الطب النفسي في سوريا
لماذا لم يحظ الطب النفسي في بلدنا بما حظيت به الاختصاصات الطبية الأخرى من اهتمام ورعاية وتطور !!؟؟
هل يصدق احد أن أياً من كليات الطب في الجامعات السورية لا يشتمل على قسم تخصصي بالأمراض النفسية ؟
رئيس رابطة الاطباء النفسانيين : نظرة المجتمع وعدم مواكبة الطب النفسي للتطور أسوة بالتخصصات الاخرى، وحال وسمعة مشفيي الامراض العقلية وراء تخوف الناس من مراجعة الطب النفسي.
57 بالمئة من المرضى المصابين بانفصام الشخصية يحصلون على نتيجة باهرة في الشفاء فيما الـ 52 بالمئة الأخرى من اصحاب الحالات الشديدة جداً يكون التحسن جزئيا.
بالرغم من جميع مظاهر التطور والحداثة التي شهدها المجتمع في سورية لا سيما خلال العقود الثلاثة الماضية، والقفزات النوعية بحق، التي حققها الوعي الصحي والتقدم الطبي بحيث أصبح بإمكان أي مريض مهما كان نوع مرضه أو إصابته أن يجد العلاج المتقدم في المشافي والمراكز الطبية المتكاملة التي انتشرت في كل اصقاع البلاد دونما الحاجة الى المعالجة خارج البلاد، بل نستطيع القول بكل ثقة ان الكثيرين من مواطني الأقطار العربية بدؤوا يتجهون الى دمشق او حلب بحثاً عن علاج شاف من حالات مرضية مستعصية.. ويجدون ضالتهم هذه هنا بكل اطمئنان وراحة بال ودونما قلق على النتيجة او التكلفة التي تقل، حسب شهاداتهم ، عن نصف ما يتكبدونه من تكلفة علاجية في أي بلد آخر..
لكن وفي الوقت نفسه يجب ان نقر ونعترف أن الطب النفسي هو التخصص الذي يكاد يكون وحيداً دون غيره من التخصصات الطبية التي لم يشهد التطور المماثل، أو حتى المناسب ، أسوة بالتخصصات الأخرى، وهو إن طرأ عليه بعض من تقدم فلا يكاد يذكر أو يلاحظ.. ولا يعدو كونه أشبه بحبو الطفل الرضيع في حين أن غيره من الاختصاصات يعدو عدواً رغم أنهما من عمر واحد..
فهل سبب هذا التخلف في الطب النفسي هو نظرة المجتمع القاصرة الى هذا النوع من الحالات الصحية التي تتزايد، يوما إثر يوم، واضطراداً مع تطور وازدياد تعقيدات حياة الناس، والتي تجعل أقرب المقربين الى المريض النفساني يصدر عليه حكماً أقل ما يمكن أن يوصف به أنه قاس، من خلال اتهام هذا المريض بالجنون!! بل أكاد أذهب الى أبعد من ذلك فأقول : ان مجرد مراجعة عيادة طبيب نفساني تجعل المحيطين يشككون في قدرات المريض العقلية ؟!
أم أن سبب عدم مواكبة الطب النفسي للتطور الذي شهدته تخصصات الطب الأخرى ، هو تقصير الدولة (والدولة لا تعني الحكومة وحدها بل تشمل سائر الهيئات الحكومية وغير الحكومية ، من حيث هي معنية أولاً بتوفير أسباب ومستلزمات تطور وصعود هذا التخصص الطبي أسوة بغيره، وثانياً بالتوعية الجماهيرية بأهمية هذه المعالجة، وجدواها، وحاجة كل مواطن يعاني من حالة ما لمراجعة عيادة الطبيب النفساني تماماً كما يذهب الى عيادة الطبيب المتخصص بالامراض الصدرية ، او الجلدية ، أو العظمية.. الخ..
وثالثاً بارتفاع وتنامي الوعي الشعبي (والشعبي ، هنا أيضاً لا تعني الطبقات المسحوقة أو الفقيرة أو غير المتعلمة وحدها وانما تعني سائر طبقات المجتمع وفعالياته التي يجب أن تعي أهمية وضرورة المعالجة والتطبب النفسانيين وأن من يلجأ الى الطبيب أو المعالج النفساني هو مريض عادي وليس متخلفاً عقلياً أو مجنوناً.. أو.. أو ..
عندما شرعت بالاعداد لهذا الموضوع تساءلت : كيف أبدأ ؟ ومن أين ؟.. هل أبادر الى زيارة مشفى الامراض العقلية وأعرض، إن سُمِح لي، بعض الحالات التي تعالج هناك؟.. هل أزور أطباء نفسانيين واوجه اليهم أسئلة اختصاصية عن أبرز الحالات التي يعالجونها ؟! وأي الأسئلة هي الأكثر الحاحاً «بمعنى ماذا أسألهم»، هل اتنقل بين الناس في بيوتهم أو مراكز اعمالهم او اماكن وجودهم في الحدائق او المقاهي او الشوارع واوجه اليهم أسئلة معينة وأجمع الاجابات عليها ثم اعرضها على طبيب أو أطباء نفسانيين ، وأحيط القرّاء بآرائهم حول هذه الحالات.. هل.. وهل.. وهل كثيرة شغلتني كثيرا.. حتى شعرت انني بت أعاني من «حالة» تستدعي مراجعة طبيب نفساني !!
- في العيادة ، وأنا أنتظر دوري ، تعرفت على حالات عدة، بعض أصحابها يتخفى وراء اصبعه ففي الوقت الذي اوضحت لي فيه إحداهن انها هنا «في العيادة» لتسأل الطبيب عن امكانية معالجة والدتها التي قيل لها أنها تعاني من اكتئاب !!«لماذا لم تحضر والدتها معها ؟!! واكدت لي دون أن أطلب منها ذلك التأكيد الذي «اضطرها» لتحلف لي اغلظ الايمان انها سليمة معافاة وانها جاءت تراجع الطبيب بشان والدتها..
وبعضهم يكابر فيؤكد انه هذه اول مرة يزور فيها عيادة طبيب نفساني وانه لا يعاني من اية مشكلة.. وان الفضول هو الذي دفعه الى هذا التصرف.. وفي الوقت نفسه يهمس لي: «الناس تظن انني غير سوي.. وانا لست كذلك » ويحذرني من بعض الجالسين في صالة الانتظار.. وعندما سألت سكرتيرة الطبيب عنه قالت : هو لا يعرف أياً منهم.. وأنه يراجع الطبيب منذ فترة لانه يعاني من حالة طبية معينة.. لكن ماذا تقول الممرضة وللأمانة الطبيب بارع في معالجة مرضاه وحريص جداً عليهم.
وبعض ثالث «اضطر» الى مراجعة الطبيب النفساني تحت إلحاح مجموعة من الاطباء الذين راجعهم ونصحوه جميعاً بان حالته ليست عضوية ، وانما هي نفسية وتحتاج الى طبيب من هذا التخصص .. ولكنه يخشى «افتضاح» أمره ، اذا شاهده أحد معارفه وهو يدخل هذه العيادة ، فيظن أنه مجنون !!
- كان لا بد أن نتعرف على انواع وحالات الامراض النفسية لنضع القارىء الكريم في الصورة العلمية الصحيحة لهذه الامراض التي تعاني منها اعداداً كبيرة من الناس، بعضهم يدرك حاجته للمعالجة فيبادر الى عيادة الطبيب وبعض آخر أصر على أن لا يقيم وزناً ولا يلقي بالاً لما هو فيه من وضع نفسي لانه منشغل بهمه الاكبر المتمثل في تأمين لقمة العيش لأسرته وأولاده في هذا الوضع الاقتصادي الخانق الذي تعيشه الشريحة الأعظم من الناس .. وفيما بينهما يقع بعض ثالث يداري الحالة التي هو فيها متخفياً وراء اصبعه خشية أن «يشك» الناس في انه مريض نفساني أو ، كما يقول ، مجنون !!.. هذه الأسئلة والهواجس يجيب عليها الدكتور محمد أديب عسالي رئيس رابطة أطباء الطب النفسي، ويقسم الحالات والامراض النفسية الى شرائح ثلاث :
الاولى: يسميها خفيفة، وهي التي يمكن أن يتعرض لها آلاف الناس، كحالات الاكتئاب والقلق، ويقول أن نسبة كبيرة من سكان العالم تعاني من مثل هاتين الحالتين اللتين تعتبران من الحالات الواضحة ، لكن المرضى هنا، كما يقول الدكتور عسالي ، هم أناس طبيعيون، يعيشون بين أسرهم، ويمارسون أعمالهم بشكل طبيعي، وهم بعد المعالجة وانتهاء الأزمة التي يمرون عادة بها، لا يحتاجون الى الاستمرار في مراجعة الطبيب النفساني او تناول الأدوية، بشكل دائم..
ويلاحظ الدكتور محمد أديب عسالي ان هذا النوع من الحالات النفسية يصيب جميع شرائح المجتمع فهو لا يميز بين غني وفقير، متعلم وأمي، مثقف وجاهل.. فجميع الناس معرضون للاصابة به في وقت من الاوقات.
الثانية متوسطة الشدة، كالفصام، والهوس الاكتئابي.. وما يماثلهما وهذه الحالة حسب الدكتور عسالي ، لا تتعارض مع الحياة الطبيعية.. والغالبية العظمى من مرضى هذه الحالة يستجيبون للعلاج ويمكنهم مواصلة أعمالهم وحياتهم الطبيعية حتى بالنسبة لأصحاب المهن الصعبة كالاطباء والمحامين والمدرسين والصحافيين والكتاب، ويشير رئيس رابطة الطب النفسي هنا الى انه لا توجد في سورية او في أي مكان في العالم احصائية لنسبة من يصابون بهذه الحالة في المجتمع.. لكنه يستدرك بالقول بان نسبة تصل الى 57بالمئة من مرضى الفصام يشعرون بتحسن كبير بعد المعالجة ، وان نصف هؤلاء يتوقفون عن متابعة استخدام الأدوية بعد شفائهم من الهجمة الاولى.. فيما يواصل النصف الآخر منهم بتناول الادوية مدى العمر..
اما نسبة الـ25 بالمئة الأخرى فالتحسن بالنسبة اليهم يظل جزئياً، وهنا يسمي الطب أصحاب هذه النسبة من الحالة الثانية بـ/ متعذري العلاج/
الثالثة : وهي الشديدة والشديدة جداً ويضرب الدكتور محمد أديب عسالي مثالاً عليها حالة مرضى مستشفى ابن سينا للأمراض العقلية والنفسية، وهي حالة يطلق عليها طبياً «العنيدة على العلاج» وهي تستمر مدى حياة الانسان.. لكن الدكتور عسالي يشير الى أن هذه الحالة لا تمثل في سورية أكثر من نسبة 5% من مجموع المرضى النفسانيين .. وهو يلاحظ في الوقت نفسه أن هذه النسبة (5%) تعد مرتفعة عددياً اذا ما قيست بمرضى الفصام الذي لا تزيد نسبة المصابين به في أي دولة في العالم أكثر من 1% من مجموع الناس في هذا البلد او ذاك.
- يأسف رئيس رابطة أطباء الطب النفسي لمستوى الرعاية والخدمات الطبية في المشفيين التخصصيين للامراض النفسية والعقلية في كل من دمشق وحلب وهما (مشفى ابن سينا في دمشق، ومشفى ابن خلدون في حلب).. ويلاحظ الدكتور محمد اديب عسالي ان هذه الخدمات وتلك الرعاية فقيرة ومتدنية، ولا ترقى الى أي من مستويات الخدمات التي تقدم لنزلاء مثيلات هاتين المشفيين في دول العالم سواء من حيث الخدمات الاجتماعية، او حتى الطبية والصحية..
هنا نلاحظ نحن ان الدكتور اديب عسالي لم يرد قول ما ينفي قوله حول ما يلاحظه اهالي مرضى مشفى الامراض العقلية.. فالواقع يتحدث عن الكثير من تردي الخدمات واحياناً الى درجات لا تصدق بل وغير معقولة، ناهيك عن التعامل (المتخلف) ونجرؤ على القول: انه في احيان كثيرة غير انساني.. (سنأتي على زيارتنا لمشفى ابن سينا في تحقيق لاحق) ويتابع الدكتور عسالي حديثه عما يتوافر لامثال هؤلاء المرضى في المشافي المماثلة في دول كثيرة اخرى فيقول:
ـ في كثير من دول العالم تقدم خدمات كثيرة للمرضى الذين يقرر الاطباء النفسانيون ان اوضاعهم المرضية مزمنة وتحتاج الى ادخالهم الى المشفى، تتوافر خدمات اجتماعية متطورة وبعضها غاية في التقدم.. وهي تتضمن كما يقول:
ـ بيوت للاقامة الدائمة تحت اشراف معالجين نفسانيين متخصصيين ومشرفين اجتماعيين يتواصلون مع المرضى ويدرسون حالتهم بشكل يومي.
ـ ورشات عمل تتوافر فيها الحماية للمرضى خوفاً من أن يؤذوا انفسهم، وبشكل يتوافق مع ميولهم، وأيضاً تحت اشراف متخصصين نفسانيين واجتماعيين.
