القوات البريطانية بالعراق بين نيران المسلحين وشبح الهزيمة
تواجه القوات البريطانية في البصرة جنوبي العراق وضعا صعبا حيث أصبحت شبه محاصرة في القاعدة الجوية للمدينة بعد أن انسحبت من قواعد أخرى، فباتت في الآونة الأخيرة عرضة لهجمات مكثفة جعلت البعض يتحدث عن هزيمة أو انسحاب وشيك لتلك القوات.
وتفيد بعض الإحصائيات بأن القوات البريطانية في البصرة البالغ عديدها نحو 5500 جندي والمتمركزة أساسا في قاعدة مطار البصرة الدولي تعرضت خلال الشهرين الماضيين لأكثر من 300 هجوم، في حين لم تستهدف تلك القاعدة إلا 45 مرة خلال السنوات الثلاث التي تلت غزو العراق عام 2003.
وحسب مجموعة من التقارير التي نشرتها اليوم صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية فإن الجنود البريطانيين المتمركزين في تلك القاعدة يعيشون تحت وطأة الإرهاق الشديد والضغوط في كل لحظة وأن أجواء غريبة تسود في المكان بحيث أن الجميع يريد أن يغادره.
وأشار قادة كبار بالجيش البريطاني إلى أن تمركز القوات البريطانية في قاعدة المطار سهل على المسلحين استهدافهم. وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن 41 جنديا بريطانيا قتلوا وأصيب 50 آخرون بجروح خطرة منذ مطلع العام الجاري إلى غاية منتصف الشهر الماضي، وهي نسبة تعتبر الأعلى منذ غزو العراق، في حين قتل 53 جنديا بريطانيا خلال عام 2003.
وقد حذر قادة عسكريون بريطانيون رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون من أن تأخير انسحاب قوات بلاده من العراق سيؤدي لارتفاع القتلى في صفوفها.
ويتخوف بعض القادة العسكريين البريطانيين من أن يستجيب براون لطلب الرئيس الأميركي بتأجيل اتخاذ قرار سحب القوات البريطانية إلى حين تقديم قائد القوات الأميركية بالعراق الجنرال ديفد بيتراوس تقريره حول تطور الأوضاع في العراق إلى الكونغرس في منتصف الشهر المقبل.
وأمام تلك التطورات بدأ البعض يتحدث عن كون البريطانيين خسروا المعركة في جنوبي العراق. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأسبوع الماضي عن ضابط كبير بالمخابرات الأميركية بالعراق قوله إن البريطانيين انهزموا في جنوبي العراق.
ونقلت "صنداي تايمز" عن أحد الضباط البريطانيين إقراره بارتكاب أخطاء في العراق منها تقليص عديد القوات البريطانية وسوء توزيعها مما أنتج فراغا شجع المليشيات على التنافس من أجل السيطرة على المدينة وعلى حقول النفط بالمنطقة.
وقد انسحبت القوات البريطانية من ثلاث من بين أربع محافظات في الجنوب كانت تسيطر عليها ولم تبق لبريطانيا قوات إلا في البصرة. وكانت الحكومة البريطانية قد أعلنت في فبراير/شباط الماضي أنها ستخفض عدد قواتها على مدى العام الجاري.
وتقول وزارة الدفاع البريطانية إن الهجمات المكثفة التي تتعرض لها القوات البريطانية في البصرة جزء من مناورات الأطراف المحلية المتصارعة على السلطة والتي تسعى إلى أن تتبنى عملية إخراج القوات البريطانية من المدينة واستثمار نتائجها السياسية.
وتفيد التقارير بأن الصراع على السيطرة على البصرة يجري بين أنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر وجيش المهدي التابع له، وبين المجلس الأعلى الإسلامي بالعراق ومليشيات بدر التابعة له، وبين أنصار حزب الفضيلة الذي انفصل عن التيار الصدري.
وخلص بعض تلك التقارير إلى أن هناك إحساسا متزايدا لدى القوات البريطانية بأن العدو الذي تواجهه عمليا في الجنوب هو إيران. ورصدت التقارير مدى تزايد قدرات جيش المهدي خلال العامين الماضيين، وعزت ذلك إلى كونه يتلقى دعما من وحدة القدس بحرس الثورة الإيراني.
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد