مقتل 45 عراقياً و البرلمان يفشل في تعديل الدستور
فشلت القوى السياسية العراقية الرئيسية في التوصل الى اتفاق على نقاط الخلاف الأساسية في الدستور، المعلقة منذ بداية العملية السياسية، فيما يواجه رئيس الوزراء نوري المالكي تحديات داخلية، ومحاولات إطاحة حكومته، فضلاً عن ضغوط اميركية للإسراع بتعديلات دستورية تطاول مسائل أساسية بينها قانون النفط وهوية العراق واجتثاث البعث وقضية كركوك.
لمواجهة هذه الضغوط أكد المالكي (أ ب) من أن «الحرب على الإرهاب مفتوحة وطويلة الأمد»، ودعا العشائر على امتداد البلاد الى تشكيل مجلس انقاذ لتوحيد العراقيين لمحاربة تنظيم «القاعدة»، وحذر في كلمة متلفزة لمناسبة مرور سنة على تولي حكومته السلطة، «جهات خارجية» (لم يسمها) من أنها «ستدفع غالياً من أمنها» إذا أصرت على التدخل في الشؤون العراقية.
وفي إطار المصالحات العشائرية، زار وفد من عشائر سنّية مدينة الصدر أمس والتقى مسؤولين في التيار الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر لـ «دعم المصالحة الوطنية».
وضرب العنف بغداد أمس بسلسلة هجمات، أبرزها انفجار سيارة مفخخة في سوق شعبية في حي العامل، في جانب الكرخ، أودت بحياة نحو 45 شخصاً وجرحت 60 آخرين، فيما عثرت الشرطة على 24 جثة مجهولة الهوية ظهرت عليها آثار اطلاق نار وتعذيب، على ما قالت مصادر أمنية، مؤكدة مقتل أربعة طلاب وجرح 25 آخرين في هجوم بقذائف الهاون على كلية ابن الهيثم في حي الاعظمية.
وفشلت لجنة برلمانية، أعضاؤها من كتل سياسية مختلفة، في الاتفاق على القضايا الخلافية المعلقة، أبرزها الفيديرالية وتوزيع الثروات واجتثاث البعث وكركوك، وهي القضايا التي تقف حائلاً دون تحقيق توافق سياسي تعهدت حكومة المالكي بالعمل على تجاوزها في مؤتمر شرم الشيخ.
وطلبت لجنة تعديل الدستور منحها يوماً اضافياً لصوغ تعديلات نهائية على سبع نقاط خلافية. وأكد النائب عباس البياتي (من الائتلاف الشيعي) عضو لجنة التعديلات، احالة هذه القضايا على رؤساء الكتل للبت فيها وهي: هوية العراق، وقانون توزيع الثروات، وصلاحيات سلطات الأقاليم، والمادة 140 الخاصة بكركوك، فيما ظلت قضايا مثل اجتثاث البعث وتوسيع المشاركة السياسية معلقة الى اشعار آخر.
وأكدت صحيفة «لوس انجليس تايمز» أمس ان الرئيس جورج بوش يتعرض لضغوط شتى لإعادة ترتيب النظام السياسي في العراق والبحث عن قيادة بديلة لتحسين الوضع الأمني.
وتؤكد بعض المعلومات ان إطاحة حكومة المالكي دستورياً خيار تبحثه قوى سياسية مختلفة، ابرزها جبهة «التوافق» السنّية التي هددت بالانسحاب من العملية السياسية إذا لم تلب مطالبها بتوسيع نطاق مشاركة السنّة في القرار.
وكشف نائب رئيس الوزراء السابق عضو جبهة «التوافق» عبد مطلك الجبوري تحركات يقودها رئيس الوزراء السابق اياد علاوي لإحداث «انقلاب دستوري»، انتقدته اطراف مشاركة في الحكومة، واعتبرته «مؤامرة» تستهدف التجربة الديموقراطية. وأوضح بعض المصادر ان علاوي الذي خاض محادثات مع تيار الصدر لتحييد كتلته في البرلمان (30 مقعداً) ما يسمح له بجمع نحو 98 مقعداً برلمانياً من كتل «التوافق» و «العراقية» و «الفضيلة» و «الحوار». لكن مراقبين استبعدوا هذا الخيار وتحدثوا عن تحالف يتم صوغه في الكواليس يحقق مطالب جبهة «التوافق» السنّية التي تعاني بدورها من ضغوط جماعات مسلحة للانسحاب من العملية السياسية.
وفي خطوة هي الأولى من نوعها (أ ف ب)، زار زعماء مجلس «صحوة الانبار»، وهو تحالف عشائري سنّي يقاتل تنظيم «القاعدة»، مدينة الصدر أمس لـ «دفع المصالحة الوطنية الى الامام». فيما طالب مؤتمر لعشائر النجف بضم الميليشيات الى أجهزة الدولة. وقال رئيس المجلس الشيخ حميد الهايس إن الزيارة للتيار الصدري «خطوة لتقريب وجهات النظر» بين الشيعة والسنّة. واضاف الهايس ان «هذا اللقاء رسالة الى جميع الكتل السياسية كي تضع خلافاتها الضيقة جانباً وتعمل على مصالحة وطنية صادقة وتقريب وجهات النظر بين الطرفين». وتابع: «نحن نحاول من خلال هذا اللقاء الضغط على الأطراف السياسية للعمل على توحيد الصف ونبذ الطائفية المقيتة».
يشار الى ان الآلاف قتلوا منذ تفجير ضريح الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء في 22 شباط (فبراير) 2006 في أعمال عنف طائفية.
وبعد لقاء دام ساعة بين الهايس والوفد المرافق مع قادة التيار الصدري، أصدر الطرفان بيانا ًيؤكد «محاربة الإرهاب بمختلف مسمياته، واعتبار كل من يستبيح الدم العراقي ارهابياً يجب محاربته».
وأكد البيان ضرورة «السعي الى وحدة العراق وسيادته والاسراع بإكمال بناء القوات الأمنية والعسكرية على اساس وطني ومهني ليكون ذلك مقدمة لتسلم الملف الأمني في كل المحافظات».
وبدوره، قال عبدالمهدي المطيري، عضو المكتب السياسي التابع لمكتب الصدر، إن «الزيارة خطوة لتوحيد المواقف والرجوع الى ما قبل الاحتلال بين عشائر العراق ووضع أجندة جديدة بدلاً من الأجندات التي فرضت من الخارج على البلد».
الى ذلك، عقد في محافظة النجف أمس مؤتمر لشيوخ عشائر المحافظة تحت شعار «نعمل من أجل عراق اسلامي ديموقراطي موحد»، وطالب «بدمج الميليشيات بأجهزة الدولة وانهاء المظاهر المسلحة ودعم مبادرة المصالحة الوطنية وخطة فرض القانون».
وجاء في بيان صدر عن المؤتمر ان «عشرات الشيوخ ووجهاء عشائر العراق عامة والنجف وأقضيتها ونواحيها خاصة، اجتمعوا في مؤتمر يمثل العشائر وخرجوا بقرارات في مقدمها تأكيد دور المرجعية الدينية في قيادة الأمة وان العشائر ستبقى اليد الضاربة للمرجعية الدينية».
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد