العراق: آلاف المسيحيين ينتظرون رد فرنسا للمغادرة
طلب آلاف المسيحيين العراقيين اللجوء إلى فرنسا بعدما أعلنت باريس إعطاء الأولوية لاستقبال الأقليات المضطهدة من تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"-"داعش"، الذي استولى على مناطق يقطنها عدد كبير من المسيحيين، غير أن الطريق للخروج من العراق قد يكون طويلا.
وقد لجأ قسم كبير من هؤلاء النازحين إلى كردستان العراق، حيث أقاموا في ظروف بائسة، في مخيمات أو مدارس. ولم تعد العودة إلى ديارهم تخطر على بالهم، على غرار سالم اللاجئ في إحدى مدارس اربيل، والمتحدر من قرية قوش، الذي قال: "لا أريد العودة إليها، بل أريد الرحيل إلى أوروبا"، متأملا أن يمر عبر الأردن "في انتظار أن تجد له الأمم المتحدة مكانا آخر".
وقدم آلاف آخرون طلبات لجوء إلى فرنسا، حيث تتوالى المقابلات مع طالبي اللجوء في القنصلية الفرنسية في اربيل. لكن يستحيل معرفة كم من الملفات ستتم معالجتها ولا على أساس أي معايير، فالقنصل أو مستشاروه ليس لديهم متسع من الوقت للرد على الأسئلة.
وأفاد لاجئون بأن مقاتلي التنظيم المتطرف أجبروا المسيحيين على الخيار بين اعتناق الإسلام أو دفع الجزية أو هددوهم بقتل عائلاتهم. وأمام هذا الوضع، أعلنت الحكومة الفرنسية، في تموز الماضي، عزمها على تشجيع استقبال الأقليات المضطهدة.
وقدرت "جمعية مساعدة الأقليات في الشرق" أن حوالي عشرة آلاف مسيحي عراقي قدموا طلباتهم إلى القنصلية الفرنسية في اربيل، منذ بدء هجوم تنظيم "الدولة الإسلامية" على العراق، غير أنها أكدت ان فرنسا استقبلت حوالي خمسين لاجئا فقط، طالبة، خلال مؤتمر صحافي في مجلس الشيوخ، تسريع العملية.
بدورها، شككت بعض الجمعيات في رغبة الحكومة الفرنسية في استضافة هؤلاء النازحين. وعبرت المسؤولة عن برامج اللجوء في "الجمعية المسيحية لمكافحة التعذيب" ايف شهشهاني عن خشيتها من "مفعول الإعلان"، مضيفة: "إننا سعداء للأربعين شخصا الذين استقبلوا أمام الكاميرات قبل بضعة أسابيع، من قبل وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس، لكن لم نر منذ ذلك الحين كثيرين آخرين".
واعتبر فرج بونوا كامورا، من منظمة "الإخوة" غير الحكومية في العراق، أن فرنسا لن تتمكن من "استقبال عشرة آلاف لاجئ". وبعد أن أشار إلى "أن عشرات آلاف العائلات غادرت منازلها"، دعا إلى "تكثيف المساعدة الإنسانية، لكي يتمكن هؤلاء الأشخاص من العودة إلى قراهم قبل الشتاء".
من جهة أخرى، فان مسألة إبعاد المسيحيين تبقى موضوعا حساسا. وبالرغم من دعوة العديد من الجمعيات والسياسيين الفرنسيين، في اليسار أو المعارضة، إلى مساعدة الأقليات المسيحية، فان تصور العراق خاليا من مسيحييه أمر مثير للقلق، لا سيما وأن عدد العراقيين المسيحيين تراجع بشكل كبير منذ الاجتياح الأميركي في العام 2003 وأعمال العنف الدموية التي تلت الغزو.
من جهتهم، عبر مسؤولون في جمعيات خيرية عن مخاوفهم من أن يخدم إخلاء البلاد من المسيحيين مصلحة "الجهاديين" الذين يقومون بعملية "تطهير إثني وديني" في المناطق التي يستولون عليها، بحسب الأمم المتحدة. وفي آب الماضي، أكد وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف رغبة فرنسا أولا بالعمل من اجل أن تتمكن الأقليات من مواصلة العيش في العراق.
(أ ف ب)
إضافة تعليق جديد