ـ دعم مادي وادبي للمراكز والمشافي المتخصصة في الطب النفسي من قبل الحكومات والهيئات والمنظمات الاهلية والادارات المحلية.
ويتساءل د. عسالي قائلا: فأين مرضى مشفى ابن سينا ، او مشفى ابن خلدون من بعض، وليس كل ، ما ذكر ؟!! ويتابع:
مشافينا المتخصصة بالامراض النفسية والعقلية تفتقر الى الكثير من الخدمات الاساسية التي يحتاجها مرضاها، وهذا الواقع ( يضطر) الأسر التي يعاني احد افرادها من مرض مزمن من الدرجة الشديدة، الى ( التخلص) من مريضهم بايداعه في المشفى.. وهذا الوضع، بطبيعة الحال، يزيد من تفاقم حالة المريض وفي الوقت ذاته يشكل عبئاً اضافياً على المشفى الذي يعاني أصلا من مشكلة ضعف الامكانات المادية والعلمية والاجتماعية..
ـ ويجري رئيس رابطة الاطباء النفسانيين مقارنة بسيطة بين عدد أسِرَّة المشفيين التخصصيين «اليتيمين» في سورية وبين أسِرَّة المشافي المماثلة في دولة متقدمة مثل بريطانيا فيعلمنا أنه في حين أن مجموع الأسِرَّة المخصصة لمرضى مستشفى ابن سينا في دمشق ومستشفى ابن خلدون في مدينة حلب يصل الى ألف سرير في أحسن حالاتها.. فإن عدد اسِرَّة المشافي المتخصصة بالامراض النفسية والعقلية في بريطانيا يعادل بالضبط عدد الاسرة في جميع المشافي العامة والمتخصصة بجميع الامراض الاخرى !!.
ـ واضافة الى ذلك فإن نصف عدد أسرّة أي مشفى في بريطانيا يخصص للحالات النفسية !!!
- يذكر الدكتور محمد أديب عسالي بعض اعراض عدد من الامراض النفسية 00فيشير الى ان الأعراض قد تختلف أو تتشابه في حالات المرض النفسي ويضرب على ذلك أمثلة منها..
ـ القلق.. أهم عارض رئيسي يظهر على المريض هو الخوف غير المبرر ، وتزايد في ضربات القلب، وضيق التنفس وتشنج المعدة، والغثيان والاقياء والدوخة والصداع والاسهال..
ـ الاكتئاب: أهم عارض رئيسي يظهر هو تدني المزاج العام للمريض، والضيق والتبرم والشعور بالحزن وعدم الشعور بالسعادة ، فقدان الاهتمام بأمور ومسارات الحياة العادية ، وبالمهام الانسانية والوظيفية والاجتماعية والبيئية..
ـ ا لفصام: اهم عارض رئيسي فيه اضطراب في التفكير، وضعف اضطراب الادراك بشكل لافت للأشخاص المحيطين بالمريض وذلك من خلال ما يتحدث به المريض، ويطرحه من مواضيع تجعل المحيطون به يستغربون كلامه.. وتترافق هذه الاعراض باضطراب في السلوك مما يجعله عنيفاً في بعض الاحيان.
وهنا ينبه الدكتور عسالي الى انه من الخطأ الاعتقاد الشائع بأن جميع المرضى النفسانيين هم عنيفون وبأن هذا الاعتقاد سببه بعض الحالات التي يصل فيها المريض الى ذروة اليأس ما يدفعه الى ايذاء نفسه. الى حد الانتحار .. لكن هذه الحالات لا تصل نسبتها الى اكثر من 10 بالمئة.
- ونسأل الدكتور محمد اديب عسالي رئيس رابطة الاطباء النفسانيين عن دور الوراثة في مختلف حالات الامراض النفسية والعقلية.. فيجيب:
ـ أكثر ما يظهر العامل الوراثي في حالة الهوس والاكتئاب الذي تصل نسبة هذا العامل في الاصابة بالمرض الى 75بالمئة ويليه مرض الفصام الذي تصل نسبة دور العامل الوراثي فيه الى 50 بالمئة ولكن يشترط في مساهمة هذا العامل أن يكون الوالدان مصابين بالهوس اما اذا كان احد الوالدين فقط مصاباً فان النسبة تنقص عما اشرنا اليه.
ـ واما عن تاثير البيئة في الاصابة فيقول الدكتور عسالي: ان للبيئة دورا مهماً وأساسياً، ولا سيما في مرحلة الطفولة المبكرة، حيث يتطور دفاع الطفل بشكل رئيسي خلال السنوات الاولى من العمر وتبلغ نسبة هذا التطور حوالي 50بالمئة في السنة الأولى من العمر وترتفع الى 90بالمئة في عمر ثلاث سنوات.
ـ ويضيف الدكتور عسالي: ان البيئة المحيطة بالمريض النفساني، ولا سيما المصاب بانفصام الشخصية يمكن ان تؤجج أو تخفف الهجمة.. فالضغوط النفسية والاجتماعية يمكن ان ترفع وتزيد حالة الهيجان في حين ان التفاهم والتعامل الهادىء اضافة الى اعطاء الجرعة الدوائية في اوقاتها يمكن ان تسهم في تخفيف الحالة.. وهذا يعزز القول بأهمية دور البيئة.
- هو ما يعرف عند العامة بالصدمة الكهربائية للمريض النفسي.. وعن هذه الطريقة في المعالجة يقول الدكتور محمد اديب عسالي: رغم ان عمر هذه الطريقة يمتد الى حوالي 100 عام.. الا انها ما تزال مستخدمة بفعالية في معالجة عدد من الامراض النفسية ولا سيما المستعصية منها.. ويقول الدكتور عسالي: ان الناس يتخوفون من مجرد سماع ان مريضهم سوف يعالج بالصدمة الكهربائية، وقد عزز مثل هذا التخوف والاعتقاد ما تعرضه الافلام السينمائية الشهيرة، والتي تظهر العلاج بهذه الطريقة بدون تخدير او اشراف طبي..
ويؤكد الدكتور عسالي ان المعالجة بالتخليج الكهربائي او بالصدمة طريقة ناجحة في معالجة بعض الحالات ولكن يشترط أن يكون ذلك تحت اشراف الطبيب النفساني المعالج اولاً وبتخدير المريض، تحت اشراف طبيب التخدير.. وضمن شروط صحية محددة..
واكد ان حالة الفصام الشديدة التي يصل فيها المريض الى درجة الامتناع عن الطعام والشراب، ووصوله الى اليأس المتناهي، ومحاولة الانتحار، والانقطاع العام عن الحياة هي حالة مثالية للعلاج بالصدمة ضمن الشروط التي أشار اليها.
- ينحو الدكتور عسالي باللائمة على نفسه أولاً، متهماً إياها وزملاءه بالتقصير في التنبيه الى ضرورة ايلاء الطب النفسي والمعالجة النفسية والاهتمام المناسب ، وفي التوعية بأهمية مراجعة عيادات الطب النفسي ، وبكونها تتساوى ومراجعة عيادات الأمراض الأخرى..
ويشير الدكتور عسالي الى بعض أوجه هذا التقصير فيذكر مثلا انه من المستغرب جدا ان لا يتم حتى الآن احداث قسم للطب النفسي في أي من كليات الطب في الجامعات السورية، رغم التوسع الكبير سواء في عدد الجامعات أو في احداث الأقسام في التخصصات الطبية، ويُعِدُّ رئيس رابطة الأطباء النفسانيين هذا الوجه من أوجه التقصير غاية في الغرابة.. ويضيف: لا شك أن هذه الحال تستتبع بالضرورة عدم التوجه وحتى الآن أيضاً، نحو توفير فرص التدريب والاطلاع للاطباء النفسانيين اضافة الى قلة عددهم.. ناهيك عن واقع الحال في المشفيين المتخصصيين في الحالات المرضية النفسانية.
ورغم ذلك فإن الدكتور عسالي ، وفي الوقت الذي يبدي فيه هذه الملاحظات يعبر عن تفاؤله بالالتفات الى هذا النوع من التخصص الطبي وزيادة الاهتمام به والذي ، بدأت تباشيره كما يقول مع احداث رابطة الأطباء النفسانيين اولاً ، ومن ثم صدور التشريعات التي أتاحت لمشافي القطاع الخاص احداث أقسام متخصصة بالطب النفسي أسوة بأقسام الامراض الاخرى ، وذلك يعد ممنوعاً ومحرماً حتى العام 2000، وثالثاً باعتبار كل من مستشفى ابن سينا في دمشق ومستشفى ابن خلدون في حلب هيئتين مستقلتين ادارياً ومالياً ومضاعفة أجور ورواتب العاملين فيهما بدءاً من الطبيب ووصولاً الى عمال الخدمة ، مما دفع الكثيرين للقبول بالعمل في هذين المشفيين بعد عزوف دام طويلاً.
هدى العبود
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد