اليمن: سباق بين التسوية والحرب والحوثيون يتقدمون في صنعاء
في سباق محموم بين جبهات القتال، وبين مفاوضات متعثرة لم تفض حتى ليل أمس إلى اتفاق تسوية يجنب البلاد الانزلاق نحو حرب واسعة، عاشت العاصمة صنعاء أمس، يوماً عنيفاً شهد معارك ضارية بين جماعة الحوثيين من جهة، ومسلحي حزب «التجمع اليمني للإصلاح» والجيش اليمني من جهة أخرى، أوقعت ما يزيد عن مئة قتيل، واتسمت بتقدم الحوثيين في حي استراتيجي يفتح الطريق إلى العاصمة، ونزوح مئات العائلات منها خوفاً من توسع رقعة المواجهات.
وعلى خط مواز للمعارك، تضاربت الأنباء ليلاً حول إمكانية التوصل إلى اتفاق قريب، ليستبعد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر حصول أي اتفاق، بالرغم من «التوصل إلى تفاهم حول نقاط أساسية».
وكان بن عمر قام بجولة محادثات مع زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي في صعدة استمرت ثلاثة أيام. وفيما برزت بعض المؤشرات ليلاً إلى احتمال التوصل إلى تسوية، أبدى بن عمر حذره حيال التوصل إلى اتفاق وشيك لوقف النار.
وقال بن عمر للصحافيين على متن الطائرة التي أقلته من صعدة «حاولت تضييق الفجوة بين الطرفين، واتفقنا على عدد من النقاط التي يمكن استخدامها كأساس للاتفاق»، داعياً إلى «وقف فوري للمواجهات في صنعاء، وأن يتصرف الجميع بمسؤولية من أجل صالح اليمن».
وأوضح بن عمر أنه «حاولنا جسر الهوة بين مختلف الاطراف، واتفقنا على مجموعة نقاط تؤسس لاتفاق بين الاطراف المعنية ليكون مبنياً على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني»، مشيراً إلى أنه «بعد انتهاء المحادثات في وقت متأخر من ليل الخميس، وجدت أن الوضع في صنعاء تدهور، ويؤسفني جداً وقوع هذه التطورات واستخدام السلاح في وقت نحاول اقصى جهدنا التوصل الى حل سلمي للازمة».
كما أبدى أحد المقربين من الحوثي حذراً مماثلاً، مؤكداً أنه «حل 98 في المئة من المشاكل». وأكد مصدر مسؤول في حركة «أنصار الله» في بيان أن الحركة «كجزء من الثوار، متفهمة لما طرحه بن عمر خلال المباحثات، وستتعاطى بإيجابية مع أي رؤية إيجابية من شأنها أن توصل إلى حل وتحقق مطالب الشعب»، معتبراً أن «هناك أملا في الخروج إلى حل».
وكان مفاوضون يشاركون في الوساطة أعلنوا في وقت سابق موافقة الجماعة «على وقف المعارك». وقال أحد المفاوضين للصحافيين المتواجدين في صعدة إن الحوثي «عين اثنين من معاونيه لتوقيع الاتفاق في صنعاء في الساعات التالية أو غداً (السبت)».
ويشترط الحوثيون لوقف القتال، رحيل الحكومة التي يتهمونها بالفساد، والمشاركة في قرار تعيين الوزراء في حكومة كفاءات، وتأمين منفذ لهم على البحر.
وفي الوقائع الميدانية، وبعد الاشتباكات العنيفة التي دارت أمس الأول على المشارف الشمالية للعاصمة، ثبت الحوثيون تقدمهم أمس، من خلال شقهم الطريق إلى داخل صنعاء، متخطين حي شملان في ضواحي العاصمة، وتقدموا باتجاه شارع الثلاثين، وهو طريق رئيسي يؤدي إلى الطرف الغربي من المدينة.
وقالت مصادر أمنية وشهود عيان أن القتال اقترب أمس أكثر فأكثر من المقر الخاص للرئيس عبد ربه منصور هادي على الطرف الشمالي من شارع الستين، وهو أحد الطرق الرئيسية في العاصمة، الذي يبدأ عند المطار في الشمال، ويمتد على طول الطريق إلى القصر الرئاسي إلى الجنوب. كما دارت معارك عنيفة في حي «مصباح»، حيث منزل اللواء علي محسن الأحمر، قائد الفرقة الأولى مدرع في الجيش اليمني، ومستشار الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، والمقرب من الإسلاميين.
واعتبر الرئيس اليمني، خلال لقائه أمس سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية، «أن هناك محاولات تصعيدية وانقلابية تقوم بها بعض القوى لإسقاط الدولة، وهو ما اتضح جلياً من خلال التصعيد الأخير».
وقالت المصادر إن مسلحي الحوثيين استولوا على بعض نقاط الجيش ونقاط التفتيش الأمنية في شارع الستين وحي شملان من دون أي مقاومة تذكر من الجيش اليمني، مشيرين إلى أن الحوثيين قاموا بدوريات في الشوارع، التي خلت من أي عناصر أمنية حكومية. كما أكد شهود أن الطيران الحربي اليمني قصف موقعين للحوثيين في شمال صنعاء.
وأسفرت المعارك التي دارت منذ ليل أمس الأول عن سقوط 120 قتيلاً على الأقل، معظمهم من المسلحين، بحسب ما أفادت به وكالة «أسوشييتد برس» نقلاً عن مصادر طبية. كما تحدث شهود عيان عن عشرات الجثث الملقاة على الأرض في مناطق المواجهات.
إلى ذلك، تعرض مبنى «قناة اليمن» التلفزيونية في صنعاء لقصف مستمر منذ مساء أمس الأول، ما أدى إلى توقف الشبكات الثلاث للتلفزيون اليمني عن البث، بحسب ما أعلن مسؤول إعلامي يمني. كما انقطعت خدمات الإنترنت والهاتف المحمول في العاصمة نتيجة المعارك، فيما فر مئات السكان من العاصمة ومشارفها حيث يدور القتال، واتجهوا إلى الجنوب.
إلى ذلك، أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني في اليمن أن شركات الطيران «علقت رحلاتها إلى مطار صنعاء بسبب المواجهات»، مضيفة أن «هذا الإجراء الذي دخل حيز التنفيذ خلال الليل (ليل أمس الأول) سيستمر لمدة 24 ساعة على الأقل».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد