الصراع بين لجنة فينوغراد والمحكمة العليا يثير أزمة في إسرائيل
تصاعد التوتر بين المحكمة الإسرائيلية العليا و«لجنة فينوغراد» التي تحقق في الاخفاق خلال حرب لبنان الثانية، حول نشر شهادات القادة الإسرائيليين. وأثار تهديد عضوين من اللجنة بالاستقالة من منصبيهما إذا أصرت المحكمة على نشر الشهادات، غضب قضاة المحكمة العليا الذين رأوا في ذلك محاولة للي ذراع القضاء وإلغاء دوره في هذه القضية.
وكانت المحكمة العليا قد أمرت اللجنة بنشر شهادات كل من رئيس الحكومة إيهود أولمرت ووزير الدفاع عمير بيرتس ورئيس الأركان السابق دان حلوتس، قبيل نشر التقرير المرحلي. لكن ردود الفعل والتناقضات التي تبدت في القيادة الإسرائيلية اثر نشر شهادة نائب رئيس الحكومة شمعون بيريز، دفعت «لجنة فينوغراد» للتراجع عن قرار النشر.
واتفقت اللجنة والنيابة العامة الإسرائيلية على استخدام أساليب المماطلة القضائية، ما أثار غضب رئيسة المحكمة العليا دوريت بينيش التي وبخت اللجنة علنا، ما أثار حفيظة عدد من أعضاء اللجنة وخصوصا الجنرال احتياط مناحيم عينان والبروفسورة روت غبيزون فهددا بالاستقالة. ومن الواضح أن الأمر لم يقف عند هذا الحد، إذ أثيرت اتهامات للجنة بممالأة السياسيين وعدم أداء دورها في خدمة الشعب والحقيقة.
وحاولت جهات في اللجنة الدفاع عن نفسها، فقالت لموقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن «التفكير بأن أعضاء اللجنة يحاولون الدفاع عن هذا السياسي أو ذاك، أمر غير صحيح. فالسجال يدور حول قضية مبدئية». واضاف هؤلاء أن ما يسعون للدفاع عنه هو حق اللجنة في اتخاذ القرار السليم بعيدا عن سطوة المحكمة العليا، مؤكدين أن التقرير المرحلي سيهز الأرض وأنه «معمق جدا وجدي وينطوي على نبرة فظة جدا وقاسية تجاه المسؤولين عن إخفاقات الحرب الأخيرة».
وأكثر المعلقون الإسرائيليون أمس من التعامل مع التوتر بين اللجنة والمحكمة. وكتب كبير معلقي «يديعوت» ناحوم بارنيع أن «حرب لبنان الثانية انتهت بشعور قاس. أما الحرب على التحقيق في الحرب فلا تسفك دماء، ولكنها ليست أقل مرارة أو أقل دراماتيكية. في أقل الأحوال ثمة هنا معركة إنزال أيد. وفي الحالة الأشد، أزمة دستورية. فمن جهة تقف المحكمة العليا؛ ومن الجهة الأخرى لجنة فينوغراد».
واعتبر بارنيع أن استقالة أي من أعضاء اللجنة قد يدحرج كرة ثلج. وكتب «التقرير المرحلي الذي تعمل اللجنة على استكماله هذه الأيام لا يغطي سوى الأيام الخمسة الأولى من الحرب. ومن المشكوك فيه أن يكون بوسع اللجنة مواصلة أداء دورها من دونهما. وعند غيابهما سيطرح من جديد مطلب تعيين لجنة تحقيق رسمية برئاسة رئيسة المحكمة العليا ورئاسة قاضي (محكمة) عليا».
أما أوريت شوحط فكتبت في «هآرتس» أن «لجنة فينوغراد فضلت التحقيق في الحرب بصورة سرية، ومن حقها أن تفعل ذلك. كما أنها فضلت نشر محاضر شهادات المُحقق معهم بعد أن تقوم بنشر توصياتها وليس قبل ذلك، ولها أسبابها من وراء ذلك. إلا أن عالم «أنصار أولمرت» في مواجهة معارضي «أولمرت» و«مؤيدي دوريت بينيش» و«معارضي بينيش» الملون بالأبيض والأسود، يعتبر كل رأي يطرح في هذه المسألة في نظرهم جميعا نابعا من اعتبارات غريبة. الجدل حول نشر البروتوكولات لم يكن كذلك من البداية. ولجنة فينوغراد لم تحصل على الاعتماد الكامل من البداية، وهذه كانت خسارة».
والواقع أنه ليس في إسرائيل من يختلف حول حقيقة أن المحكمة العليا، البالغة القوة في الحياة الإسرائيلية العامة، تخوض حربها ضد السلطة التنفيذية التي لم يرق لها منذ البداية رفض رئيس الحكومة تشكيل لجنة تحقيق رسمية. ومن الجائز أن أحدا لن يفاجأ إذا تصاعد الصراع بين الجهتين إلى مستوى أزمة دستورية، خاصة في ظل تدافع السياسيين نحو اعتبار مسألة التحقيق وسيلة لحسم قضايا سياسية داخلية.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد