الرسائل. وقال في بيان مرفق: «بهدف أن أكون شفافاً بنحو كامل، أنشر سلسلة الرسائل»، بشأن اجتماع التاسع من حزيران. وأضاف: «أردت فقط أن أحصل على اتصال هاتفي، ولكن تعثّر ذلك، وقالوا لي إن المرأة ستكون في نيويورك وسألوني إذا ما كنت أود أن ألتقيها».وبعد أربعة أيام مليئة الرسائل البريدية، كتب الوسيط مقترحاً اجتماعاً في نيويورك يوم الخميس «مع محامي الحكومة الروسية»، وقد وافق ترامب الابن على ذلك، مضيفاً أنّ من المحتمل أن يحضر معه «بول مانافور (مدير حملة ترامب)، وصهره جارد كوشنر».صحيفة «نيويورك تايمز»، عقّبت أمس على نشر المراسلات، موضحة أن ترامب الابن قام بهذه الخطوة، بعدما أُخبر بأن الصحيفة ستنشر فحوى الرسائل الإلكترونية التي أعدّت للقائه مع المحامية الروسية. ولكنّ الـ«تايمز» لفتت إلى أن الرسائل لم تُنشر وفق التسلسل الزمني الصحيح، فقد نشر ترامب الابن الرسالة التي تتضمن الحديث عن معلومات تضرّ بكلينتون، وعن أنها تأتي كجزء من مساعدة الحكومة الروسية لوالده في آخر تغريدة، بينما أشارت «نيويورك تايمز» إلى أن هذه من أول الرسائل.
وأوضحت الصحيفة أن الرواية عن خلفية اجتماع التاسع من حزيران، تتضمّن أشخاصاً تعرّفت إليهم عائلة ترامب جراء أعمالها في موسكو. وأشارت إلى أن «التواصل الأولي عبر البريد الإلكتروني، جاء من قبل روب غولدستون، وهو مراسل بريطاني سابق كان قد عمل في مجال الدعاية والإعلان، والتقى ترامب الأب، خلال قيام مؤسسة هذا الأخير بأعمال في روسيا». فضلاً عن ذلك، ذكرت الصحيفة أن غولدستون أخبر ترامب الابن «في الرسالة المرسلة في الثالث من حزيران، بأنه يكتب له بالنيابة عن صديق مشترك، أي أحد نجوم البوب الروس إمين أغالاروف، وهو ابن أراس أغالاروف، قطب عقارات وُصف بأنه دونالد ترامب الروسي».
بحسب «نيويورك تايمز»، فإن «أغالاروف الأب يتفاخر بصلات مقرّبة مع الرئيس فلاديمير بوتين، وقد فازت شركته بعقود مهمّة، كذلك منحه بوتين أمر شرف الفيدرالية الروسية». وأضافت أن «أغالاروف كان قد انضم إلى ترامب الأب، في إطار الإعداد لمسابقة ملكة جمال الكون، التي أجريت في موسكو في عام 2013». «إمين اتصل بي وطلب مني التواصل معك بشأن أمر مهم جداً»، قال غولدستون في إحدى الرسائل، مضيفاً أنّ «وكيل النيابة في روسيا التقى بوالده أراس هذا الصباح، الذي عرض إعطاء حملة ترامب بعض الوثائق الرسمية ومعلومات قد تجرّم هيلاري وتعاملاتها مع روسيا، ويمكن أن تكون مفيدة لوالدك».
وفيما ذكرت «نيويورك تايمز» أنه «لا توجد صفة وكيل نيابة في روسيا، بل هي تستخدم في بريطانيا»، فقد أوضحت أن هذه الصفة في موسكو «هي النائب العام الروسي». ووفق الصحيفة، فإن «من يشغل هذا المنصب حالياً هو يوري ياكوفليفيتش شايكا، معيّن من قبل بوتين، ومعروف بأنه مقرّب من المحامية ناتاليا فيسيلنيتسكايا».إلا أن فيسيلنيتسكايا نفت في مقابلة مع شبكة «ان بي سي» أمس، أن تكون لها أي صلة بالكرملين، وشددت على أنها التقت بترامب الابن في عام 2016 لمناقشة العقوبات بين روسيا والولايات المتحدة، لا لإعطاء أي معلومات عن حملة كلينتون. وقالت: «لم أملك أي معلومات حساسة أو مضرّة بشأن كلينتون»، مضيفة أنّ «من المحتمل جداً أنهم كانوا يتوقون إلى معلومات كهذه... أرادوا ذلك بشدة لدرجة أنهم سمعوا فقط ما أرادوا الحصول عليه».في غضون ذلك، وفيما من المتوقع أن تشهد هذه القضية نقاشات كثيرة وانتقادات حادّة وجدالاً بشأن قانونية ما قام به ترامب الابن، بدأت مختلف الأطراف بإبداء ردود فعل. وقال النائب الديموقراطي عن كاليفورنيا أدام سكيف ــ وهو أعضاء لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس النواب ــ إن اللجنة «تملك معلومات بشأن التحقيق القائم حول التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، وهي أكثر بكثير ممّا نشر». من جهته، رأى السيناتور الديموقراطي تيم ماكين (المرشح السابق لمنصب نائب الرئيس) أن التحقيق يتحرّك إلى ما هو أبعد من «عرقلة العدالة»، مضيفاً أنه يتحرّك نحو «خيانة محتملة».المصفّق الوحيد لتغريدات ترامب الابن كان ترامب الأب، الذي أشاد بـ«الشفافية» التي أبداها ابنه البكر. وقال في تصريح قرأته متحدثة باسمه، إن «ابني شخص يتمتع بخصال عالية، وأنا أحيي شفافيته».
الأخبار
إضافة تعليق جديد