«قمة العشرين» تحاصر أوباما وحربه على سوريا والمعلم في موسكو الإثنين
هيمنت التهديدات الأميركية بالحرب على سوريا على أجواء قمة مجموعة دول العشرين في سان بطرسبرغ الروسية أمس، والتي كشفت عنها مصافحة وابتسامة باردة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك أوباما، اللذين يقفان على نقيض بعضهما البعض بشأن الملف السوري.
ولم تكد تفتتح أعمال القمة، حتى وجه بوتين دعوة الى زعماء الدول لبحث الملف السوري حول طاولة عشاء، وأعلنت وزارة الخارجية الروسية عن زيارة سيقوم بها وزير الخارجية السورية وليد المعلم إلى موسكو الاثنين المقبل، ما يمكن أن يشير إلى احتمال وجود «طبخة» تسوية ما حول الأزمة السورية، حيث أن زيارة المعلم ستتم بعد 3 أيام من اختتام القمة واجتماع لوزراء خارجية دول العشرين اليوم مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والمبعوث الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، لكنها ستتزامن مع انعقاد جلسة الكونغرس الذي يفترض أن يصوت على قرار بتفويض اوباما شن الحرب.
وبدا أن بوتين الذي وقف كقيصر يستقبل ضيوفه في قصر قسطنطين، كسب الجولة الأولى من صراع التجاذب مع أوباما، اذ تعرض الرئيس الاميركي لضغوط متزايدة من زعماء العالم اعتراضا على العمل العسكري المحتمل ضد سوريا، حيث بدا اوباما شبه وحيد في موقفه باستثناء «حلفاء» كتركيا وفرنسا، لكنه سعى الى الايحاء بانه ماض في جدول اعماله كالمعتاد حيث اجرى مشاورات هاتفية مع نواب اميركيين للحصول على دعمهم، فيما ألغى زيارة كان يعتزم القيام بها الى كاليفورنيا، في مطلع الاسبوع المقبل، ليتسنى له متابعة الملف السوري.
وفي تحول لافت في المواقع، فان بوتين كان يبدو شبه منعزل في موضوع سوريا خلال قمة مجموعة «الثماني» في موسكو في حزيران الماضي. ووصف السكرتير الصحافي للكرملين ديمتري بيسكوف «معسكر المؤيدين لتوجيه ضربة إلى سوريا بأنه منقسم». وقال «يتعذر القول إن كثيرا من الدول تؤيد فكرة القيام بعملية عسكرية».
ورسم أوباما على وجهه ابتسامة جامدة وهو يقترب من بوتين لمصافحته عند وصوله إلى القمة. وكان التعبير على وجه بوتين رسميا كذلك. ولم يبتسم أوباما ابتسامة عريضة إلا عندما التفتا لكاميرات المصورين. وتبادل مع بوتين، لمدة 15 ثانية، بعض الكلمات.
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، «يتوجه وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى موسكو الاثنين للقاء نظيره الروسي سيرغي لافروف والتباحث حول كافة جوانب الوضع في سوريا». وأضافت أن «روسيا لا تزال مقتنعة بأنه من الضروري وضع حد لأعمال العنف ومعاناة المدنيين في سوريا في أسرع وقت، من دون محاولات للتدخل العسكري الخارجي بالالتفاف على مجلس الأمن الدولي».
وذكرت وزارة الخارجية الروسية، أن وزير الخارجية سيرغي لافروف أكد، في اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الأميركي جون كيري، «ضرورة طرح نتائج تحقيق خبراء الأمم المتحدة في استخدام السلاح الكيميائي في سوريا على مجلس الأمن الدولي لاتخاذ أي قرارات لاحقة، ونحن نرفض استخدام القوة التفافا على هذه الآلية». وأضافت «اتفق لافروف وكيري على استخدام القنوات الموجودة لتبادل المعلومات على مستوى الخبراء».
وفي هذه الأجواء الحربية تحاول الأمم المتحدة إرساء السلام بحيث أعلنت عن الوصول المفاجئ إلى سان بطرسبرغ لموفدها الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي لمساعدة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على إقناع قادة العالم بعقد مؤتمر «جنيف 2» حول سوريا. وقال لافروف إن الإبراهيمي سيحل اليوم «ضيفا على فطور عمل مع وزراء خارجية دول مجموعة العشرين».
وقال بان كي مون، في بيان، «بينما يركز العالم على مخاوف من الاستخدام المحتمل لأسلحة كيميائية في سوريا، يجب أن نضغط أكثر من اجل عقد مؤتمر دولي بشأن سوريا في جنيف. الحل السياسي هو السبيل الوحيد لتفادي حمام دم في سوريا».
وكسب بوتين الجولة الأولى في القمة، عندما اتخذت مجموعة «بريكس» والصين والاتحاد الأوروبي والبابا فرنسيس، بالإضافة إلى الأمم المتحدة، مواقف أقرب إليه من أوباما ونظيره الفرنسي فرنسوا هولاند بخصوص احتمال التدخل العسكري ومشروعيته.
وقال نائب وزير المالية الصيني تشو قوانغ ياو «سيكون للعمل العسكري تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي، وخصوصا على سعر النفط. سيتسبب في ارتفاع سعر النفط»، فيما أعلن المتحدث باسم الوفد الصيني كين غانغ إن «الوضع الحالي يظهر أن الحل السياسي هو الطريق الوحيد» الممكن لحل الأزمة.
وحث البابا القادة، في رسالة وجهها إلى بوتين، على أن ينحوا جانبا «السعي غير المجدي لحل عسكري» في سوريا. وقال «لنجدد الالتزام بالسعي بشجاعة وإصرار إلى حل سلمي من خلال حوار وتفاوض الأطراف يدعمه المجتمع الدولي بالإجماع».
ووصف قادة الاتحاد الأوروبي، وهم في العادة من أقوى حلفاء الولايات المتحدة، الهجوم بأسلحة كيميائية على غوطة دمشق بأنه «بشع»، لكنهم أضافوا انه «لا حل عسكريا للصراع السوري». ويظهر الموقف، الذي صاغه رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو، قدرا من الخلاف بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بعد أن قال أوباما انه سيقوم بعمل عسكري فور حصوله على موافقة الكونغرس. ويلتقي وزراء خارجية ودفاع الاتحاد الأوروبي في ليتوانيا غدا لبحث الملف السوري.
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي التقت هولاند بصورة مفاجئة، «هذه الحرب يجب أن تنتهي، وهذا لن يحدث إلا من خلال العمل السياسي، طالما أن ألمانيا لن تشارك في هذا العمل العسكري بأي حال».
ولم يقف مع أوباما سوى فرنسا التي تستعد للمشاركة في عمل عسكري ضد سوريا، بالإضافة إلى تركيا. وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، لتلفزيون «فرانس 2» قبل سفره إلى سان بطرسبرغ، «نحن مقتنعون بأنه إذا لم يعاقب السيد (الرئيس بشار) الأسد، فلن تجرى مفاوضات».
وقال هولاند، الذي التقى رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان، إن «قمة مجموعة العشرين هذه يهيمن عليها ما يجري على المستوى الدولي، وبالتالي الأزمة السورية».
ومع استبعاد حصول أوباما على تأييد روسيا والصين لقرار في مجلس الأمن الدولي، لجأ الرئيس الأميركي إلى الكونغرس للحصول على موافقته على القيام بعمل عسكري ضد سوريا. ومن سان بطرسبرغ واصل أوباما اتصالاته مع النواب لإقناعهم بتأييد موقفه.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد