تحذير من الكلاب المدللة قبل الشاردة
كثيرون الذين استغربوا أن يتعرض حوالي الخمسين شخصا لأذيات مختلفة من كلب مسعور، انقض على المارة في شوارع دمشق، لأنه فعلا خبر غير مألوف، إذ كيف لكلب شارد أن يقتحم الشوارع المزدحمة بالسيارات والآليات والمشاة.. والخطورة في الحادث ليس التكلفة المرتفعة للمصول والأدوية والحقن التي يجب على المريض تناولها فقط، وإنما لأن أي إهمال أو تباطؤ في إسعاف المريض الى مراكز المعالجة قد تعرضه للموت، إذ من المفترض تنظيف الجروح بمواد مطهرة فورا، وإسعاف المصاب في أقل من 24 ساعة.
لكن هذا الاستغراب ربما يتلاشى عندما نطلع على الأرقام المتداولة عالميا حول عدد الكلاب الشاردة في شوارع المدن الكبرى، وفي الأرياف حيث يتراوح عددها بين 18 الى 20 مليوناً من الكلاب الشاردة والكلاب المسعورة منها تتسبب بإصابة 187 ألف شخص بالكلب. ولابد من الإشارة هنا الى أن مرض الكلب لاينتقل فقط عن طريق الكلاب الشاردة وانما يمكن ان ينتقل عن طريق الحيوانات المنزلية الأليفة التي قد تنتقل إليها العدوى والتي يقدر عددها بـ375 مليون حيوان أليف يربى في المنازل.
لقد نبهت منظمة الصحة العالمية، وعدد من المنظمات الدولية المتخصصة في العام الماضي إلى مخاطر تربية الحيوانات الأليفة، مؤكدة أنها تتسبب في موت 185 ألف شخص في العالم 85% من هذا العدد هم من الاطفال الذين تتراوح اعمارهم بين8 الى 16 عاما اضافة الى الهدر المالي الذي ينفق على تلك الحيوانات والمقدر بـ96 مليار دولار ينفقها العالم سنويا على هذه الحيوانات لتوفير الغذاء مع العلم ان المبلغ المشار إليه لا علاقة له بالنزيف الاقتصادي جراء تربية الحيوانات المنزلية الذي يصل الى 615 مليار دولار.
وإذا كنا هنا لا نطالب بمنع تربية الحيوانات الأليفة او القضاء كليا على الحيوانات الشاردة خوفا من «بريجيت باردو، وجمعيات الرفق بالحيوان» فإننا نشير الى ضرورة توفير الرعاية الصحية والبيطرية للقطط والكلاب والطيور التي تربى في المنزل لتجنب مخاطر عضها.
ان تلك الحيوانات هي خطر موقوت يمكن ان يداهم في اية لحظة، ولايمكن ان نحكم على كلب أليف او قطة أليفة، بأنها لايمكن أن تؤذي أحدا، وما يؤكد كلامنا، هو تعرض مدربي السيرك الذين يربون حيواناتهم، ويدربونهم على إطاعة أوامرهم، وفي لحظة ما، يغير الحيوان سلوكه الهادىء الى سلوك شرس.. كما يؤكد كلامنا ايضا تعرض ملكة بريطانيا البالغة من العمر ثمانين عاما لعضة من كلبها المدلل قبل أيام، وأعتقد بأنها لم تنه تناول الأدوية والجرعات المضادة «للتيتانوس» حتى تاريخه.
نعود مرة اخرى الى ما بدأنا الحديث به، وهو أن تعرض المواطنين لعض كلب مسعور داخل شوارع المدن المكتظة بالسيارات والآليات والناس، هو أمر وارد، لكننا نأمل بألا يتكرر مرة اخرى، وأن تتخذ إجراءات وقائية للحد من أعداد الكلاب الشاردة التي تنشط ليلا في شوارع الأحياء المحيطة بمدننا، للتفتيش عن غذائها في حاويات القمامة.. كما نأمل ان يحرص بعض الذين يرافقون كلابهم للتجوال في الشوارع والأماكن العامة ان يكموا أفواه كلابهم المدللة بشكل يجعلها عاجزة عن العض، وان يتعرض المخالفون الى عقوبات رادعة من قبل الاجهزة التابعة لوزارة الداخلية وان تتضاعف تلك العقوبات اذا كان الكلب غير خاضع للرقابة البيطرية، لأنه وكما قلنا فإن الحيوان الوديع لايمكن ان يستمر في المحافظة على سلوكه المعتاد ويمكن ان يطال صاحبه بالأذى، فما بالك إذا كان وسط ضجيج الشوارع المكتظة.
محي الدين المحمد
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد