السودان: تصاعد الانقسام بين الحكم والمعارضة
تصاعد الانقسام في المشهد السياسي السوداني بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم والمعارضة التي هددت بإطاحة نظام الرئيس عمر البشير، فيما تشهد مؤتمرات للحزب الحاكم انتقادات واسعة لأداء الحكومة ومطالبات بالتغيير.
وحمل الحزب الاتحادي الديموقراطي برئاسة محمد عثمان الميرغني في شدة على «المؤتمر الوطني»، ووصف سياساته بـ «الخاطئة والمتخبطة». وقال إن الوضع السياسي الراهن مفتوح على الاحتمالات كافة. وقال المسؤول الإعلامي في الحزب ومرشحه في انتخابات الرئاسة الأخيرة حاتم السر، إن «رياح التغيير هبت في البلاد... الحرية آتية شاء من شاء وأبى من أبى». وأكد اختيار حزبه «منهج التغيير الشامل».
وتحدث السر خلال ندوة حاشدة وسط هتافات الآلاف من أنصار حزبه: «لا وفاق مع النفاق... الشعب يريد إسقاط النظام»، في إشارة إلى رفضهم المشاورات بين الحزبين لتشكيل تحالف حكومي. وأثنى على «استباقية الشعب ورفضه للظلم والتهميش واحتكار السلطة والثروة»، مشدداً على أن حزبه «سيقود معركة التغيير في البلاد». واتهم القيادي في الحزب بخاري الجعلي الحزب الحاكم بمحاولة الترسيخ في أذهان جماهير حزبه «أننا نفاوض من اجل السلطة»، مؤكداً أنهم زاهدون في الحكم.
إلى ذلك، قال «حزب المؤتمر الشعبي» المعارض بزعامة حسن الترابي إنه قرر إطاحة نظام البشير، موضحاً أنه ظل صامداً رافضاً للحوار مع الحزب الحاكم. ورأى أن نظام الحكم الحالي «أضحى وصمة عار في جبين حركة الإسلام... فأضحى ليس من المعقول ولا المقبول لكيس فطن الجمع بين نقيضين ومن أسس منهجه على مكافحة الفساد لا يتوحد مع الفاسدين». وهدد أعضاء الحزب الذين يحاورون الحزب الحاكم.
لكن مساعد الرئيس ونائبه في الحزب نافع علي نافع أكد استحالة إطاحة النظام الحاكم، مشيراً إلى «خيبة الأحزاب المعارضة». ووصمها بـ «العمالة والارتزاق». وأشاد بالأحزاب السياسية «المتوافقة والمتعاونة» مع الحزب الحاكم، مؤكداً مشاركتها في الأجهزة التنفيذية في الحكومة الجديدة. وقال إنهم في الحزب يحترمون أحزاب «الأمة» برئاسة الصادق المهدي والحزب «الاتحادي» برئاسة الميرغني «لحوارهما المسؤول في شأن القضايا التي تهم الوطن».
وحمل نافع في شدة على السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سوزان رايس، موضحاً أنها «حرضت قيادات في جنوب السودان على القيام بنشاط مناهض لنا خلال مرحلة الربيع العربي»، مشيراً إلى أن «أميركا فشلت أربع مرات في احتواء السودان عبر تمرد المقاتلين الشماليين في الجيش الجنوبي في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق».
وتشهد مؤتمرات للحزب الحاكم انتقادات واسعة لأداء الحكومة ومطالبات بالإصلاح وتغييراً في السياسات تجاه قضايا البلاد وقيادات في الدولة والحزب. ووجه مستشار الرئيس مسؤول قطاع الفكر والثقافة في الحزب إبراهيم أحمد عمر أسئلة غاضبة في مؤتمر للقطاع قائلاً: «ماذا فعل حزب المؤتمر الوطني تجاه التحديات التي واجهت البلاد طيلة أكثر من عشرين عاماً ماضية؟». وطالب بضرورة محاسبته عن فترة توليه القطاع وإقالته، قائلاً: «لابد من تغيير رئيس القطاع لأنه لم يحرك شيئاً في السنتين الماضيتين وتصحيح الأخطاء... لا بد من أن نحاسب أنفسنا».
وأعلن تنحيه «لإتاحة الفرصة للشباب»، قبل أن يطالب عضوية حزبه بعدم الخوف من الجهر بالنقد ضد المسؤولين من أجل تصحيح المسار. وشهدت مؤتمرات القطاعات السياسية والعلاقات الخارجية انتقادات لأداء الحكومة والحزب، ودعوات إلى تغيير في بنية الحكم والحزب وإجراء إصلاحات عاجلة قبل أن تفرض عليهم.
على صعيد آخر، يصل إلى الخرطوم اليوم الرئيس الأريتري أسياس أفورقي في زيارة رسمية للبلاد تستغرق يومين، يجري خلالها محادثات مع الرئيس البشير وسط معلومات رائجة عن أزمة مكتومة بين البلدين. وكان مدير جهاز الأمن والمخابرات الفريق محمد عطا زار أسمرا الشهر الماضي، ناقلاً رسالة من البشير إلى أفورقي تتعلق بمسار العلاقات الثنائية والتطورات الأخيرة في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.
من جهة أخرى (أ ف ب) أعلنت وزارة الخارجية السودانية أمس أنها استدعت سفير بريطانيا في الخرطوم نيكولاس كاي بسبب مقال نشره في مدونته الشخصية تناول فيه الأوضاع في السودان وتضمن معلومات «غير دقيقة أو لم توضع في سياقها الموضوعي». وقال الناطق باسم الخارجية العبيد مروح في بيان إن الاستدعاء جاء «على خلفية ما تضمنته مدونته الشخصية من حديثه عن الأوضاع في السودان ونشرت جوانب منه في الصحف المحلية».
وأضاف البيان أن «وكيل وزارة الخارجية رحمة الله محمد عثمان ابلغ سفير بريطانيا أن كثيراً من المعلومات التي تضمنتها مدونته إما أنها غير دقيقة أو أنها لم توضع في سياقها الموضوعي، مشيراً في هذا الصدد إلى حديثه عن الأوضاع الإنسانية، وعن الوضع في منطقة أبيي». وكان كاي تحدث في مدونته عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتأثيرها على الوضع الإنساني في البلاد، مؤكداً أن 500 ألف شخص دخلوا دائرة الجوع خلال الشهر الماضي. كما انتقد عدم انسحاب القوات الحكومية من منطقة أبيي المتنازع عليها بين السودان ودولة جنوب السودان بعدما كان الطرفان اتفقا في حزيران (يونيو) الماضي على الانسحاب من المنطقة ونشر قوات أثيوبية فيها.
النور أحمد النور
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد