بالورقة والقلم والواقع.. هكذا تصرف الحكومة المليارات!
بكل تأكيد .. وقياسا إلى حجم الدمار و الإحتياجات الكبيرة التي خلقتها الحرب الى جانب النقص الحاد في الموارد التي باتت تحتاج الى إنفاق كبير وتراكمي لإعادتها .. فإن أي انجاز وأية أرقام تُذكر عن مشاريع كبيرة وصغيرة سواء كانت خدمية وتنموية واقتصادية نفذتها الدولة ستبدو نسبية وبذلك أي انجاز سيبدو نسبياً أيضا .
في المشهد السوري ومنذ ثلاث سنوات نلاحظ تبايناً بين نسب وحجوم الانجاز بين قطاع وآخر .. ولكن ثمة أرقام مهمة قد تبدو مؤشراً للطريق الذي تسلكه الدولة باتجاه إستعادة بيئة العمل والخدمات وتبعا لذلك تحسين الخدمات على اختلافها الأمر الذي سيمكن الدولة من ترميم ما خربته الحرب دون انتظار قد لايبدو في مصلحة لا الدولة ولا المواطن ؟
تشير المعطيات الى أنه وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية تم تنفيذ مشاريع يبلغ عددها 931 مشروعا بكلفة 150 مليار ليرة هذا ولم نتحدث عن الأموال التي صرفتها وتصرفها الحكومة لاصلاح قطاع النفط والكهرباء وهي بمئات المليارات , أيضا لم نتحدث عن الأموال المخصصة لبرنامج اعادة الإعماروبناء وصيانة وحتى إصلاح السدود هناك أكثر من 150 مليار ليرة صرفت على تحسين واقع المياه في سورية .
ما نود التركيز عليه في هذه السطور هي خطة الإنفاق التي اتبعتها الحكومة منذ ثلاث سنوات موجهة اهتمامها نحو النهوض بمستوى الخدمات في مختلف المناطق مع إعطاء أولوية للمناطق المحررة .. ورغم أن هناك مشاريع كبيرة بين المشاريع المنفذة التي هي في طور التنفيذ وتتعلق بطرق ومشافي ومحطات تحويل الى جانب صيانة وإعادة إقلاع العديد من المعامل الكبرى في القطاع العام , فإن المشاريع إنما تعبر عن تمكين المناطق المحررة وحتى تلك الآمنة من استعادة بناها التحتية و الخدمية من مدارس وشبكات كهرباء ومياه وصرف صحي وهاتف و مخافر وبلديات بل أكثر من ذلك هناك مشاريع تم اعتمادها وتنفيذها لتخديم عملية التنمية خاصة في المناطق المحررة ما سيساعد في خلق دوران لحركة راس المال وتوليد فرص العمل ..
لم يكن أمام الحكومة إلا العمل على مواجهة ظروف المناطق على اختلافها وخاصة تلك المحررة والبدء بعملية تحريك حقيقية للحياة فيها عبر مدرسة وكهرباء وبلدية ومستوصف وهاتف بالتوازي مع البدء بخلق مشاريع تنموية أو التشجيع على الانتاج الحرفي والزراعي وكل ذلك ليس إلا تفاصيل تقوم عليها سياسة الحكومة المعلنة بدعم الانتاج الذي تكمله في حلقات أخرى عبر دعم واسع للصناعة ما تسبب في إعهادة عشرات الآلاف من المصانع والمعامل والورش للعمل وحيث يؤوم المدن والمناطق الصناعيةيوميا مئات الآلاف من العمال على امتداد سورية .
لايمكن وصف الارقام التي وضعت في هذا الطريق قليلة ولكنها هي بكل تأكيد أقل من أن تظهر بذلك الوضوح على المستوى الكلي فالبلاد تحتاج الى مليارات الدولارات لإعادة إعمارها .. على أنّ اللافت في الأمر ربما هو قيام الحكومة باختيار الجانب التنموي بما يتيح خلق تراكمي ومتنامي لفرص العمل وتحقيق دوران متوازن لرأس المال وتنميته خاصة وأنّ الحكومة أعلنت عن 850 مليار ليرة كأموال جاهزة للإقراض من المصارف العامة . وهذا سيساعد في امتلاك فرص مستقبلة حقيقية لقيادة عملية إعادة الاعمار؟
يشير تقرير اقتصادي صادر عن اتحاد غرف التجارة السورية أن الاقتصاد السوري يمكن أن يساهم ب 40 % من عملية اعادة الاعمار دون الحاجة إلى الاقتراض من الخارج كما أن اقطاع الخاص في سورية سينمو في العامين القادمين ليساهم ب 70% من الناتج المحلي وهذا بفضل سياسة الحكومة المعتمدة على تطوير ودعم الانتاج .
إذاً اعتمدت سياسة الحكومة على تقوية البنية الانتاجية مؤمنة أن ذلك هو السبيل للنهوض بمعيشة الناس ومستوى دخلهم وإن كانت ظروف الحصار قد منعت البلاد من قطف الثمار كما يجب وحيث اضطرت الحكومة الى توجيه الجزء الأكبر من امكانيات الدولة نحو أولويات الجيش و المشتقات النفطية و القمح و الدواء التي تستأثر شهريا بمبلغ كبير قياساً الى ظروف البلد يقدر ب 350 مليون دولار شهريا .
هكذا تصرف الحكومة الأموال وبالورقة والقلم بعد أن اختارت سلوك طريق الانتاج والتنمية الطويل والصعب ولكنه طريق لا بد ان يثمر فهذا افضل من اللجوء الى الانتظار و الارتهان الى شماعة الحرب بانتظار اعادة الاعمار ان تبدأ
وفي كل ذلك فإنّ الأمور بالمجمل تبدو مرتبطة بمتغيرات الظروف السياسية و العسكرية التي يمكن أن تحرف الساسيات المتبعة في البلاد وحتى ذلك الوقت تستمر الحكومة في مقاومة الحصار من جهة وترتيب أولويات البلد والنهوض بالسياسة الانتاجية وتطويرها في كافة جبهاتها .. فالانتاج هو الذي يقوي ويحمي ويُحصن المجتمعات والدول ويحميها .
هامش : تتوفر لدى رئاسة مجلس الوزراء أرقام دقيقية وتفصيلية للمشاريع التي قامت بها الحكومة مع توفير معلومات عن المشاريع التي أنجزت من تلك التي في طور الانجاز والسيد رئيس مجلس الوزراء تطرق الى العديد من المشاريع التي قامت بها الحكومة وبالارقام والمعطيات .
الاقتصاد اليوم
إضافة تعليق جديد