بيت حانون: قتل ودمار والفصائل تهدد بإعدام شاليط
واصل امس الجيش الاسرائيلي هجومه الدموي على منطقة بيت حانون شمال قطاع غزة لليوم الرابع على التوالي، وامر رئيس الاركان الاسرائيلي دان حالوتس بمواصلة العملية بدعوى التفتيش عن مخازن اسلحة وورش تصنيع الصواريخ واستفزاز المقاتلين الفلسطينيين لدفعهم الى مواجهات مع وحدات الجيش المختارة واسلحتها المختلفة، في العملية المسماة "غيوم الخريف". وسقط في اليوم الرابع ستة فلسطينيين في وقت لا تزال الدبابات تحاصر البلدة وتنادي بواسطة مكبرات للصوت السكان والشباب خصوصا الى التجمع في المدارس.
ولخصت وكالة الامم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم "الاونروا" الوضع الذي يعيشه سكان بيت حانون بأنه "موت ودمار ويأس".
ونقل موقع صحيفة "معاريف" الاسرائيلية الالكتروني عن جنرال اسرائيلي في قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية في تعليقه على عمليات الجيش في بيت حانون: "اننا نخلع القفازات في محاربتهم في اطار عملية لم يسبق لها مثيل في قطاع غزة منذ عملية ايام الندم". واكد ان الجيش الاسرائيلي " تمكن من تصفية سبع خلايا لاطلاق الصواريخ وقتل 35 مقاتلا فلسطينيا وجرح 100 آخرين وضبط مخزنين للصواريخ والادوات القتالية". واضاف: "ان رئيس الاركان الاسرائيلي (الجنرال دان حالوتس) زار الجمعة الجنود في بيت حانون وامتدح قائد العملية الكولونيل تشيكو تمير ، وقائد كتيبة جفعاتي يوئال ستريك"، واشار الى ان "الجيش منشغل الان بالبحث عن مخازن الصواريخ في بيت حانون ومختبرات التصنيع وجرّ المقاتلين الفلسطينيين واستفزازهم للمواجهة". وختم: "نريد ان نظهر لهم الثمن الذي يدفعونه في مقابل مواصلتهم اطلاق الصواريخ، والجنود يحاولون ايصال رسالة الى الفلسطينيين تفيد بانه لا يوجد مكان لا يستطيع الجيش الاسرائيلي الوصول اليه في قطاع غزة"، لافتا الى ان "جميع التقديرات العسكرية تشير الى ضرورة مواصلة تكثيف الهجوم ".
وكشفت مصادر اسرائيلية ان"الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية (امان) قدّمت الى رئيس الاركان تقدير موقف للمعارك جاء فيه انها "توصي بتكثيف المزيد من العمليات الهجومية على القطاع حتى تحقيق اهدافها كاملة من دون توقف".
وامر حالوتس قائد العملية وقائد كتيبة "جفعاتي" بمواصلة الهجوم وتكثيفه، وهو ما جرى فعلا في الساعات الماضية برا وجوا.
وارتفعت حصيلة ضحايا العملية الاسرائيلية منذ اربعة ايام الى 42 قتيلا واكثر من 200 جريح بينهم 30 اصابتهم خطيرة. ومن بين الذين قتلوا امس رائد حلمي صيام ( 22 سنة) ، ومسؤول وحدة تصنيع الصواريخ في حركة المقاومة الاسلامية "حماس" لؤي البورنو بصاروخ طائرة حربية اسرائيلية على سيارة كان يستقلها، وابرهيم البسيوني ( 19 سنة) في قصف تعرض له تجمع للمواطنين في منطقة عزبة عبد ربه.
وتمكنت طواقم طبية صباحا من انتشال جثمان مروان أبو هربيد ( 46 سنة) من تحت انقاض منزله الذي دمره الجيش الاسرائيلي فوق رؤوس اصحابه، فأصيب فيه كل من أنور وشعبان وموفق وامجد وعماد وادهم أبو هربيد.
وفي المقابل، اكد ناطق اسرائيلي ان جندياً اسرائيلياً اصيب بجروح خطيرة خلال تبادل لاطلاق النار مع فلسطينيين في بيت حانون شمال قطاع غزة.
وقال مدير "الاونروا" في غزة جون جينغ خلال مؤتمر صحافي ان "الموت والدمار واليأس هي الكلمات التي يمكن استخدامها لوصف الوضع (...) حاليا يعيش 40 الف شخص في بيت حانون معاناة كبيرة جدا". واضاف اثر زيارة لبيت حانون التي اغلقها الجيش بالكامل ومنع مرور الصحافيين ان "الوضع ميؤوس منه بسبب النقص في الغذاء والماء، والدمار الشامل (...) الناس يعيشون في الخوف". ونقل ان "السكان يشتكون بمرارة لانهم يقولون انهم مدنيون ابرياء تتم معاقبتهم".
وحين طلب منه الصحافيون وصف الوضع في البلدة قال: "ان الطرقات مليئة بالحفر والمباني متضررة والناس قابعون في مساكنهم، وليس في مقدرونا ويا للاسف مساعدتهم الا بالقليل".
وطالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس مجلس الامن بالتحرك العاجل لمناقشة الوضع الخطير في قطاع غزة نتيجة الاعتداءات الاسرائيلية ومقتل اكثر من 42 فلسطينيا بينهم الكثير من الاطفال والنساء. وجاء طلب عباس في رسالة عاجلة بعث بها الى رئيس مجلس الامن لهذا الشهر خورخي فوتو - بيرنالس. كما اتصل بالامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى للغاية ذاتها.
وكان الناطق الرسمي باسم السلطة الفلسطينية نبيل ابو ردينة قال ان الرئيس عباس بدأ مشاورات للتحرك في مجلس الامن "لوقف العدوان الاسرائيلي السافر على الشعب الفلسطيني في غزة". واتهم اسرائيل بالعمل "من خلال التصعيد العسكري" على "التأثير على نتيجة الجهود الفلسطينية الداخلية المبذولة لايجاد مخرج للازمة الداخلية سواء على صعيد تأليف حكومة فلسطينية جديدة او على صعيد المعتقلين".
وكانت الولايات المتحدة اعربت ليل اول من امس "عن اسفها " لموت الابرياء في اطار عمليات الجيش الاسرائيلي في غزة، لكنها حملت الفلسطينيين مسؤولية استمرار العنف واطلاق الصواريخ التي تؤجج المواجهات.
وقال الناطق باسم الادارة الاميركية شون ماكورماك: "هذه تراجيديا حقيقية ان يقتل ابرياء لان احدا لا يمكن ان يعيدهم الى الحياة ". واضاف: "ولكن تعالوا نذكر ان الوضع جاء بسبب اناس ارهابيين يواصلون اطلاق صواريخ في اتجاه اسرائيل وان اسرائيل تدافع عن نفسها ".
اما الامين العام للامم المتحدة كوفي انان فاعتبر "ان القيام بعمليات عسكرية داخل مناطق مكتظة بالسكان ستسقط ضحايا ابرياء وسط السكان". وطالب اسرائيل بضبط النفس والفلسطينيين بوقف اطلاق الصواريخ على الاهداف المدنية الاسرائيلية.
وعلى مستوى ردود الفعل الداخلية، عم الاضراب التام جميع مدن الضفة الغربية وقطاع غزة وجابت مسيرات جماهيرية المدن الفلسطينية منددة بـ"العدوان الاسرائيلي على غزة وبالصمت الدولي والعربي حيال ما ترتكبه اسرائيل من مجازر ضد الفلسطينيين العزل ".
وتوعدت فصائل فلسطينية مقاومة بـ"قتل الجندي الاسرائيلي الاسير جلعاد شاليت، ومعاودة العمليات الانتحارية داخل المدن الاسرائيلية". وامهلت ثلاثة اجنحة عسكرية تابعة لفصائل المقاومة الفلسطينية، اسرائيل 48 ساعة لوقف عدوانها على بيت حانون، مهددة بمعاودة العمليات التفجيرية داخل اسرائيل.
وقالت "لجان المقاومة الشعبية" و"كتائب الشهيد احمد أبو الريش" و"المجلس العسكري الاعلى التابع لشهداء الأقصى" في مؤتمر صحافي مشترك في غزة امس "إن عملية الاحتلال العسكرية في بيت حانون ستبوء بالفشل ولن تجدي نفعا ولن تمنع اطلاق الصواريخ". وشددت على ان" الحل العسكري لن يعيد الجندي الأسير في غزة إلى اهله سالماً"، مضيفة أن "على سلطات الاحتلال اذا أرادت استرجاع هذا الجندي ان تخضع لمطالب المقاومة".
وحذر وزير الخارجية الفلسطيني محمود الزهار من ان "العدوان الإسرائيلي قد يستهدف حياة الجندي الإسرائيلي الاسير لانهم يقصفون أماكن معينة قد تستهدف (موقعا يوجد فيه) الجندي". وقال: "قد يخسرون الجندي وقتلى إسرائيليين أو أسرى آخرين إذا حاولوا الدخول إلى هذا الموقع عندما تصلهم أية معلومات استخبارية، وسنحصل بذلك على أسرى جدد".
وفي موازاة الهجوم الاسرائيلي، افادت مصادر طبية فلسطينية وشهود ان خمسة مواطنين فلسطينيين قتلوا خلال شجار واشتباكات مسلحة وقعت بين عائلتي ابة طه والمصري في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
في القاهرة، قال وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط ان مصر تعبر عن "استيائها البالغ من العملية التي أطلقت عليها إسرائيل غيوم الخريف". وندد "بالاستخدام المفرط للقوة، وعدم مراعاة المدنيين الامر الذي يؤدي الى تولد المزيد من اليأس لدى الفلسطينيين". وطالب اسرائيل "بالوقف الفوري للعمليات الحالية في بلدة بيت حانون وكل مناطق قطاع غزة والاراضي الفلسطينية". وناشد "جميع الفصائل والقوى الفلسطينية وقف إطلاق الصواريخ ".
وحذرت الحكومة المغربية في بيان لوزارة الخارجية من التصعيد في الاراضي الفلسطينية، وكررت "تضامنها التام مع الشعب الفلسطيني الشقيق ومع قيادته ممثلة برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس".
المصدر: النهار
إضافة تعليق جديد