الاستيراد تهريباً أو «التهريب النظامي» يسطو على أسواقنا
لا يخفى على أحد مستوى التخمة بالبضائع في الأسواق المحلية رغم جميع إجراءات التشديد والرقابة وسياسة ترشيد الاستيراد للتحكم بانسياب السلع والبضائع إلى الأسواق، التي يتحدث عنها المسؤولون ليل نهار، و«الفضل» في ذلك يعود للمهربين، والتجار المخالفين لتعليمات وشروط الاستيراد، فعمليات التهريب لا تقتصر على الطرق التقليدية المعروفة، بإدخال البضائع بالطرق غير النظامية ودون أي رقابة أو حصول على إجازات الاستيراد، فهناك أيضاً ما يسمى بلغة السوق «التهريب النظامي» الذي نشط خلال الأزمة بصورة غير مسبوقة.
قصة الجمارك
وبينت رئيسة محكمة الاستئناف الجمركية الأولى في دمشق انتصار الصالح أن التهريب تحت الغطاء النظامي يتم بشكل دائم ولكن لا يمكن حصر عدد هذه المخالفات كون أغلبها تطوى بعد المصالحة عليها وإجراء تسوية للمخالف في المديرية العامة للجمارك، ولا تحال القضية على القضاء المختص. موضحةً أنه في العام 2015 لم يتم إيقاف سوى 56 مخالفاً وإحالتهم على القضاء رغم العدد الكبير من المخالفات ولكن أغلبيتها تحل وتتم التسوية عليها ضمن الجمارك ولا يصل الملف إلى القضاء المختص.
مشيرة إلى أن البيان الجمركي يتضمن تفاصيل للبضاعة الموجودة كافة ضمن حاوية الشحن وهناك نوع من البيانات يكون لبضاعة متفرقة ضمن الحاوية الواحدة، وهنا يكون دور الضابطة الجمركية بالقيام بجرد البضاعة والتأكد من البيان الجمركي ومطابقتها له.
فعندما يكون جزء من البضاعة مطابقاً ونظامياً وجزء آخر غير مطابق فهنا يتم الحجز على البضاعة كافة، وإجراء الضبط الجمركي بحق المخالف، ولكن في حال لم يكن هناك دقة في عملية الكشف فقد تقع مخالفات من دون أن تضبط وهو يعتبر تقصيراً من الضابطة الجمركية. منوهةً بأن المخالفة الجمركية تحال على المحكمة إن لم يتم إجراء التسوية، وقد يتم إحضار الموقوف موجوداً إلى المحكمة أو إحالته على محكمة بداية الجزاء وقد يخلى سبيله لقاء كفالة. والمحكمة تعمل على التأكد من مطابقة البضاعة للمواصفات وقد تستعين بخبير معين، فأحياناً قد تكون المخالفة بالوزن (عدد أو كمية) أو مخالفة بالمواصفات أو بالنوع وهي كلها مخالفات تترتب عليها غرامات.
ولكن إن كانت البضاعة من النوع الممنوع إدخالها فتتم المخالفة ودفع الغرامة، التي تكون مرتفعة بشكل كبير بحيث تكون الغرامة رادعة لأي مخالفة حيث يكون لكل غرامة حد أعلى وحد أدنى والحكم يصدر بالحد الأعلى الذي يكون حسب النوع الاقتصادي للبضاعة فقد تكون إما بضاعة محصورة أو مسموحة أو مقيدة أو ممنوعة أو ممنوعة معينة، أما موضوع التهريب وعدمه وقمع المخالفة أو ترك المخالفة فكله بيد الضابطة الجمركية كونها الجهة الرقابية الأولى التي تتعامل مع أي بضاعة ستدخل إلى البلد.
وعن المواصفات فهناك غرامة معينة لمخالفة المواصفات وهي تختلف عن مخالفة المواصفات بشكل قصدي فمثلاً المواد الغذائية تخضع للرقابة الصحية للتأكد من مطابقتها للمواصفات وتمنح شهادة مخبرية على نماذج عينات عشوائية من البضاعة إن كانت مطابقة للمواصفات السورية فيسمح بدخولها للأسواق وإن كانت مخالفة للبيان الجمركي فيمكن المصالحة والتسوية عليها، ولكن إن كانت غير مطابقة للمواصفات السورية فهي تعتبر مخالفة جمركية بحتة، يتم على أساسها حرمان التاجر المستورد من الحصول على إجازات الاستيراد وسحب الترخيص للمخلص الجمركي، بإضافة إلى دفع الغرامات.
بينما من يحاول إدخال بضاعة من النوع الثمين والباهظة الثمن كالذهب مثلاً فهو يعتبر من النوع الاقتصادي الممنوع الاستيراد والتصدير إلا ضمن ضوابط معينة ومحددة، فهنا تتم مصادرة البضاعة ووضع غرامة عليها هي محصلة قيمة البضاعة زائد الرسوم وتضرب المحصلة بثمانية أضعاف الرقم لتكون الغرامة رادعة.
موقف الاقتصاد
بدوره بيّن مدير التجارة الخارجية في وزارة الاقتصاد محمد صلوح أن هناك الكثير من التجار يحاولون استغلال حصولهم على إجازات الاستيراد النظامية لإدخال بضائع غير مصرح بها إلى الأسواق، موضحاً بأن هذا النوع من المخالفات يتم الكشف عنها أولاً في الإدارة العامة للجمارك عند الكشف على البضائع التي تدخل إلى البلد، فهناك بعض ضعاف النفوس يقومون بالحصول على إجازة الاستيراد واستغلالها لإدخال مواد وبضائع مخالفة لما صرح عنه في إجازة الاستيراد وغير مطابقة للبيان الجمركي ومخالفة للمواصفات.
وأوضح أنه عندما يتم إعلام وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بهذه المخالفة من التاجر يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق التاجر المخالف، فإذا كان التاجر يحاول إدخال بضاعة على أساس أنها مطابقة للمواصفات ويتبين أنها غير مطبقة فيكون الإجراء بأن يقوم التاجر بإعادة تصدير البضاعة والذي سيكون مكلفاً جداً على التاجر إضافة إلى دفع الغرامات. وفي حال ثبت أنه يحاول استغلال إجازة الاستيراد التي حصل عليها لإدخال مواد يعلم بأنها غير مطابقة ومخالفة وغير مسموح باستيرادها، وتتأكد الجمارك العامة ووزارة الاقتصاد من صحة المخالفة، يتم اتخاذ إجراءات أقسى بحقه تصل إلى الحرمان من الاستيراد لمدة عام على الأقل، لافتاً إلى أنه حتى لو تمكنت المواد والبضاعة من تجاوز المعابر الجمركية إن كان نتيجة تقصير أو خطأ ما أو احتمال وجود تواطئ من أحد ما فإن هناك جهات أخرى تتابع حركة انسياب السلع والبضائع في الأسواق وعند ضبط هذه المواد يتم إعلام وزارة الاقتصاد لاتخاذ الإجراء المناسب بحق لجهة المستوردة لها ومخالفتها. ولكن هناك حالات يتم فيها إدخال مواد غذائية مخالفة للمواصفات وغير صالحة للاستهلاك البشري ولكن يمكن أن تكون صالحة للاستهلاك الحيواني فيمكن أن تقوم جهة معينة بشرائها من التاجر المستورد بعد أن يدفع غرامات المخالفة لتصبح للاستهلاك الحيواني كعلف. مشيراً إلى المعيار الأساسي لضبط هذه المخالفة هو مطابقتها للمواصفات السورية، كون هذه المواصفات وضعت لتكون حامية للمستهلك وأي مخالفة فيها تضر بصحة وسلامة المستهلك فهي تستعدي المسألة والمخالفة.
علي محمود سليمان
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد