إيرلندا الشمالية تحيي الذكرى العاشرة لاتفاق الجمعة العظيمة
تحيي ايرلندا الشمالية اليوم بتواضع الذكرى العاشرة لـ"اتفاق الجمعة العظيمة"، الذي أرسى أسس المصالحة بين الكاثوليك والبروتستانت وجلب الاستقرار السياسي إليها، رغم ان بعض الجروح لم تندمل.
ويتخلل الاحتفال بهذا الاتفاق التاريخي الذي وقع في العاشر من نيسان 1998 مؤتمر في بلفاست يشارك فيه العديد من مهندسي مفاوضات السلام: رئيس الوزراء المستقيل الايرلندي بيرتي اهيرن، السناتور الاميركي جورج ميتشل، الكاثوليكي المعتدل وحائز جائزة نوبل للسلام جون هيوم ورئيس الوزراء الحالي الكاثوليكي مارتن ماكغينس.
لكن لاعبين رئيسيين ساهما في اتفاق السلام سيغيبان هما الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي شارك في رعاية عملية السلام مع اهيرن.
وهذا الاحتفال المتواضع أراده وحدويو الحزب الديموقراطي بزعامة رئيس الوزراء الحالي في ايرلندا الشمالية ايان بايزلي، والذين لم يوقعوا اتفاق السلام.
وهو يتناقض مع الحدث التاريخي الذي شكله "اتفاق الجمعة العظيمة"، كونه أرسى تقاسماً للسلطة بين النواب الكاثوليك والبروتستانت داخل المؤسسات التي تتمتع بشبه حكم ذاتي، وأنهى رسمياً "التوترات" التي أسفرت عن مقتل 3500 شخص على مدى ثلاثين عاماً.
لكن عمل البرلمان علق مراراً بين 1998 و2002 جراء الخلافات حول نزع سلاح الجيش الجمهوري الايرلندي والمقاتلين البروتستانت.
وبعدما همشوا خلال انتخابات 2003، تنازل العناصر الأكثر اعتدالاً في كل معسكر للشين فين، الجناح السياسي للجيش الجمهوري الايرلندي، وللحزب الديموقراطي الوحدوي برئاسة القس بايزلي.
وقد وقع هذان العدوان اللدودان في تشرين الاول 2006 اتفاق سانت اندروز الذي مهد لعودة المؤسسات المحلية في أيار 2007. فتولى ايان بايزلي رئاسة الوزراء ومارتن ماكغينس، العضو في الشين فين والعضو السابق في الجيش الجمهوري الايرلندي، نيابة الرئاسة.
وبخلاف كل التوقعات، نشأت علاقة ثقة بين الرجلين. ورغم ان بايزلي أعلن أنه سيستقيل في أيار، يبدو ان هذا الأمر لن يضعف العملية السياسية.
وقال ماكغينس لوكالة فرانس برس "أرى ان بايزلي سيخلفه شخص دعمه في جهوده لتشكيل الحكومة، ولست قلقاً على ديمومة المؤسسات".
وأدلى وزير المال بيتر روبنسون، وهو الخليفة المحتمل لبايزلي على رأس الحزب الوحدوي الديموقراطي وفي منصب رئيس الوزراء، بالرأي نفسه، وأكد لفرانس برس "لا أعتقد ان هذا الأمر سيؤثر في هيكلياتنا في ستورمونت. لقد التزم الحزب ان يكون جزءاً من السلطة التنفيذية".
وعلى الجانبين أن يتفقا على انتقال سلطتي القضاء والشرطة اللتين لا تزالان في يد لندن الى الحكومة المحلية. ويأمل الشين فين ان يتم ذلك في أيار.
لكن السلام لا يزال مهدداً من جانب جماعة معارضة، نفذت بعد أربعة أشهر من "اتفاق الجمعة العظيمة" اعتداء في أوماغ هو الأكثر دموية في تاريخ النزاع وأسفر عن 29 قتيلاً. كذلك، ثمة مجموعات بروتستانتية شبه عسكرية ترفض التخلي عن سلاحها.
لكن المجتمع حقق تقدماً ملحوظاً وتمكن من التخلص تدريجياً من الأفكار المسبقة.
ففي العام 2006، اعتبر 56 في المئة من الايرلنديين الشماليين ان العلاقات بين الكاثوليك والبروتستانت صارت أفضل من الماضي.
ويبقى على الايرلنديين الشماليين أن يقرروا الوسيلة الفضلى لطي صفحة النزاع، وخصوصاً ان بعضهم لا يزال يطالب بمحاسبة من ارتبكوا الجرائم.
وقد شكلت مجموعة استشارية لبحث هذا الموضوع، على ان تقدم توصياتها الصيف المقبل.
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد