المغامرة العجيبة لجان بيار دوتيون: كيف صار رجل الأعمال مراسلاً من دمشق
في الآونة الأخيرة، أثار اسم جان بيار دوتيون جدلاً واسعاً في الصحافة الغربية. المغترب الفرنسي المقيم في دمشق منذ ست سنوات، تحول في السنة الماضية من رجل أعمال إلى «مراسل صحافي»، لصالح عدد من الصحف والقنوات الأجنبية، ناقلاً مشاهداته من حيث يقطن في وسط دمشق. انتقل الشاب الثلاثيني إلى سوريا العام 2006 حيث عمل في التجارة، ومن ثمّ انشأ مع شريكين سوريين حانة في دمشق القديمة. لكن القصة بدأت مع بدء الأزمة في سوريا، حين استغلت بعض المحطات والصحف الغربية إقامته في الشام، ومعرفته لتفاصيل الحياة في المدينة، لتحولّه من شاهد عيان إلى «مستشار إعلامي» كما أسماه عددٌ من القنوات الفرنسية.
في حزيران من العام 2012، أجرت «لو فيغارو» الفرنسية مقابلة مع دوتيون كـ «تاجر فرنسي رفض مغادرة دمشق والعودة إلى بلاده، بعد اندلاع الازمة في سوريا». في ما بعد، نصحه الصحافي الذي أجرى معه المقابلة أن ينشط على «تويتر»، وأن يكثّف نقل مشاهداته وتفاعله على الموقع. حينها بدأ عمله كمراسل لصحيفة «ريبابليكا» الايطالية، ثمّ إلى «باري ماتش» التي وصفت دوتيون «بالبديل الوحيد الذي يتمتع بالمصداقية في وسط بروباغندا طرفي المواجهة في سوريا». والآن، بات دوتيون يراسل «بي بي سي» ـ وكانت أول من أطلق عليه صفة «صحافي» ـ تلتها «سكاي نيوز»، راديو كندا وغيرها.
نال دوتيون شهرة سريعة في الصحف الفرنسيّة. وبعد «لو فيغارو»، توالى نشر مقالاته وتقاريره في «لو باريزيان»، و«فرانس 24»، و«هافينغتون بوست»، و«باري ماتش». لم تفهم الصحافة الفرنسية بعد «كيف لشاب فرنسي أن يتمسك إلى هذا الحد بالبقاء في سوريا على الرغم من كل شيء، معرضاً حياته للخطر». وحول هذا الموضوع كتب دوتيون على تويتر: «إذا كان حبّ بلدٍ وفعل كل شيء للبقاء فيه بهدف نقل معاناة الناس هو أمرٌ غريب، إذاً نعم، أنا غريب».
تعرّض دوتيون لانتقادات عدة طالت عمله مع محطات أجنبية، أتى بعضها من إعلاميين. شكّك بعضهم على مواقع التواصل بمصداقية الشاب الفرنسي، معتبرين أن إقامته في دمشق لا تمنحه صلاحية الحديث عن أوضاع البلاد طالما أنه ليس صحافياً ولا سورياً. سياسياً، انتفض المتحدث باسم الجيش الحر فهد المصري على قناة «أر أم سي» الفرنسية ذات مرة، حين واجهه دوتيون بواقع «القاعدة الشعبية» للرئيس السوري بشار الأسد. حينها، اتهم المصري المراسل الفرنسي بدعمه للأسد. فأجابه جان بيار: «أنا أتحدث عن الواقع، وهذا ما أراه في الأحياء الواقعة تحت سيطرة النظام في دمشق».
ولا تزال مسيرة رجل الأعمال الفرنسي قيد التحولات. فخلال سنة واحدة انقلب من شاهد عيان ينقل ظروف المعيشة الصعبة في عاصمة الأمويين، وأصوات رصاص المدفعية البعيد نسبياً، الى مراسل ميداني يتنقل بين أماكن المواجهات العنيفة. وفي ردٍ على مقال نشره موقع rue89 عنه، اعتبر دوتيون أنّ المقال يصوره كأنّه «مراسل صالونات» أو كأنه يعمل من منزله، في حين أنّه «عرّض حياته للخطر عدة مرات أثناء عمله». ويصف دوتيون في رده عودته ليلاً من مدينة طرطوس الى الشام ومروره بأوتوستراد حرستا الذي اشتهر بوجود القناصين، وذلك في إطار عمله مع برنامج «تحقيق حصري» الذي سيعرض بعد أسابيع على قناة «أم 6» الفرنسية، كما يذكّر بذهابه إلى مدينة حمص وتلكلخ عدة مرات كذلك إلى حلب أثناء المواجهات العنيفة، فضلاً عن وجوده في أماكن التفجيرات التي وقعت في دمشق. ويختم دوتيون رده بالقول: «لقد اخترت أن أخاطر بعكس الكثير من السوريين الذين لم يمتلكوا الاختيار والذين يواجهون مواقف مأساوية مرغمين. هؤلاء هم الأبطال الحقيقيون، الذين يحاولون الصمود في بلادٍ تنهار».
جوي سليم
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد